بن دغر والسلام

> صلاح السقلدي

> دعوة د. أحمد عبيد بن دغر لوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية هي دعوة طيبة، وتستحق التوقف عندها، خصوصا أنها تأتي من شخصية تشغل موقع مستشار رئيس -ولو افتراضيا- برغم ما شابها من تناقض ومن تغييب للقضية الجنوبية، وشروط مسبقة.
فهذه المرة لم يذكر بن دغر مرجعيات الحل الثلاث المزعومة، ولم يشر إلى دولة الستة الأقاليم ولا لمخرجات الحوار، واكتفى بالإشارة إلى دولة اتحادية. وهذا تغير ملموس في مواقفه المتصلبة السابقة، مع أننا لا نركن إلى ثبات مواقفه التي عودنا أن تكون انتهازية ومتغيرة بحسب رياح المصالح الذاتية.

فوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية حقيقية سقفها السماء هي ضرورة ومصلحة لكل الأطراف، بما فيها الطرف الجنوبي.

قال بن دغر: الحرب أنهكت كل الأطراف، بما في ذاك التحالف العربي الذي وقف مع الحق ومع الشرعية، وحاول استعادة الدولة، فاستُنزفت إمكانياته المادية والمعنوية، ولم يسلم من التآمر. لم يعد الخيار العسكري لدى كل الأطراف متاحا. سيتطلب الأمر قرارات شجاعة وصادقة ورغبة حقيقية في السلام من طرفين رئيسين هما الحوثيون والمجلس الانتقالي، (قرارات متحررة من كل قيد).

بن دغر هنا يقر صراحة بفشل هدف استعادة السلطة في صنعاء وفشل التحالف وسلطته في مهمتهما، بل تتضح حالة القنوط التي تتملكه -ربما للأحداث الأخيرة في سقطرى شأن بارتفاع منسوب اليأس لديه، وهي التي حثته على إطلاق دعوة وقف الحرب- فقبل يومين كان في قمة الانتشاء، ويدعو لاستمرار الحرب، ويضرم نيرانها بقوله: "العدو يُهزَم في مأرب والجوف والبيضاء، معاركنا هناك هي معارك الصمود والبطولة، هي خط المواجهة الحاسم دفاعاً عن اليمن كل اليمن. كل الدعم للجيش الوطني في مأرب والجوف والمقاومة الوطنية في البيضاء والضالع وكل الجبهات..." إلا أنه تهرب في دعوته لوقف الحرب والشروع بالسلام من الإشارة إلى تسمية الجهة التي أفشلت التحالف، وعمد إلى مطالبة الانتقالي والحوثيين بقرارات شجاعة وبرغبة بالسلام. هو نفسه، أي بن دغر، وسلطته يفتقران لهذه لشجاعة وللرغبة لسلام حقيقي، وتحاشى الإشارة إلى أن سلطته لا تمتلك أمرها ولا قرارها، وإلى أنها مسلوبة الإرادة في فنادق الرياض، فضلا عن عدم رغبتها بسلام حقيقي شامل وبإشراك كل القوى الفاعلة بأية مفاوضات، وبالذات الطرف الجنوبي، لأن سلاما كهذا سيعني لها -أو بالأحرى للقوى النفعية الماسكة بتلابيبها التي تثري باضطراد من هذه الحرب، وترى في وقفها وقفا لمساربها المالية والمادية- انتزاعا لمناصبها ووجاهتها ومكاسبها، فهذه السلطة ترى في أي تسوية سياسية نهاية حقيقية لها ولمستقبلها، وبالتالي، لم يكن لدعوتها بوقف الحرب والسلام أي معنى، إن لم تغير من سلوكها التواق لاستمرار الحرب وإبقاء طفيلياتها النفعية تقتات على أشلاء الضحايا، فالذي يقدم نفسه كشرعية مطلقة بالداخل والخارج، هو المعني قبل غيره في إثبات رغبته بوقف الحرب وبجديّـه بالتوجه إلى طاولة السلام ، وهو المطالب بأن يكون قدوة في ذلك، وليس كابحا لها أو مدعي سلام زائف.

وعلى كل، تظل دعوة بن دغر، ولو شكليا، دعوة طيبة وومضة ضوء في ظلام دامس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى