التدخل التركي في الجنوب سيجبر الانتقالي للاستعانة بروسيا والصين

> د. يحيى شايف الشعيبي

> تسعى تركيا اليوم إلى محاولة استعادة مجدها العالمي على حساب الوطن العربي كله، إذ ترى بأن مجدها لن يتحقق إلا من خلال السيطرة على الوطن العربي كله، ولذلك حاولوا التغلغل إلى أعماقه عبر بواباته الثلاث الشرقية والشمالية والغربية في كل من العراق وسوريا وليبيا، وبعد أن فشلوا قرروا الاتجاه جنوبا ولاسيما بعد أن استنتجوا بأن الهيمنة على الوطن العربي مرهونة بالهيمنة على الخليج العربي وأن الهيمنة على الخليج مرهونة بالهيمنة على الجنوب العربي، ولهذا تحرك المشروع التركي في الجنوب بشكل علني عبر حزب الإصلاح الإخواني الذي اختطف شرعية الرئيس هادي ووظفها لصالح المشروع التركي وبتواطؤ من قبل الإخوان المسلمين في المملكة الذين يحاولون توظيف الحكم لصالح المشروع التركي كما يعمل الشيعة في إخضاع الوطن العربي لصالح المشروع الإيراني، وما حدث اليوم من ترويجات كاذبة من قبل قناة الحدث ضد المشروع الجنوبي إلا خير دليل على ذلك.

وإدراكا لمخاطر المشروع التركي وتوظفه للتجاذبات الدولية والاستقطابات الإقليمية وأثر انعكاساتها السلبية على الجنوب والخليج والوطن العربي يخشى الجنوبيون في هذه الأثناء بالذات من التدخل التركي تجاه الجنوب والتغلغل عبره إلى العمق العربي.

وما يعزز من القلق الجنوبي استغلال تركيا لحالة الوهن العربي بفعل الدمار الذي خلفه الإرهاب الإخواني المدعوم من قبل تركيا ذاتها. ونتيجة لما يقوم به الأتراك من مقايضات إقليمية ودولية قد تسهل من توغلهم جنوبا بهدف إسقاط الخليج من الجنوب والوطن العربي من الخليج نبه المجلس الانتقالي حلفاءنا في التحالف العربي من مخاطر المشروع التركي، ومخططات تحقيقه بالوسائل الآتية:

الأولى: وتكمن في التدخل المباشر لبسط السيطرة الكاملة على الأمة العربية بالقوة العسكرية التركية كما حدث في العراق وسوريا وليبيا.

والثانية: وتتمثل في التدخل غير المباشر في الوطن العربي من خلال تمكين حزب الإخوان الإرهابي من السيطرة على الحكم، بهدف إقلاق الأمن والسلم الدوليين كما هو الحال في المملكة وكما حدث في مصر أيام الرئيس مرسي الإخواني، مما يؤدي بالدول الكبرى إلى استخدام القوة لتدمير الدول العربية بهدف القضاء على الإرهاب وحينها يتمكن الأتراك عبر الإخوان من السيطرة على الوطن العربي كله.

والثالثة: وهي الأخطر وتتمثل في التدخل المباشر وغير المباشر كما هو الحال في التدخل التركي في الجنوب.

وبفعل هذه الاستراتيجية التركية الخطرة شعر العرب والجنوبيون بالذات بأن ما تبذله الدبلوماسية التركية من جهود مكثفة وخادعة على المستوى الدولي والإقليمي والعربي يشكل خطرا حقيقيا يتوجب التصدي له وإفشاله.

ورغم تحذيرات الأصوات الحرة في الغرب من خطورة السياسة التركية على مصالح بلدانهم تفنن الأتراك في مخادعة الغرب في كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا، بهدف جذبهم إلى ترويجاتهم البرجماتية على حساب العرب من خلال إيهام الغرب بأن المشروع التركي لصالحهم، وأن تركيا الجديدة لا تشكل خطرا عليهم كونها دولة علمانية وما استخدامها للدين عبر منظومة الإخوان الملغومة بالإرهاب إلا وسيلة بهدف إخضاع العرب والمسلمين عبر الإخوان للنظام العالمي الجديد، أو تفجيرهم بلغم الإخوان الإرهابي بحجة مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي بدأ جليا في المواقف الغربية الغامضة والمبهمة من قبل حلفاء التحالف العربي، ولاسيما أميركا وبريطانيا وفرنسا، إذ اتضح ذلك من خلال تغاضيهم المخجل إزاء التدخل التركي في الوطن العربي بشكل عام وفي الجنوب بشكل خاص.

وعلى المستوى الإقليمي انفضحت عورة المشروع التركي من خلال توافقه مع المشروع الإيراني لتقاسم الوطن العربي بين الشيعة والإخوان بما يؤكد زيف الصراع بينهما وحقيقة الشراكة المفضوحة كما هو الحال في التوافق بين الحوثيين وحزب الإصلاح الإخواني ضد المشروع الجنوبي المقاوم للإرهاب.

وعلى المستوى العربي اشتغلت الدبلوماسية التركية على آلية حلفائها الإخوان المعارضين والباطنيين والحاكمين على حساب سيادة أوطانهم العربية، مما جعلهم يقفون حجر عثرة أمام المشروع العربي، وهذا ما يحدث اليوم في أغلب الدول العربية باستثناء دولتي الإمارات ومصر العربية المشهود لهما في التصدي لمشروع الإخوان الإرهابي بكل قوة كما تقفان اليوم بإيجابية ضد التدخل التركي في الوطن العربي بشكل عام وفي الجنوب بشكل خاص، بعكس الموقف السلبي للمملكة نتيجة لتغلغل تيار الإخوان المسلمين في مفاصلها السلطوية المعرقلة لتيار الحداثة العربية الذي يتبناه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إذ يعمل تيار الإخوان وبوضوح ضد المشروع العربي عامة وضد المشروع الجنوبي خاصة ولاسيما دعمهم السخي لحزب الإصلاح الإخواني وتشجيعه على تسليم المناطق التي سيطر عليها في نهم والجوف ومأرب للحوثيين، وحرف مسار الحرب بشكل مفضوح ومخجل إلى الجنوب المحرر، وحين شعروا بهزيمة قوات الاحتلال اليمني للجنوب بقيادة حزب الإصلاح الإخواني المرابطة في شقرة من قبل القوات الجنوبية المسلحة سارعت المملكة إلى توقيف الحرب والدعوة إلى حوار مفتوح وطويل ومبهم بين الانتقالي وشرعية الوهم الإخوانية، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع لصالح حزب الإرهاب الإصلاحي من خلال إتاحة الفرصة للتدخل التركي في الجنوب وتمكينه من دعم قوات الإصلاح بالقوى الإرهابية من القاعدة وداعش ومدهم بالمال والسلاح بدلا من اجتثاثهم، حفاظا على الأمن والسلم الدوليين في باب المندب.

وأمام هذا المشهد التراجيدي المحزن والخطير على مصالح كل قوى السلام الداخلية والخارجية سيكون لزاما على الشعب الجنوبي أن يمارس ضغطه على المجلس الانتقالي بقيادة عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن الجنوبي بضرورة الاستعانة بروسيا والصين، بهدف وقف التدخل التركي في الجنوب حفاظا على مصالح كل قوى السلام الجنوبية واليمنية والعربية والإقليمية والدولية من خلال حماية باب المندب والخليج والوطن العربي من الإرهاب الإخواني التركي.

وقبل اتخاذه لهذه الخطوة الاستراتيجية ينبغي على الشعب الجنوبي توجيه نداءات عاجلة إلى شعوب كل القوى المشاركة والمتغاضية والصامتة عن التدخل التركي في الجنوب ودعوتها للضغط على حكوماتها للتخلي عن مواقفها الداعمة للتدخل التركي في الجنوب والطامح إلى تمكين الإرهاب من الهيمنة على باب المندب، بهدف تهديد المصالح العالمية وتوظيف ذلك لخدمة المشروع التركي.

فإن لقيت هذه النداءات الموجهة من قبل الشعب الجنوبي بكل نخبه ومثقفيه ومفكريه المقاومين للإرهاب والموجهة إلى شعوب كل القوى التي تدعم تدخل تركيا في الجنوب نتائج إيجابية ينبغي العمل على تعزيزها وصولا إلى وقف التدخل التركي في الجنوب.

وإن لم تأتِ بنتائج إيجابية سيكون شعب الجنوب حينها قد أدى الأمانة ولا عتب عليه أن دفعته ضرورة الحفاظ على مشروعه السيادي المقاوم للإرهاب إلى الضغط على المجلس الانتقالي بهدف إجباره على ضرورة الاستعانة بالقوة العظمى في كل من روسيا والصين لتوقيف التدخل التركي، ليس من باب الدفاع عن الجنوب والخليج والوطن العربي من المشروع الإرهابي التركي فحسب، بل لإنقاذ الأمن والسلم الدوليين من مخاطر الإرهاب التركي الإخواني في أهم موقع استراتيجي متحكم بمستقبل ومصير النظام العالمي القادم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى