تعيينات السلك الدبلوماسي بعهد دولة الوحدة اليمنية

> د.صالح حسين الوالي

> معايير التعيينات القيادية لا تخرج عن الشخصيات المطيعة الضعيفة
د.صالح الوالي
د.صالح الوالي
أثار مقالي السابق تفاعلا كبيرا بين الزملاء في وزارة الخارجية ووسط المجتمع، وتجلى ذلك بضرورة كشف مستور غول الفساد، وقد انتظرت أكثر من ثلاثة أشهر لعلى وعسى أن تشرع قيادة الوزارة في البدء بتصحيح وتسوية أوضاع منتسبيها.
للأسف الشديد فقد اقتصر عمل وزارة الخارجية منذ قيام الوحدة على الترقيات والتعيينات فقط وحضور قيادة الوزارة اللقاءات والاجتماعات بالخارج بغرض استلام بدل السفر حتى وإن ألغيت، كما اقتصر النشاط الدبلوماسي على الشحاتة الرسمية والشخصية.

وما أن تلتقي قيادة الوزارة بقيادات الدول أو بنظرائها إلا وتطالب بمساعدة اليمن، وسياسة الشحاتة انتهجتها كل الحكومات مطالبة المجتمع الدولي بمساعدة اليمن، مثال مؤتمرات المانحين ويقاس نجاح الوزير أو السفير بما يحصل عليه من مساعدات لليمن وله شخصيا.
وقبل الحديث عن حقوق الموظفين المنصوص عليها في قانون السلك رقم (2) لسنة 1991م لابد من الرجوع إلى القوانين السابقة قبل قيام الوحدة التي كانت تنظم عمل وزارتي الخارجية.

أولا: في دولة (ج. ي. د. ش) السابقة صدر قانون السلك رقم (12) لعام 1987م بالإضافة الى الأنظمة واللوائح التي كان معمولا بها وكانت الدرجات الوظيفية لموظفي الخارجية بعدن درجات وزارة الخدمة المدنية.
وقبل قيام الوحدة استبدلت درجات الخدمة المدنية لموظفي خارجية عدن بالدرجات الدبلوماسية المعمول بها في صنعاء.

ثانيا: في دولة (ج. ع. ي) السابقة صدر قانون السلك في العام 1988م، فلو أحد من الزملاء أسقطت درجته الدبلوماسية بعد قيام الوحدة عليه أن يطالب باستعادة حقوقه، باعتبار درجته سيادية مكتسبة.
ثالثا: وغني عن القول أنه بعد قيام دولة الوحدة دمجت الوزارتين وحينها حدث خلاف كبير بين قيادة الوزارة حول الدرجات لدى المنتقلين من عدن، وكأن قانون السلك الدبلوماسي كان يطبق في منتهى الدقة والنظام، ويعد هذا أول تنصل من اتفاقيات الوحدة.

ولتسوية الخلاف أضيفت المادة (95) في قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لعام 1991م بأن (يصدر الوزير قرارا خلال ثلاثة أشهر من نفاذ هذا القانون بتسوية أوضاع موظفي الكادر وفقا لقواعد ونصوص هذا القانون).
لكن، وبدلا من تسوية أوضاع الموظفين المنتقلين من عدن صدر القرار الوزاري رقم (189) لعام 1992م الذي بموجبه أسقط الدرجات السيادية المكتسبة لعدد كبير من المنتقلين من عدن ما عدا السفراء، ويعد هذا أول خرق لاتفاقيات الوحدة.

قانونا يعتبر القرار الوزاري رقم (189) 1992م ليس مخالفا لقانون السلك فحسب، وإنما للدستور، بل منعدما وكأنه لم يكن وبالمحصلة لا يترتب عليه أي آثار قانونية على مراكز الموظفين القانونية، وبالتالي تعتبر الدرجات الدبلوماسية قبل قيام الوحدة قرارات سيادية مكتسبة ولا يجوز لأية جهة كانت من إلغائها، لذا يجب على قيادة الوزارة تسوية أوضاع الموظفين، وكأنه لم يحصل انقطاع وإنما استمرارية لترقياتهم وتعييناتهم وأيضا تعويضهم التعويض العادل وفقا لقانون السلك الدبلوماسي.

وإذا لم تقم الوزارة بتسوية أوضاع الموظفين عليهم اللجوء للقضاء، استنادا للمادة (91) من قانون السلك بأنه "يحق لأي من الموظفين بالوزارة أن يلجأ إلى القضاء في الجمهورية في حالة الإخلال بأي حق من حقوقهم المنصوص عليها في القانون العام وهذا القانون واللائحة".

رابعا: القرار الوزاري رقم (19) لعام 2012م الذي ألغى قانون السلك الدبلوماسي رقم (2) 1991م. لا يعتبر هذا القرار معيبا لعدم الاختصاص، لأنه مخالف للنظام العام أو أنه اعتدى على اختصاص موضوعي مقرر لجهة أعلى منه سلطة (سلطة البرلمان)، وإنما لأنه مخالف للدستور وبالتالي ليس من صلاحية الوزير ولا رئيس الجمهورية إلغاء قانون مشرع من البرلمان وصدر بقرار جمهوري.

والسؤال الذي يبرز بعد أن ألغي أبوبكر القربي، وزير الخارجية، قانون السلك الدبلوماسي ما القانون الذي كان يطبق ويسير به عمل وزارة الخارجية؟ غير أنه شرع الفساد وخلق الفوضى والعبث بوزارة الخارجية، لذا يجب محاكمته ليكون عبره للفاسدين، وهذا أعده بمثابة دعوى قضائية.
وفي ضوء ذلك أدعو الدائرتين الدستورية والإدارية في المحكمة العليا وكذلك القضاة المختصين بإلغاء هذا القرار الأرعن عند رفع الدعاوى القضائية أمام محاكم الجمهورية.

خامسا: تعيين قيادة وزارة الخارجية
منذ قيام الوحدة حرصت الرئاسة على تعيين قيادة وزارة الخارجية من الشخصيات المطيعة الضعيفة التي لا تهمها غير مصلحتها الخاصة، مثال عندما عقد مجلس الوزراء سلسلة اجتماعاته لتسوية مرتبات موظفي الوزارات السيادية لم يحضر أبوبكر القربي وزير الخارجية الاجتماعات أسوة بنظرائه الوزراء في الوزارات السيادية مما حرم موظفي الوزارة في الديوان من مرتباتهم المستحقة، لأن مرتبات الموظفين في ديوان الوزارة زهيدة جدا حتى الوقت الحاضر، علما بأن أغلبهم يتعينون بعد قضاء أكثر من عشر سنوات بالديوان.

وللعلم فقد جاء تعيين أبوبكر القربي وزيرا للخارجية ليس لأن له علاقة بالدبلوماسية أو له باع في السياسة، لكن رصيده الأقوى أن اسمه (أبوبكر) وهذه فلسفة النظام وهي رسالة قوية بعث بها النظام لدول الجوار السنية كما ألغى "حي على خير العمل" من آذان المغرب من الفضائية اليمنية.
ومن جانب آخر تقوم الرئاسة بتعيين بقية قيادة الوزارة الأقل سنا وخبرة لا يتجاوز أعمارهم الوظيفية عقدا في الخارجية لتكون الوصي عليهم ومن ثم تسير الوزارة عن بعد، مع أنه يوجد كفاءات تجاوزت خدماتها ثلاثة عقود ويعد هؤلاء بمثابة آباء لهم.

والهدف من ذلك هو تعيين موظفين تابعين للرئاسة في السفارات من ذوي الحظوة والقربى حيث تجاوز عددهم عدد مبتعثي الخارجية، ويقال بأن عددهم في القاهرة لوحدها أكثر من (70) موظفا في البيوت، وقس على ذلك في بقية السفارات، وبالطبع لا تنسى الخارجية نصيبها بتعيين بعض السفراء المتقاعدين ويعد هذا أكبر طاقم دبلوماسي في تاريخ العالم بالخارج يتقاضى مرتبات بالعملة الصعبة بدون عمل.

ونتيجة لتضخم عدد الموظفين الدبلوماسيين بالخارج لم تستطع الوزارة من تسليم مرتباتهم إلا كل ثلاثة أو ستة أو ثمانية أشهر حتى بعد أن أوقفت الوزارة صرف بدل التأمين الصحي وتذاكر السفر ورسوم تعليم أولاد المبعوثين، لذا ورطوا القيادة الشابة للوزارة التي لا تستطيع أن تعارض أو ترفض سيل التعيينات من مكتب الرئاسة فعندما تراجعهم يكون ردهم الصمت أو هات تعليمات من الرئاسة فأصبحت الخارجية قسما من أقسام مكتب الرئاسة بامتياز، عدا شكليات إصدار القرارات.

سادسا: الملحقيات بالسفارات
وسيرا على ذلك تقوم وزارات الدفاع والأمن القومي والتربية والثقافة والجامعة والمغتربين والصحة والصناعة والتجارة والإعلام وغيرها... بفتح ملحقيات في السفارات تعين فيها عددا من الموظفين التابعين لها ماليا وإدريا، مثال لليمن سفارة في البحرين تضم ملحقيات عسكرية وثقافية وإعلامية وليس للبحرين سفارة في اليمن، والبحرين دولة صغيرة المساحة قليلة السكان فقيرة الموارد وليست ذات موقع حدودي أو استراتيجي لبلادنا، والسؤال هو ما الجدوى من السفارة والملحقيات الثلاث؟ وقس على ذلك بقية السفارات والملحقيات في الدول التي لا يوجد لتلك الدول سفارات في اليمن مثل كندا، جنوب أفريقيا، المجر وتشيكيا، بولندا، بلجيكا، النمسا، سويسرا، هولندا، إسبانيا، ماليزيا موريتانيا وغيرها...

أما الدول التي لها سفارات في اليمن، فحدث ولا حرج فعدد الموظفين في السفارات والملحقيات يتضاعف باستمرار ولا تعرف ما الأعمال التي يقومون فيها غير الأعمال المعتادة للسفارة (الروتينية) وكأن اليمن دولة نفطية، وبالطبع قيادة الوزارة لا تعرف مبدأ المعاملة بالمثل في العرف الدبلوماسي.

والعجيب الغريب في الأمر أن تعين وزارات التربية الثلاث والجامعات والثقافة والإعلام والصحة... أساتذة الجامعات اليمنية ملحقين ثقافيين وتربويين بل ووصل الأمر إلى أن تعين الرئاسة بعض دكاترة جامعة وصحفيين وإعلاميين رؤساء للبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، ولا يفهم الحكمة من ذلك غير الفساد والمحاصصة والترضية وحل مشاكل الوجهات لاستلام الرواتب بالعملة الصعبة.

سابعا: مرتبات السفراء
حددت اللائحة التنفيذية لوزارة الخارجية بأن تقوم بتأمين السكن لرؤساء البعثات وتأثيثه كاملا كما تتحمل تكاليف استهلاك الإنارة والتدفئة بالغاز والتكييف وأدوات التنظيف ومستحقات فواتير استهلاك الهاتف وكذا نفقات إقامة أفراد عائلته في الفنادق وغيرها.

ومع وبالرغم من كل ذلك استخرج السفراء توجيهات رئاسية برفع مرتباتهم الشهرية، باعتبار أن درجاتهم وزراء وسفراء عاملون، ويعد هذا خرقا للائحة وزارة المالية ولقانون السلك، ناهيك عن الوظائف الوهمية التي يعتبرونها دعما للسفير (دعما للفساد) وكذلك الضرائب المسترجعة من إيجارات مباني السفارة وسكن السفير ومشتريات السفارة ومن إقامة المآدب والحفلات الوهمية وشراء الملابس وغيرها.

علما بأن السفير اليمني يستأجر أغلى الفلل ويسكن بأرقى الأحياء ويقتني أغلى الساعات السويسرية ويرتدي أفخم البدلات ويستخدم آخر موديلات سيارات المرسيدس ويرتاد أفخم المطاعم والفنادق ويسخر كل ممتلكات السفارة من سيارات وسائقين وخدم في خدمته وخدمة أسرته فقط وهي ثقافة مكتسبة ولا يهمه أن موظفي الدولة بدون مرتبات، وبالأخير يطالب بلد الاعتماد بتقديم المساعدات لليمن ولا يعلم أن دول الاعتماد ترصد كل صغيرة وكبيرة، وهذا ما دفع بعض الدول من عدم تقديم مساعداتها لليمن.

ثامنا: الحكومة الثانية للجمهورية اليمنية وزراء بصفة سفراء بالخارج

منذ قيام الوحدة انتهج النظام اليمني (الفهلوة) إلى تشكيل حكومتين الأولى الحكومة الرسمية والثانية حكومة السفراء تتمثل بأصحاب المعالي/ السفراء الذين لم يحتفظوا إما بحقابهم الوزارية أو محافظين أو أمناء أحزاب أو مشايخ أو غيرها ... بانتظار تعيينهم في تشكيلات الحكومات القادمة أو في المناصب الحكومية الأخرى، وحكومة الخارج حكومة محاصصة نوجز بعض منها على سبيل الذكر:

1. جنيف – رئاسة الوزراء

2. واشنطن – مكتب رئيس الجمهورية

3. القاهرة - مكتب رئيس الجمهورية

4. برلين – وزارة التعليم العالي

5. باريس – وزارة الصحة

6. بروكسل – حزب الإصلاح

7. أبوظبي _ مغترب/ حضرموت

8. الكويت_ وزارة التعليم الفني

9. المنامة – رئيس جهاز الأمن القومي

10. لندن – الحزب الاشتراكي اليمني

11. الجزائر – حزب التجمع الوحدوي الناصري

12. تونس – حزب الإصلاح

13. ماليزيا – حزب الإصلاح

14. المغرب – وزارة حقوق الإنسان

15. هولندا – الحراك الجنوبي

16. الأردن – وزارة الإعلام

17. ليبيا - حزب التجمع الوحدوي الناصري

18. مسقط – شيخ محافظة الجوف

19. موريتانيا - شيخ محافظة مأرب

20. بولندا - المؤتمر الشعبي

21. إندونيسيا - حزب الإصلاح

22. بغداد - لاجئ

23. كوبا - لاجئ

24. الجامعة العربية - لاجئ

25. منظمة العلوم والثقافة - صحفي مقيم بلندن

أرجو الإضافة والتصحيح والتجاوز إن حصل خطأ بالمعلومة، نظرا لتعدد الازدواجية في التعيين وزير، محافظ، حزب، شيخ، محافظة، حراك، ثورة، شباب، مرأة ...إلخ. مثال أحد السفراء منذ أن تخرج عين محافظ، محافظ، سفير، محافظ، وزير، سفير ومن أمثاله كثر، أي أنه لا يمكن أن تعرف معايير المحاصصة في اختيار السفراء شمالية، جنوبية، قبلية، مناطقية، دينية، طائفية، حزبية...إلخ... ولا حتى (الكوكتيل) بالرغم أن قانون السلك أجاز لرئيس الجمهورية تعيين 10 % في منصب سفير من غير موظفي الخارجية وأن يكون المعين على قدر من الكفاءة التي تؤهله لذلك، لكن الذي يحصل العكس مئة بالمئة.

وعلى غرار ذلك ينطبق الأمر على سفراء الخارجية وذوي الحظوة والقربى لأنهم يَدعون أنهم مع شرعية الرئيس هادي، لكن إذا ما انتظروا بديوان الوزارة من دون تعيين من (10 إلى 15) سنة، يا ترى هل سيدعون أنهم مع الشرعية والإقاليم والوحدة؟ وهذا هو الفساد بعينه لأنهم يستولون بالخفة والفهلوة وبالفساد والمزايدة على حقوق زملائهم بالترقيات والتعيينات، وكأن زملاءهم ليست لهم حقوق وما عندهم أسر يطعمونها ويطببونها ولا أولاد يعلمونهم وللأسف تجدهم لا يفهمون أبجديات العمل الدبلوماسي، ولئن سألتهم ما العلاقة بين القانون الدولي والدبلوماسية؟ أو ما العلاقة بين القانون الدولي والسياسة الخارجية؟ بالتأكيد لأول مرة يسمعون مثل هذا السؤال!

ولمعرفة كيفية سير عمل الخارجية، مثال في العام 1998م/ 2002م عُين أحد السفراء بالمجر قائما بالأعمال بالأصالة، وبعد انتهاء فترته (4) سنوات عُين السفير ذاته سفيرا في نفس السفارة، وبعد انتهاء فترة عمله عُين سفيرا آخر قائما بالأعمال بالأصالة، وبعد انتهاء فترة عمله عُين الوزير المفوض بالسفارة قائما بالأعمال بالإنابة، مع أن العلاقة الدبلوماسية التي أقيمت على مستوى سفير وليس على مستوى قائم بالأعمال بالأصالة، وعندما تسال أحد السفراء المخضرمين لماذا كل هذا...؟ يجيبك بتفاخر: اليمن دولة ذات سيادة. يا عمي شرختم رؤوسنا بالجهل والغباء المستحكم!

وعندما تفهمه بأن العلاقات الدبلوماسية بين الدول تقوم أساسا على قواعد القانون الدولي وليس بحسب المزاج وتسأله برأيك هل التمثيل الدبلوماسي يكون على مستوى سفير أو على مستوى سفارة؟ يجلس يتهجى طول اليوم ولا يفهم أو يميز أو يفرق بين مرتبة السفير والسفارة، والمثير أن هذا الأمر لا يزال معمولا به رغم كل النصائح، أما مسالة الحصانات والامتيازات الدبلوماسية فلا يفهم الجهابذة منها إلا حصوله على الامتيازات المادية حتى وإن أدى إلى خرقه قوانين وأنظمة بلد الاعتماد والقانون الدولي.

والأنكى من كل ذلك كانت الخارجية تعين أكثر من سفيرين بدولة واحدة ولم تستمع للنصائح إلا بعد أن رفضت بعض الدول قبول سفيرين بسفارة واحدة، لكن بعدها حولت النصيحة إلى فهلوة بتغيير المهنة في الجواز من سفير إلى وزير مفوض.

تاسعا: شراء الوزارة سنوات الخدمة لتقاعد الموظفين
خلال الأعوام 1995/ 2000م أصدرت وزارة الخارجية قرارا بإحالة عدد من موظفيها إلى التقاعد ممن لهم خدمات سابقة قبل الاستقلال، وكذلك احتسبت خدمات فعلية ممن بعثوا للدراسة الجامعية بدون مرتبات أو ممن أدوا الخدمات الوطنية.

وتحت حجة التقاعد أحالت الوزارة ملفاتهم إلى الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، لكن الهيئة لم تقبل ملفاتهم بحجة أن لديهم خدمات سابقة غير محتسبة ومكتسبة للتقاعد استلموا مستحقاتهم من بريطانيا ولم تحسب كخدمات فعلية.
ونتيجة لذلك قامت الوزارة بشراء بقية الخدمات المتبقية لهم من التأمينات حتى يتم التخلص منهم وصرف مرتباتهم التقاعدية من التأمينات والمعاشات.

وتحت هذه البدعة (الفهلوة) استدعت الوزارة المعينين بالبعثات الذين لم يمض على تعيينهم سنة من (4) سنوات، وكذلك حرمان من هو مستحق ومنتظر في الديوان سنين للتعيين، مما أدى إلى وفاة الكثيرين قهرا وكمدا ومنهم من أصيب بالجلطات والأمراض المزمنة والمميتة، الله يرحمهم.
والشيء بالشيء يذكر، بعض موظفي الخارجية التحقوا بالوزارة منذ السبعينات من القرن المنصرم، ولا يزالون يتنقلون من منصب إلى آخر سفراء رغم تجاوزهم الأجلين وليس أحد الأجلين، وتعيينهم مفتوح أي بدون فترة زمنية محددة.

عاشرا: بيع ممتلكات أصول الدولة بالخارج
بعد أن وضعت حرب 1994م أوزارها عسكريا قامت الوزارة بمواصلة الحرب ببيع ممتلكات أصول الدولة؛ مباني السفارات وملحقاتها ودور سكن السفراء واستئجار مبانٍ بدلا منها.

والمدهش أن إيجار سكن السفير أعلى إيجار من مبنى السفارة! ولقد كانت آخر محاولات بيع سكن السفير اليمني في لندن في سبتمبر 2017م، وقد أشار بيان وزارة الخارجية إلى "قدوم المحامي البريطاني (لم تسمه) إلى السفارة اليمنية في لندن ليفاوضها، ومعه توكيل لبيع المبنى وبالمثل حضر محاميين في أكثر من دولة غربية للسفارات يفيدون أن لديهم وثائق للسفارات".

ومعلوم أن جميع الدول تقوم بشراء مباني بعثاتها وسكن موظفيها الدبلوماسيين تجنبا لتكاليف الإيجارات المرتفعة باضطراد وخاصة في البلدان ذات المعيشة المرتفعة، ولنا تجربة (ج. ي. د. ش) السابقة بشراء مباني السفارات مع سكن السفير ونائبه وحراس السفارة...
وبالطبع ليس لدي معرفة أو تقييم خسائر الدولة من الإيجارات، لكن وبحسب معرفتي المتواضعة جدا السفارات التي بيعت هي:

1. السفارة في برلين: تم بيعها مع أن الخارجية الألمانية أبلغت السفارة اليمنية ببون بأنها بعد عشر سنوات سيتم نقل العاصمة إلى برلين وهي مكونة من أربعة أدوار.

2. السفارة بدمشق وهي مكونة من أربعة أدوار.

3. السفارة في باريس.

4. السفارة في لندن.

5. السفارة في روما.

وهناك سفارات أخرى ومبانٍ تابعة للسفارات بيعت والوثائق لدى إدارة المشتريات.
والجدير ذكره أنه لولا قوانين بعض الدول التي تمنع بيع مباني البعثات الدبلوماسية إلا بعد مرور 99 عاما، كقانون تأجير الأراضي بعدن الموروث من بريطانيا الذي عدله مجلس النواب اليمني إلى 30 سنة، لكانت بيعت كل ممتلكات الدولة بالخارج وأصبحت في خبر كان.

وفي تقديري أنه يجب مسائلة المسؤولين الذين قاموا ببيع ممتلكات أصول الدولة والمال العام حق لا يسقط بالتقادم، وفقا للدستور وينبغي أن يكون السؤال لماذا بعت ممتلكات أصول الدولة؟ وأين هي المصلحة العامة في ذلك؟ ومن أين لك هذا؟ والقضاء هو الفيصل.

الحادي عشر: الاتجار بالجوازات الدبلوماسية والتأشيرات
الحقيقة هذا ملف شائك خاصة لارتباط شراء الجواز الدبلوماسي بالعبور إلى دول الاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا وبريطانيا وغيرها من الدول، وقد استغلت الاتفاقيات التي أبرمتها (ج. ي. د. ش) السابقة مع دول المنظومة الاشتراكية برفع التأشيرات على الجوازات الدبلوماسية والخاصة والمهمة حيث يباع الجواز الدبلوماسي بعشرة آلاف دولار وربما أكثر لكي يتمكن اليمني من الدخول إلى الدول المذكورة ويطلب اللجوء فيها.

وتحت ضغط الاتحاد الأوربي علقت المجر وتشيكيا وسلوفاكيا وغيرها هذه الاتفاقيات، كما أوقفت مصر والبحرين وغيرها من الدول تأشيرات الدخول إلا بشروط مسبقة، كما أن بعض السفراء يقدمون دعوات الزيارة بأسمائهم وبأسماء الموظفين وباسم السفارة لذوي القربى والمحظوظين وغيرهم للجوء... وقد تناولت وسائل الإعلام هذا الأمر ولكن ولا من مدكر!

وبتقديري إن هذا ملفا ينبغي الوقوف عليه، لأنه أضر كثيرا بسمعة اليمن والمواطن اليمني، والسؤال أين أصحاب الصوت العالي الذين يغيرون على سمعة اليمن؟
والمفزع أن يكتب بالجواز الدبلوماسي المهنة (شيخ) أو (رجل أعمال) أو (نجل الوزير) أو (مرافق الوزير) أو بدون مهنة، والأسوأ من ذلك أن يزوّر عمر حامل الجواز، أما المشاكل التي يثيرونها لا يتسع لها المجال فقد وصل الأمر إلى الشحاتة بالمساجد.

لذا المطلوب التالي:

1. تشكل لجنة قضائية بحتة للنظر في أوضاع وزارة الخارجية، لأن الوزارة عادة تشكل اللجان من الموالين لها وبالتالي لا تنتج إلا مزيدا من الإحباطات والمشاكل كلجنة القربي الموصوفة بالقرار (19) 2012م ولجان تسوية درجات المنتقلين من عدن منذ العام 93م.

2. إلغاء القرار الوزاري رقم (189) لعام 1992م القاضي بإلغاء القرارات السيادية المكتسبة قبل قيام الوحدة.

3. إلغاء القرار الوزاري رقم (19) لعام 2012م الذي ألغي قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لعام 1991م.

4. محاكمة أبوبكر القربي وزير الخارجية الأسبق لإلغائه قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لعام 1991م.

5. العمل على تفعيل وتطبيق قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لعام 1991م.

6. كشف بعدد موظفي السفارات (الرسميين) والموظفين المحليين.

7. كشف بالمعينين بالسفارات وهم ليسوا من منتسبي الخارجية.

8. كشف تفصيلي بمباني السفارات والمباني التابعة لها ودور سكن السفراء التي بيعت منذ قيام الوحدة وبكم بيعت.

9. كشف بإيجارات جميع مباني السفارات وسكن السفراء.

10. كشف ميزانية كل السفارات السنوية.

11. تشكيل لجنة من نيابة الأموال العامة والجهاز المركزي لمراجعة الحسابات ووزارة المالية لمراجعة الشؤون المالية لوزارة الخارجية.

12. كشف بالمسترجعات الضريبية لكل السفارات الفصلية والسنوية.

13. كشف بعدد سيارات السفارات في كل بعثة.

14. كشف بالمساعدات التي قدمت من الدول لليمن عبر السفارات في الفترة المنصرمة.

15. حصر سفريات أبوبكر القربي وماذا حقق خلال من 13 سنة من تسنمه حقيبة الخارجية.

وبالأخير أنوه أن ليست لي أية خصومة شخصية مع د.أبوبكر القربي وإنما مخاصمتي له، لأنه ألغى قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم (2) لعام 1991م، باعتبار أنه يمثل الشخص القانوني "وزارة الخارجية".

وبتقديري إن كل فقرة من هذا المقال وبالمقال السابق عبارة عن مواضيع ينبغي الوقوف عليها وهو فساد 30 سنة ولايزال الفساد ينتج ذاته وأسوأ، لذا أطلب من جميع الزملاء أن يدلوا بالإضافات والتصويبات والملاحظات والتجاوزات وبما عانوه من ممارسات وظلم وقهر عليهم أو على زملائهم الذين انتقلوا إلى رحمة الله لكي لا نظل نعيش في دائرة الفساد، فما خفي كان أكبر وأعظم. والله من وراء القصد.

* وزير مفوض

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى