يجب على أوروبا أن تستمر في دعم الشعب السوري

> يدخل الصراع في سوريا عامه العاشر. مضت عشرة أعوام من الحرب و المعاناة و الأسى. و لم ينتهِ هذا بعد. يستمر السوريون في العيش بخوف و يأس في ظل مستقبل مقيّد. لقد أرغمت الحرب نصف السكان على الفرار من منازلهم في العقد المنصرم، و يواجه هؤلاء الذين بقوا أزمة اقتصادية غير مسبوقة و تهديد جائحة كورونا.

في مؤتمر بروكسل الرابع حول دعم مستقبل سوريا و المنطقة بتاريخ 29-30 يونيو، سيجلس أكثر من 80 بلداً و منظمة إقليمية و دولية و وكالات الأمم المتحدة حول طاولة مستديرة افتراضية لتناول الأبعاد الرئيسية للأزمة السورية: السياسية و الإنسانية و المالية و الإقليمية. سنعيد تأكيد دعمنا القوي لجهود الأمم المتحدة من أجل حل سياسي للصراع و لأحكام قرار مجلس الأمن الأممي 2254. إن حلاً سياسياً يتم التوصل إليه من خلال حوار شامل يملكه السوريون و يقودونه بوساطة الأمم المتحدة هو السبيل الوحيد للتوصل إلى سلام مستدام في سوريا. إن البديل هو المزيد من البؤس الذي يسبّبه تعنّت النظام فاقد المصداقية منذ زمن طويل.

هذا العام، إضافة إلى الأزمة الإنسانية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، أمست سوريا على شفير انهيار اقتصادي. إن سوء إدارة النظام  للاقتصاد و الفساد واسع الانتشار و الأزمة المالية في لبنان المجاور و جائحة كورونا جميعها عوامل أثقلت كاهلَ الاقتصاد. الوضع وخيم. تواجه سوريا أعلى معدل تضخم إلى الآن إلى جانب انخفاض قياسي في قيمة العملة الوطنية. تفيد التقارير أن ثمانية من أصل عشرة سوريين يعيشون في الفقر، و باتت القدرة الشرائية الحقيقية للذين يتقاضون أعلى الرواتب ضعيفة. أمست السلع الأساسية شحيحة، و أضحى الناس العاديون عاجزين عن تحمّل كلفة الغذاء و الأدوية.

يصبو السوريون إلى ما يصبو إليه كل إنسان و أسرة في أية بقعة أخرى في العالم: الأمان الشخصي و الوظائف و مستقبل لأولادهم. بعبارة أخرى، يحتاجون إلى آفاق المستقبل. يدعم الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء فيه السوريين في كل مكان منذ نشوب الصراع. إذ تمّ تأمين أكثر من 20 مليار يورو من خلال المساعدات الإنسانية و معونات ترسيخ الاستقرار و متطلّبات الصمود منذ عام 2011 – من أجل السوريين في سوريا و دعماً لبلدان الجوار.

نعرب عن بالغ الامتنان لما يُبديه الأردن و لبنان و تركيا على وجه الخصوص من تضامن. فهي ترعى أكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري. تواجه هذه البلدان أوضاع داخلية معقدة، و هي بحاجة مستمرة إلى المساعدة لتلبية احتياجات متزايدة للاجئين و لشعوبها. إن الاتحاد الأوروبي يساعدها أيضاً. مساعدتنا استجابة للأزمة السورية لا تعود بالفائدة على اللاجئين السوريين وحدهم، بل أيضاً على الشعب اللبناني و الأردني و التركي، لخلق فرص العمل و إنشاء البنى التحتية بما في ذلك المدارس، و أيضاً تحسين الخدمات الصحية و المياه.

ساعد صندوق الاتحاد الأوروبي الائتماني الإقليمي (مداد) المجتمعات المحلية في لبنان و الأردن في تأمين الدخل الأساسي وتوفير الخدمات الصحية و التعليم وغير ذلك الكثير، لضمان مدّ اللاجئين السوريين و المُضيفين المحليين على حدّ سواء بأساسٍ لبناء مستقبل أفضل. في تركيا، يدعم الاتحاد الأوروبي شبكة أمان اجتماعي للطوارئ، ويتيح للاجئين السوريين الحصول على خدمات صحية تركية عالية الجودة، والالتحاق بالمدارس.
في سوريا ذاتها، نقوم بما في وسعنا لدعم سبل العيش و دعم المجتمعات المحلية و تحفيز أساسيات الحياة الاقتصادية.

منذ عام 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ استجابةً لما يقوم به النظام و داعموه. إن الهدف من تلك التدابير هو الضغط على النظام السوري لوقف القمع و التفاوض من أجل تسوية سياسية مستدامة للأزمة السورية انسجاماً و قرار  مجلس الأمن الأممي 2254 و برعاية الأمم المتحدة.
تستهدف تلك العقوبات أفراداً و كياناتٍ محددة و هي لا تستهدف الشعب. و هي لا تمنع تأمين المعونة الإنسانية أو تصدير الغذاء أو الدواء أو التجهيزات الطبية.
اليوم، نريد أن نخبر الشعب السوري و شعوب البلدان التي تستضيف اللاجئين بأننا ندرك معاناتهم، و بأننا مهتمون و سنواصل الوقوف إلى جانبهم.

نعلم أن حلم اللاجئين السوريين الأغلى على قلوبهم هو العودة إلى الوطن. نحن على استعداد لجعل الحلم حقيقة لدى توفر الشروط. لكن إلى أي وطن؟ من غير الواقعي أن نتوقع عودة اللاجئين إلى تهديدِ التوقيف أو التعذيب أو الإجبار على خوض حرب أرادوا الفرار منها. ينبغي ضمان أمان حياتهم و ممتلكاتهم. و نعلم أن الاستقرار الضروري من أجل المصالحة و إعادة إعمار سوريا سيتوفر فقط عندما يتخلى النظام عن الوحشية و يباشر في عملية حوار سياسي حقيقي، مدعومة بتغييرات و خطوات ملموسة من شأنها مداواة جروح سوريا.
سيظّل هذا هدفنا. شعارُنا هو أن الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبل سوريا. بصفتنا الاتحاد الأوروبي، سنقف إلى جانب الشعب السوري في ذلك.

*جوزيب بوريل هو نائب رئيس المفوضية الأوروبية  حول سوريا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى