صادمٌ ما يحدث في تعز

> غير مفاجئ لي ما يحدث في تعز من جرائم وصلت في بشاعتها حداً يثير القرف والاشمئزاز، وما يبعث على الغضب هو صمت الناس وتجاوزهم عن هذه البشاعات.
فقد أصبحت تعز نموذجاً للانهيار الأخلاقي والمجتمعي وغياب سلطات الدولة، وفاقم من الكارثة هروب الذين يزعمون أنهم ممثلون لها سواء كانوا قادة أحزاب أو أعضاء في جهاز الشرعية أو مجلس النواب وتخليهم عن مسؤولياتهم في حين أنهم ما زالوا يستلمون مقابلا ماديا مجزيا بالعملة الصعبة.

وما يحير هو إصرار هؤلاء على الغياب وعدم العودة بدون مبرر أخلاقي مقنع، خاصة أن أغلبهم ينحدر من مناطق لم يعد للحوثيين تواجد فيها، ومن السخرية الحديث عن انعدام الأمن والخدمات في تلك المناطق كما لو كان المواطنون هم المعنيون بتوفير الأمن وبتحسين الخدمات حتى يعود ممثلوهم.
وإذا كان من المقبول فرار ممثلي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فلا عذر ولا مبرر لبقاء ممثلي تعز في مجلس النواب خارجها ونفس الأمر ينطبق على كل قادة الأحزاب.

فكيف يستقيم الأمر في الواقع إذا كان هؤلاء غير مستعدين للاقتراب من الناس والتعامل مع قضاياهم والتعرف على مشاكلهم ومتاعبهم ومعاناتهم؟! وليس عبر الحوالات المالية لقادة المليشيات التابعة لهم ولا عبر الواتساب.
المحافظة تحتاج إلى قيادات تحبها لا إلى شخصيات ترى في مصائب تعز مصدرا للمزيد من الدخل المادي، ولا تحتاج مليشيات ممولة لأغراض لا علاقة لها باستعادة الدولة وليست بحاجة إلى عصابات ترعب الناس.

وفي هذا المقام يتحمل حزب الإصلاح مسؤولية أضخم من غيره لوزنه العسكري ونفوذه في مؤسسات المحافظة المدنية والأمنية والعسكرية، ولا يمكنه التنصل عنها تحت أي مبرر.
كتبت في 18 مارس 2018 عن تعز في صحيفة (عكاظ):

"أفقدت الحرب قيمة تعز المدنية والثقافية ودمرت البنى الاجتماعية ومزقت نسيجها المحلي، وصار الحديث عنها جالبا للأحزان والمخاوف من المستقبل ومعه مناظر تذكرنا بما حدث في مدن عربية أخرى دمرتها الأحقاد والكراهية، ورغم كل هذا استثمر عدد من قياداتها الحزبية ونفر من شخصياتها السياسية كل هذه الكوارث لجني المكاسب المادية وتعطيل أي مساعٍ لوقف الحرب داخلها بل عمدوا إلى إطالتها والاستفادة من ذلك".

تعز تحتاج إلى هيئة شعبية لا ترتبط بالأحزاب ويكون لها الدور المجتمعي الأهم في دعوة الناس إلى لقاءات لا تستثني أحدا، وتكون مهمتها حشد كل الجهود لوقف القتل والإصرار على أن الدولة وحدها لها حق حيازة السلاح الذي صار مظهرا للحالة البائسة التي بلغتها تعز كما لا يحدث في تاريخها.
* دبلوماسي سابق​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى