إقصاء الكادر الجنوبي.. كيف سيطر الحوثيون على قرار البنك المركزي في عدن؟

> تحقيق خاص

> منذ سبتمبر 2016م وقرار الشرعية نقل البنك المركزي إلى العاصمة الجنوبية عدن ظلت صنعاء عاجزة عن التأثير على إدارة البنك، التي أصبحت كل سياستها تخدم أبناء المحافظات الجنوبية والمحافظات المحررة على وجه الخصوص، رغم بعض التحديات التي واجهها البنك وإدارته طيلة تلك الفترة.

ومن أهم تلك القرارات التي ما زالت تكتب لقيادة البنك ومحافظه السابق منصر القعيطي هي أنه قام بفتح باب التوظيف والمنافسة العلنية على وظائف البنك من قبل أبناء المحافظات الجنوبية عند توظيفه عددا من أبناء المحافظات الجنوبية الحاصلين على شهادات متعددة وخبرات مصرفية متخصصة، وذلك رغم جوانب القصور في العمل الاقتصادي لفترته.

ولكن كان اتجاه المحافظ حينها منصر القعيطي يقضي بأن يتم توظيف كادر جنوبي من القيادات الشابة والمؤهلة والتي حرمت خلال الـ30 السنة الماضية من الحصول على فرص عمل في هذه المؤسسة المالية العريقة والتي كانت حكراً على أبناء المحافظات الشمالية وبعض ممن كان لديهم قرابة أو محسوبية من بعض الجنوبيين والذين لم تتجاوز نسبتهم في تلك الفترة 2 % من إجمالي عدد الموظفين في صنعاء وباقي المحافظات اليمنية في حينها، وكانت تلك الوظائف في مركز البنك في صنعاء وفروعه في المحافظات جميعها حكراً على الشماليين بما فيها مدراء الفروع في مختلف المحافظات والذين كانوا عادة يأتون من محافظات شمالية.

وفي العام 2017م تم اختيار عدد من أولئك الشباب من أبناء المحافظات الجنوبية المحررة في قطاعات البنك في عدن، وأهمها قطاع العمليات المصرفية الخارجية وقطاع العمليات المصرفية المحلية وكذلك قطاع الشؤون الإدارية والمالية، حيث كان لتلك القرار فاعلية في تطوير أداء البنك في عدن، وذلك لكون الكوادر التي تم اختيارها كانت بطريقة تنافسية رغم بعض التجاوزات التي كانت في عملية اختيار الموظفين في قطاع العمليات المصرفية الخارجية، ولكن غلب الطابع الجنوبي عليها.

إلا أن خطأ المحافظ السابق منصر القعيطي كان في عدم تفعيل قطاع الرقابة على البنوك خلال فترة إدارته للبنك المركزي في عدن، وذلك لعدد من الأسباب، أهمها فترته القصيرة في إدارة البنك والتي لم تتجاوز السنة والنصف.
وقائع سرية لم تُعرض من قبل في الصحافة
في أواخر فترة المحافظ منصر القعيطي كان هدفه قبل قرار إقالته تفعيل قطاع الرقابة على البنوك والصرافين، والذي تم تعيين وكيل جنوبي في حينها وهو الأستاذ حسين المحضار، وقد تواصل حينها المحافظ القعيطي مع بعض الأشخاص لنقلهم للمركز الرئيسي في عدن ورفضوا وتم نقلهم في فترة المحافظ محمد زمام وعلى رأسهم وكيل القطاع المساعد الذي كان يعمل في صنعاء حتى العام 2018م والذي كان أحد شروطه الرئيسة لقدومه إلى عدن أن يتم تعيينه وكيلاً أو وكيلاً مساعداً لقطاع الرقابة على البنوك، وأما شرطه الآخر فهو أن يتم قبول فريق عمله الذي معه وعددهم 5 أشخاص من قطاع الرقابة في صنعاء، وأن يتم تسكينهم في درجات وظيفية عالية، وألا تقل تلك الدرجات عن مدير عام مساعد في قطاع الرقابة على البنوك في عدن، إلا أن ذلك الأمر لم يوافق عليه منصر القعيطي ورفضه جملة وتفصيلاً، وقال حينها لمنصور راجح "إن أحببت القدوم إلى عدن مديراً عاماً للرقابة وفي ظل طاقم شبابي جنوبي من أبناء عدن فمرحباً بك، أما غير ذلك فمن سابع المستحيلات"، وتابع مقولته للمجتمعين حينها في ظل وجود رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر "إن قطاع الرقابة يمثل قلب البنك النابض وشريانه الفعال وأداة نجاحه، وهذا القطاع لابد أن يكون بيد موثوقين حتى نضمن نجاح البنك في سياسته النقدية"، وظل ذلك القرار هو خير قرار للرجل حتى يومنا الحاضر.

إلا أنه بعد إقالة المحافظ منصر القعيطي بخمسة أشهر، وتحديداً في شهر أغسطس من العام 2018م، قام المحافظ الجديد محمد زمام باستدعاء 6 أفراد من طاقم قطاع الرقابة على البنوك والصرافين في صنعاء، وعلى رأسهم الوكيل المساعد الحالي، وتم تعيينهم وتوزيعهم في عدد من القطاعات المهمة والحساسة في البنك في عدن، وأهمها وحدة جمع المعلومات وغسل الأموال ومكافحة الإرهاب، ومديرها العام قادم من صنعاء، وكانت درجته رئيس قسم.

تلاهم 4 مدراء عموم مساعدين في قطاع الرقابة على البنوك، وجميعهم كانت دراجاتهم الوظيفية لا تتعدى نائب مدير إدارة، وأدناهم رئيس قسم.

أخيراً: الإدارة العامة للنقد الأجنبي وشئون الصرافين تم فيها تعيين أحد القادمين من صنعاء رغم الشبهات والمخالفات الإدارية والمالية عليه واستبعاده من صنعاء.

وخلال تلك الفترة تم منح هؤلاء الهاربين من صنعاء مزايا وظيفية ومعنوية، وقام البنك المركزي في عدن باستئجار عمارة في مديرية كريتر بمبلغ شهري يتجاوز 20 ألف دولار كإيجار لـ15 شقة، وقام البنك بعملية تأثيث كاملة من كل المستلزمات والأثاث والمفروشات والتي تعد مخالفة صريحة لكل لوائح البنك الداخلية والتي تعتمد مبلغ 150 ألف ريال يمني بدل سكن لكل شخص يعمل في البنك في حالة تم طلبه من المركز الرئيسي ونقله من أي فروع البنك.

بلغت تكاليف التأثيث لتلك المجموعة بما فيها الوكيل المساعد ما يقارب 3 ملايين دولار أمريكي خلال تلك الفترة، علماً بأن سعر البنك الداخلي للدولار 380 ريالا في حينها، وكان كل ذلك على مرأى ومسمع العديد من كوادر البنك الشابة والجنوبية العاملة والتي ظلت مهمشة في قطاعات البنك الداخلية والتي ليست لها صلة بقطاع الرقابة، وقام هؤلاء بالسيطرة على قطاع الرقابة في البنك، لكون الدرجات الوظيفية الممنوحة لهم تجعلهم يسيطرون على كل القرارات الصادرة عن البنك وقطاع الرقابة.

ولكن ما يدور في ذهن العديد من كوارد البنك الجنوبيين في عدن هو:
  • هل هؤلاء القادمون من صنعاء هدفهم الأول والأخير هو نجاح البنك المركزي في عدن وتدريب كوادره الجنوبية الشابة الجديدة، بحكم الخبرة التي تدعي قيادة البنك الحالية ممثلة بنائب المحافظ الحالي؟ وهل سيكون على أيديهم نجاح البنك في عدن وقطاع الرقابة؟
  • ماذا عمل الفريق القادم من صنعاء؟
  1. قام الوكيل المساعد لقطاع الرقابة على البنوك بتهميش الوكيل حسين المحضار تحت ذريعة عدم قدرته على استيعاب مهام وإجراءات الرقابة على البنوك والصرافين خلال السنوات الثلاث الماضية، وأصبح قرار قطاع الرقابة رهينة بين وكيله المساعد وطاقمه القادم من صنعاء.
  2. يتم إنجاز العمل في قطاع الرقابة، وخاصة فيما يتعلق بالتقارير الخاصة بالبنوك والصرافين في حلقة مغلقة لا تتعدى الوكيل المساعد وكادره القادم من صنعاء، ويمنع الموظفون في قطاع الرقابة والتفتيش وخاصة من أبناء المحافظات الجنوبية من الاطلاع أو العلم بتلك التقرير والتي تتم بسرية كاملة وتحت علم ومعرفة نائب المحافظ الحالي شكيب الحبيشي.
  3. لم يقم هؤلاء المنقولون من صنعاء بأي نوع من أنواع نقل المعرفة وتدريب للكوادر الجنوبية الشابة والتي تم توظيفها حديثاً في قطاع الرقابة طيلة الثلاث السنوات الماضية في ظل علم قيادة البنك العليا وتجاهلها كل الأصوات التي نادت ومازالت تنادي بأن هناك حالة من الاستغراب والتعجب لما يقوم به هؤلاء القادمون من صنعاء.
  4. كل التعليمات والتوجيهات التي ينفذها الفريق القادم من صنعاء إن لم تكن صادرة من وكيل القطاع المساعد فهي غير معنية بهم وعادة ما يتهربون من تلك الأعمال الموكلة إليهم.
أخيراً
تقوم قيادة البنك عادة بتكليف أولئك القادمين من صنعاء بمهام سرية ودقيقة تخص السياسة النقدية للبنك المركزي في عدن، وخلال الفترة الماضية تم تكليفهم بوضع العديد من الآليات والتي من أهمها وضع خطة استراتيجية لكيفية تقديم عروض المصارفات الخاصة باستيراد المشتقات النفطية للتجار في المحافظات الجنوبية وتكليفهم بإعداد لوائح وقوانين وشروط تفعيل إدارة المدفوعات الإلكترونية والتي تم فيها استبعاد كل أبناء المحافظات الجنوبية والتي لديهم من الخبرة والكفاءة التي تميزهم عن أولئك القادمين من صنعاء.

إضافة إلى ذلك فالشبهة التي تدور حول أولئك الأشخاص ليست فقط من جانب سوء الظن لدى الموظفين، ولكن وخلال قدوم أولئك الأشخاص من صنعاء أعلنت صنعاء في حينها وخاصة الجهات الأمنية التابعة للحوثيين بقائمة بأسماء الهاربين إلى عدن وعلى رأسهم الوكيل المساعد لقطاع الرقابة، ولكن تفجأ الجميع أنه خلال الأشهر الأولى من العام 2019م قام كل أولئك القادمين من صنعاء فيما عدا الوكيل المساعد بزيارة أهليهم في مديريات تعز والتي تخضع لسلطة الحوثيين، وظلوا فيها ما يقارب خمسة أشهر، وذلك بعد استشهاد القائد في الحزام الأمني منير أبو اليمامة، وكانت مخصصاتهم ومرتباتهم تحول إلى تلك المناطق التابعة للحوثيين ودون أن نسمع أي نوع من الاعتقال والمتابعة لهؤلاء الأشخاص، وهذا ما يزيد الأمر اشتباها واستغرابا.

علماً بان العديد من أبناء المحافظات الجنوبية والعاملين ضمن كوادر البنك في عدن وقطاعاته المختلفة يعيشون حالة من الإحباط والسخط، وذلك بسبب حالة الإقصاء المتعمد من قبل إدارة البنك العليا ممثلة بنائب المحافظ شكيب الحبيشي والذي اتخذ خلال الأيام الماضية عدداً من القرارات والتعديلات والتي لا يعلم ما الهدف منها ولمصلحة من تخدم في ظل حالة من التفرد في قرارات البنك وإجراءاته الارتجالية والتي أدت إلى حالة من التدهور لقيمة الريال والتي بلغت يومنا هذا 820 ريالا للدولار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى