انتهى الحلم الجميل

> فؤاد باضاوي

> كان فارساً لا يشق له غبار. ماهر في العزف على آلة العود، ومشروع ملحن متمكن من أدواته، رافق وزامل والده المبدع (فيصل علوي) في حله وترحاله واكتسب منه خصالاً كثيرة في العزف والغناء ومداعبة الجمهور. فنان عزف على أوتار القلوب وسكن الذاكرة، اطمأن الجمهور على مستقبل الغناء اللحجي بقدومه. فنان شامل على مختلف جبهات الفن غناءً وعزفاً وألحاناً، علوي فيصل علوي سعد ابن الحوطة ولحج الخضيرة كان شاباً وديعاً خلوقاً موهوباً تشرب الموروث اللحجي من والده، ودرس الموسيقى في العاصمة (عدن).

عملت معه لقاء ذات يوم لموقع المكلا اليوم الإلكتروني لزيارته مدينة المكلا لإحياء زواج أحد أبنائها، وزرت معه الفنان الراحل (كرامة مرسال) في بيته بفوة مع أخيه (فارظ)، وطلب منه مرسال سماع بعض أعماله الخاصة وأثنى عليه، وقال عنه (ابن الوز عوام) أحب مرسال والفنان الخالد (محمد جمعة خان) سألته اليوم تأتي لوحدك بعد رحيل الوالد عن الدنيا قال أشعر أن شياً ينقصني، لقد كان بالنسبة لي كل شيء الله يرحمه.

هبت الناس وادنيا لمن باتكوني

والمحبين سابوني ولا ودعوني

ما يفيد الشكى والبكى يا عيوني

لو يقع للشواني حي با يدفنوني

علوي فيصل ترعرع في بيت الفن وعشق الغناء والطرب من والده الأسطورة الفنية، وكان مرافقاً دائماً له في كل رحلاته الفنية، واكتسب الثقة والخبرة من والده الذي قدمه للجمهور بعد أن أيقن أن صغيره بإمكانه العوم في بحر الغناء والطرب بتفان وإتقان، وعرفته الناس رويدا رويدا، وقال لي: رحمه الله أتذكر أن الوالد طلب مني تركيب صولات العود في إحدى تسجيلاته بالقاهرة، ويومها أيقنت أنني عازف عود يملأ العين.

منحني ملك العود فرصة الظهور على المسرح، وقال لي: إذا ترى عندك مقدرة تركب هذه الآلة فقدم نفسك للناس، وإذا لم تر فيك الاستطاعة فالانسحاب أفضل.

ومن يومها وأنا أتعلم منه الكثير، تسلق علوي سلم الإبداع مبكراً وامتطئ حصان التفوق وتفنن في التعاطي الرائع مع فنون السلم الموسيقي، وخاطب القلوب والعقول بلغته بعيداً عن والده، وقلدته لحج القمندان وسام الأمان والفن واطمأن اللحجيون على مستقبل الأغنية اللحجية بعد رحيل العملاق فيصل حتى أن بعضهم قال: فيصل لم يمت ومن خلف ما مات، ويا ويلك على قلبي يا ظالم كويته

أمنتك على حبي لكنك نسيته

والعشرة لها شيء عاد في قلبك مكان

من ظلم الحبايب آه من غدر الزمان

وتشاء الأقدار أن يتوقف البلبل اللحجي علوي عن مواصلة مسيرة العطاء والإبداع وتتوقف الآمال وتنتهي الأحلام، فقد حان وقت الرحيل الأبدي عن دنيانا، لتصاب لحج والوطن بالصدمة، فهي لم تفق بعد من صدمة رحيل فيصل، حتى رحيل نجله للحاق بركب والده ومعلمه وملهمه ليؤنس وحشته، فخيم الصمت على أسرته التي وجدت فيه الخليفة في وفاة فيصل.

وداعاً أيها الفتى النبيل تركت في القلب حزناً وفي الحلق غصة شكلت ثنائياً مع معجزة الغناء اللحجي في الحياة وفي الموت معاً. رحلت أبا سعد وأي رحيل رحلت، وداعاً يا بلبلنا الشادي، وإننا لمحزونون.

غلطتك غلطة فضيعة ما أنت عارف حجمها

شفتها قدام عيني وانتهى حبك بها

وانتهى الحلم الجميل

ما حصل أكبر دليل

والذي بيني وبينك

كان ماضي وانتهاء

ودعتك لحج بالدموع الغزيرة مثلما ودعت والدك قبلك، وانطفأ النور انطفاء، لكن حكمة الخالق عز وجل فكل نفس ذائقة الموت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى