لمصلحة من يدفع بالجنوب إلى حافة الهاوية؟

> قاسم عبدالرب العفيف

> تشير الوقائع إلى أن هناك من يدفع بالجنوب إلى شفير الهاوية بشكل متعمد منذ تحرير عدن والجنوب، والأطماع تتجلى لبعض الجهات بأن لديها خططاً لملء الفراغ، ومنذ البداية كانت تعد العدة للسيطرة على عدن والمحافظات المجاورة لها عبر أدواتها الإرهابية، وتحويلها إلى أمارة داعشية، ولما فشلت أوعزت لدواعشها في المكلا بالسيطرة على المدينة على الرغم من وجود قوات ضخمة هناك تابعة لنظام 7/7 هذا النظام الذي انقسم قسمين قسم ظل في صنعاء مع الحوثي والقسم الآخر تحول إلى الشرعية، وأصبح المتحكم بمفاصلها وظلت القاعدة تسيطر على المكلا حتى تم تحريرها في أبريل من عام 2016، وأما في عدن تحولت إلى تنفيذ خطة(B) وهي تعطيل الخدمات الضرورية وتجميد حياة المواطنين، بل يقومون بإصرار على إذلالهم وتجويعهم بحجب مرتباتهم والعالم يتفرج ولا يحرك ساكناً حتى المبعوث الدولي كل إحاطاته المتكررة لمجلس الأمن لا يتذكر أن هناك شعباً في الجنوب موجود على الخارطة.

لا أحد يعرف هل تحرير عدن والجنوب خلال أشهر قليلة أنجزه أبناء الجنوب بدعم التحالف كان غلطة سيعاقب عليها شعب الجنوب بهذه الفظاعة والحدة؟ وهل الجنوبيون بتماهيهم مع المشروع العربي كما كانوا يعتقدون أن ذلك كان واجباً عليهم أيضاً؟. هو السبب في تحويل حياتهم إلى جحيم. حتى الآن ما زال الجنوب يتحمل كل هذه الصدمات بصبر، لكن السؤال هل هناك جهات تريد أن تدفع الجنوب ليتخذ مواقف متطرفة لكي تحصل على مبرر بالتخلي عن التزاماتها، وتذهب بعيداً لتسوية الأوضاع الأخرى، وتتجاهل قضية الجنوب واستحقاقاتها الوطنية؟.

شعب الجنوب كالبحر إن هاج يلفظ الأجسام العفنة والغريبة والحذر من الاستمرار في إهانته وإذلاله، فلا أحد يستطيع التنبؤ بالعواقب مستقبلاً.

السؤال كيف تحولت بوصلة الشرعية من اتجاه صنعاء إلى عدن؟ وهل الجنوب هو الذي طرد الشرعية وسلبها الحكم أم أن هذه الشرعية لجأت للجنوب واحتضنها ودافع عنها وسلمها الأرض لكي تقف عليها أمام الانقلابيين؟. من خلال الوقائع نستنتج أن ما جرى في صنعاء من انقلاب وطردها من صنعاء يعتبر مسرحية أعدت فصولها بإحكام، والهدف كله هو استدراج التحالف، ومن ثم استنزافه بمساعدته لتتم إعادة احتلال الجنوب لإحكام السيطرة عليه مرة أخرى، وإعادة تقسيم ثرواته من جديد لكي يستوعب من تم إقصائه في الاحتلال الأول عام 94م.

وقائع سير الحرب خلال ست سنوات من خلال الدعم الهائل الذي قدم للشرعية من قبل التحالف يمكن أن يحرر عشر عواصم عربية وليس صنعاء لوحدها.

شاهدنا المعارك عبر شاشات التلفزيون، لكننا كنّا نرى النتيجة أن جيش الشرعية أخلى الجبهات واحدة تلو الأخرى دون معارك، وتنسحب قواته تاركة الأسلحة والمعدات وراءها، ونجد هذ الجيش في لحظات وهو يعبر الحدود الجنوبية بحرية تامة ويهرول نحو العاصمة عدن للاستيلاء عليها تاركاً (عدوه اللدود) خلفه في أمان وسلام، بينما لا زالت القوات الجنوبية تقاتل في مواقعها بالمحافظات الشمالية، ولم تخلي مواقعها للانقلابيين حتى الآن.

ولقد أوقفت حياة الناس في المحافظات الجنوبية عمداً لكي تأتي اللحظة المناسبة لكي تنقض عسكرياً على الجنوب، ويكون الطريق أمامها بعد أن أحدثت صدعاً كبيراً في حياتهم لكنها فشلت رغم المحاولات المتعددة حتى اللحظة، ولهذا تحولت إلى خطة (C) وهو الدفع بعشرات الآلاف من المواطنين الشماليين إلى الجنوب للنزوح بحجة الحرب، ويقوم نظام 7/7 بالصرف على إقامتهم في عدن والجنوب من دخل المحافظات الجنوبية، ويمنع دفع مرتبات الجنوبيين بشكل متعمد لإذلالهم وتركيعهم، وهي بذلك النزوح تريد تغيير الوضع الديمغرافي في الجنوب بالسيطرة على أي مساحة فاضية في عدن حتى الشواطئ والجبال، وبهذا التصرف يعتبر إعلان حرب على الجنوب بطريقة أخرى لن يقبله الجنوبيون مهما كلفهم من ثمن، لأن ذلك يدخل في إطار الإبادة الجماعية للاستيلاء على أرض وشعب آخر. وعلاوة على ذلك هناك خطة (D) وهي تشجيع اللجوء من القرن الأفريقي إلى عدن والجنوب على الرغم من أنها مناطق حروب ليست مؤهلة للجوء، وعدن تعج بعشرات الآلاف من الأفارقة وهناك من يمولهم، ورواتبهم تصل بانتظام عبر مراكز الصرافة.

وهناك تعد خطة جديدة (E) هي نقل مركز الثقل المالي لنسخ من شركات حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) إلى عدن، ومنها شركة سبأ فون وجامعة التكنولوجيا وجامعة الإيمان والمعاهد العلمية، كما تم نقل معاهد دينية توزعت على محافظات الجنوب تدرس أجيالاً خارج نطاق التعليم الحكومي.

كل هذه وغيرها من الأمور التي لم تظهر إلى الآن هي عملية إحكام السيطرة على الجنوب من كل النواحي العسكرية والأمنية والاقتصادية والتجارية والدينية وأيضاً توفير قاعدة سكانية لاستخدامها لتنفيذ الأجندات التي تريد تنفيذها في الجنوب، وهي عملية استكمال لما تمت السيطرة عليه في السابق من قطاعات نفطية وغاز وشركات الأسماك، وكلها شركات تابعة لقيادات في نظام 7/7 تريد بكل هذا ضمان تواجدها في الجنوب، أما العودة إلى صنعاء فأصبحت مستحيلة إلا بشروط الحوثي، وهذا ما سيتم لاحقاً أو يجري التفاوض عليه حالياً.

وعندما أضاعوا دولتهم في صنعاء استقبلهم شعب الجنوب في عدن وهم هاربون، وحرر لهم الجنوب وعدن وقدم لهم أرض لكي تستمر شرعيتهم، لكنهم أبو إلا أن يجازوا هذا الشعب الحر الكريم بما يفعلون الآن من تصرفات حمقاء، ويعتقدون أن ذلك سيمر ويتغطون تحت الشرعية الدولية والتحالف العربي.

كل هذه الخطط التي تديرها هذه الجهات تدفع لانهيار السلم الاجتماعي في الجنوب وإغراقه بفيضان بشري وينتشرون في المدن الجنوبية، وهذه العملية مبرمجة، وإلا كيف لنازح أن يمكنه شراء المنازل وتعمير البيوت والاستثمار، أما في عدن ينتشرون في الجبال والمتنفسات والأحياء السكنية وفي بناء العشوائيات، وهذا يعني أن هذه السياسة ترمي إلى إحلال سكان مكان آخرين، وفي نفس الوقت تعرقل كل اتفاقات الرياض 1 و 2، وتماطل لكسب الوقت حتى تضع الحنوبيين في مأزق.

لا أحد يعلم ردة فعل الجنوب تجاه هذه السياسية الخرقاء وأي عقل جهنمي هذا الذي يخطط لمثل هذه الأمور؟. نحن فهمنا بأنها أقفلت باب العودة إلى صنعاء، لكن أن تزج بالناس في حروب أهلية قد تصل إلى مستوى مثل ما حدث في مناطق أخرى من العالم لا سمح الله، وهذا الذي يجب على التحالف العربي ومجلس الأمن أن ينتبه له قبل أن يقع الفأس بالرأس، وحتى لا يشاركوا في تحمل المسؤولية عن أفعال نظام 7/7 نامل فهم الوضع في اليمن والجنوب من قبل والتحالف والأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن، وعدم تكرار التساهل، والجدية في التعامل مع الأزمة اليمنية التي نشأت منذ توحيد الجنوب مع الشمال وما جرى في الماضي من التعاطي معها، وكأنه لا تخص إلا المتصارعين على الساحة وسمح الإقليم والعالم في حسمها لصالح طرف في العام 94 م، واعتقد الكل أن الأمر انتهى عند هذه النقطة، وحاول الجميع طي الصفحة وكأنها من الماضي، وسارت العملية وكل يرى ويهتم بما يخصه من المشهد دون مبالاة لنتائج ما حصل ويحصل لبقية المشهد السياسي، واكتفى كل منهم بأخذ نصيبه من الكعكة ولم يتصور أحد أن البركان لا زال تحت الرماد منتظراً اللحظة لكي ينفجر، فالجنوب لديه صاحب وهو شعبه، وتجاوزه يعني إشعال فتيل حروب متعددة مستقبلاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى