الوضع الاقتصادي في المحافظات المحررة خلال الفترة (2017م – 2020م)

> عدن «الأيام» القسم الاقتصادي:

> أداء سيئ لإدارة البنك المركزي وضعف في أدوات السياسة النقدية
طباعة النقد وتعويم الريال أبرز أسباب تهاوي القوة الشرائية


نظرة عامة لواقع الاقتصاد الكلي للمحافظات المحررة:
منذ أن تم تحرير المحافظات الجنوبية خلال العام 2015م من المليشيات الحوثية بقيادة التحالف العربي والحكومة الشرعية مرت تلك المحافظات بأزمات اقتصادية، كان أبرزها تهاوي قيمة الريال اليمني وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، وخاصة بعد قرار نقل المركز الرئيسي للبنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك نظراً لعدد من الأسباب الجوهرية منها طبيعة ومهام البنك المركزي باعتباره السلطة النقدية للبلد، إضافة إلى قدرة وإمكانية الحكومة في إدارة ملف اقتصادي في بلد لاتزال الحرب تعصف في مختلف مناطقه وتباينات سياسية وصلت لدرجة حالة من التوتر الأمني والعسكري في بعض تلك المحافظات المحررة، ولعل أبرزها العاصمة المؤقتة عدن.

وسنقوم بعرض موجز لأهم الأسباب التي أدت إلى تهاوي قيمة الريال اليمني على مستوى المحافظات المحررة وبشكل اقتصادي، في ظل حالة من الانقسام في سلطة النقد اليمني منذ العام 2015م، وذلك في الآتي:

محددات سعر الصرف في المحافظات المحررة
هناك عدد من العوامل والتي كان لها دور مباشر أو غير مباشر في التأثير على أسعار الصرف، وهي:

أ ـ محددات اقتصادية

تتمثل أهم الأسباب الاقتصادية والتي أدت إلى تهاوي القوة الشرائية للريال اليمني في المحافظات المحررة في عدد من السياسات المالية والنقدية، ولعل من أهمها:

1 ـ الطباعة وإصدار النقد.

2 ـ اختلال ميزان المدفوعات (الميزان التجاري – الحساب الجاري).

3 ـ التعويم الكامل المرن للريال اليمني في المحافظات المحررة.

4 ـ التضخم واستخدام أدوات تضخمية تقليدية لتغطية العجز ما بين نفقات وإيرادات الدولة.

5 ـ ترجع مستويات الناتج المحلي إلى أدنى المستويات.

6 ـ انقطاع الدورة النقدية للريال وتكدسها في السوق المحلي، وخاصة بعد قرار الحوثيين منع تداولها.

7 ـ شح مصادر النقد الأجنبي وخاصة من خلال عمليات تصدير النفط الخام وبيعه في الأسواق العالمية.

8 ـ اختلال الهيكل المصرفي في السوق المحلي والعمليات المالية والتوجه نحو المضاربة بالعملة.

9 ـ عدم وجود رؤية اقتصادية للحكومات المتعاقبة.

10 ـ الأداء السيئ لإدارة البنك المركزي اليمني وضعف أدوات السياسة النقدية لديه.

11 ـ عدم وجود مصب واحد للأموال القادمة من الخارج سواء في هيئة مساعدات إنسانية أو مرتبات بعض الأجهزة والقطاعات العسكرية التابعة للتحالف وخروجها عن إطار المعقول.

12 ـ التوسع في الإنفاق الحكومي ولاسيما مستحقات الحكومة ومرتبات طواقهما بالعملة الأجنبية.

ب ـ محددات غير اقتصادية
تبرز أهمية هذا الجانب، كونه يمنح السلطة النقدية جانب الأمان ومدى قدرته على تنفيذ سياسته النقدية وخاصة في ظل توفر ظروف سياسية وأمنية مستقرة في تلك المناطق المحررة تجعل من الدولة والقوانين والتشريعات الجهة الوحيدة في إدارة الوضع الاقتصادي في تلك المحافظات، ولعل من أهم تلك الأسباب:

1 ـ تعدد الأجهزة الأمنية والعسكرية في عدد من المحافظات المحررة، وخاصة عدن، في ظل حالة من التباينات السياسية والتي أدت إلى نشوب حالة من التوترات الأمنية والعسكرية، وآخرها ما جرى في محافظتي عدن وأبين.

2 ـ انتشار أعمال التجارة غير القانونية كعمليات التهريب وبيع الأراضي والعقارات وتجارة السلاح بطريقة غير قانونية، والتعدي على أراضي الدولة وأملاك المواطنين، وبعض حالات الغناء الفاحش.

3 ـ انخفاض مستويات الوعي المجتمعي في ظل تنامي سياسة العنف والسطو كنتاج لحالة الحرب التي يعيشها البلد رغم انخفاض مستوياتها في السنوات اللاحقة.

4 ـ توجه العديد من شرائح المجتمع وعلى رأسهم أرباب المال والتجار إلى المضاربة في العملات والتوجه نحو شراء واكتناز العملات الأجنبية، بحيث إنها أصبحت مخزنا للقيمة وليست وسيلة للتداول.

5 ـ فقدان الثقة بالقطاع المصرفي بعد أزمة السيولة التي عانتها البنوك المحلية خلال الفترة من العام 2015م حتى أواخر العام 2016م، وتوجه معظمهم إلى التعامل مع المؤسسات المالية غير المصرفية وعلى رأسها شركات ومنشآت الصرافة التي أصبحت تمارس مهاما مصرفية، الأمر الذي أدى إلى حالة من الاختلال في القطاع المصرفي في ظل مرونة حركة الأموال والنقد أفقدت البنك المركزي دوره في الرقابة وتفعيل سياسيات نقدية ملائمة وناجعة.

6 ـ حالة الحرب والقلق التي تسود معظم شرائح المجتمع وتوقع احتمالات الحرب والصراعات.

دور المؤسسات المالية غير المصرفية (شركات الصرافة) في المحافظات المحررة:
خلال الفترة التي تلت تحرير المحافظات الجنوبية والتي شهدت انتشارا غير مسبوق لعدد تلك الشركات والمنشآت وبطريقة عشوائية في بادئ الأمر دون الحصول على ترخيص مزاولة المهنة خلال الفترة التي تلت تحرير عدن وباقي المحافظات، إضافة إلى قيام البنك المركزي بعملية منح عشوائي لتصاريح مزاولة مهنة أعمال الصرافة فيما بعد وتغاضيه عن عدد من الخروقات التي مارستها تلك المؤسسات والتي تحظر عنها مزاولة العمل المصرفي وفقاً لتشريعات وبنود قانون الصرافة اليمني الذي ظل حبيس لوائح البنك المركزي في عدن وقطاع الرقابة.

وحتى نوضح بعض المفاهيم العلمية وكذلك متطلبات قانون تنظيم أعمال الصرافة التي سنعرضها في النقاط الآتية:

ـ مفهوم شركات ومنشآت الصرافة:
هي مؤسسات مالية غير مصرفية تمارس نشاط بيع وشراء العملات الأجنبية وعمليات المبادلة وشراء الشيكات السياحية في حدود منظمة أوضح معالمها قانون الصرافة اليمني، إضافة إلى إرسال واستلام الحوالات المحلية والخارجية وذلك تحت سلطة ورقابة البنك المركزي.

ـ أهم متطلبات مزاولة مهنة الصرافة بموجب قانون الصرافة اليمني:
اشترط قانون تنظيم الصرافة اليمني عدداً من المتطلبات والشروط نظير منح ترخيص مزاولة مهنة الصرافة وذلك بالمتطلبات الآتية:

1 ـ ملف متكامل يحوي بيانات عقد تأسيس الشركة وذلك بالمتطلبات الآتية:

ـ رقم التسجيل وتاريخه.

ـ اسم الشركة ونوعها.

ـ الطبيعة القانونية للشركة.

ـ تاريخ التأسيس.

ـ رأس المال بحسب متطلبات قانون الصرافة كحد أدنى وأعلى.

ـ الاحتياطي القانوني.

ـ أسماء أعضاء مجلس الإدارة أو الأشخاص المخولين بالإدارة.

ـ أسماء الشركاء والمساهمين والمتضامنين.

ـ أسماء الشركاء الأجانب.

ـ فروع الشركة.

ـ الهيكل التنظيمي واللائحة الداخلية.

2 ـ الالتزام برأس المال المحدد وفقاً لقانون الصرافة.

3 ـ لا يجوز لشركات الصرافة أن تمارس أعمالا مصرفية والتي أوضحناها سلفاً.

4 ـ يجب أن تمسك شركات الصرافة حسابات منتظمة تبين بوضوح وشفافية عملياتها ونشاطها، وكذا بيان حقيقة مراكزها المالية، من خلال احتفاظها بدفاتر وسجلات ومستندات توضح طبيعة نشاطها.

5 ـ في حالة قيام شركات الصرافة بأعمال تجارية أو صناعية أو عقارية أخرى لابد لها أن تتخذ الإجراءات اللازمة لفصل أنشطتها التجارية عن نشاط عمل الصرافة من خلال تأسيس شركة مستقلة.

وبعد استكمال كل المتطلبات والتي عرضنا الجزء المهم منها يتم منحها رخصة مزاولة المهنة، وذلك في ظل وجود دراسة مسبقة من السلطة النقدية المتمثلة في البنك المركزي بهدف منع أي اختلالات في جوانب الاقتصاد والمال المحلي والتي مازال يعاني حربا في مختلف مناطقه وتوترات سياسية وحالة من الاختلال في هيكل العمل المصرفي والمالي في السوق المحلي.

وللعلم، فإن كل شركات الصرافة العاملة في المحافظات المحررة منذ العام 2015م لم تلتزم بأي بند من بنود قانون الصرافة اليمني والتي ذكرنا أهمها في ظل حالة من العجز التي يعيشها البنك المركزي في عدن وعدم قدرته على تفعيل ذلك القانون، والذي نظم مهام مزاولة أعمال الصرافة بطريقة فنية تتلاءم مع واقع الاقتصاد اليمني ومتطلبات المؤسسات الدولية والمهتمة في جوانب غسل الأموال والتجارة غير المشروعة، بخلاف ذلك نجد حالة من الالتزام في المحافظات الخاضعة لسيطرة سلطات الأمر الواقع في صنعاء وباقي المحافظات التابعة لسلطة الحوثيين والتزامها التام بمتطلبات وشروط قانون الصرافة اليمني وخاصة خلال السنة الماضية.

الشكل التالي يوضح حركة النقد في السوق المحلي للمحافظات المحررة:
رسم توضيحي لحركة الأموال في السوق المحلي للمحافظات المحررة
رسم توضيحي لحركة الأموال في السوق المحلي للمحافظات المحررة

ـ شبكات التحويل المالية العاملة في اليمن:
خلال العشر السنوات الأخيرة شهد مجال الحوالات المالية المحلية والخارجية ظهور عدد من شبكات التحويل المحلية العاملة في مجال الحوالات المالية الصادرة والواردة التي تنامت بشكل ملحوظ في ظل حالة من التأخر والذي تعانيه الخدمات المصرفية البنكية والتي أظهرت حجم الاختلال الهيكلي في الخدمات التي أصبحت تقدم من قبل شبكات التحويل المالية والتي توفرت لدى العديد من شركات الصرافة والتي تلعب دور الوسيط المالي بين شركات الصرافة والبنوك المحلية والأجنبية، حيث إن كل شبكات التحويل العاملة في سوق المحافظات المحررة مراكزها الرئيسية في صنعاء وتخضع لرقابة البنك المركزي في صنعاء، جعل الأمر أكثر سهولة لصنعاء في تنفيذ خطتها خلال العام 2020م والتي تسببت في فرض فروق نقدية بين الطبعتين القديمة والجديدة، إضافة إلى تحديدها أسعار الصرف في المحافظات المحررة في ظل عجز السلطة النقدية في عدن ممثلة بالبنك المركزي في القيام بأي حلول حقيقة وجذرية لتلك الظاهرة، وظل البنك في عدن يبرر في ذلك بأن الحل هو قيام دول التحالف بتقديم وديعة جديدة لتغطية احتياجات السوق من النقد الأجنبي.

ونوضح آلية العمل لهذه الشبكات المختلفة والعاملة في السوق المحلي من خلال الشكل الآتي:

وحتى يسهل للقارئ الكريم معرفة آلية التحويل في إطار المحافظات المحررة وتلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين إليكم المفاتيح الآتية:

• بنك التسوية المحلي:

هو بنك محلي تم اعتماده من قبل البنك المركزي في صنعاء للقيام بعمليات التسوية في حسابات وكلاء الشبكة الرئيسيين في المحافظات الخاضعة للحوثيين أو المحافظات المحررة، ويحوي على بيانات وكلاء الشبكة فقط دون غيرهم، حيث يقوم بعملية تسوية محاسبية بين حوالات الوكلاء الصادرة والواردة (قبض – صرف) الحوالات بمختلف العملات.

• شبكة حوالات صنعاء:

وهي تمثل برنامج وكيل الشبكة في المحافظة والتي تمنح لوكلائها الرئيسيين والذين يمارس مهام شركات الصرافة في عدد من محافظات اليمن، باعتبارهم وسيطا ما بين الشبكة الخاضعة لسيطرة صنعاء وبين منشآت ومؤسسات الصرافة في المحافظات الجنوبية في حالة قامت إحدى تلك المنشآت أو المؤسسات بتصدير أو استيراد (قبض – صرف) حوالة من عدن إلى أي محافظة.

• شركة الصرافة:

تتميز شركات الصرافة بموجب قانون تنظيم أعمال الصرافة اليمني بعدد من المميزات المالية، إضافة إلى بيع وشراء العملات والشيكات السياحية بعدد من الأعمال والتي أجاز لها قانون تنظيم أعمال الصرافة مزاولته، ولعل من أهمها خدمات تحويل الأموال المحلية أو الخارجية.

ولكن ومنذ العام 2015م وبعد تحرير عدن والمحافظات الجنوبية فإن تلك الشركات أصبحت تقوم بأعمال وأنشطة والتي تعد من نشاط البنوك فقط، ولعل من أهمها:

أ ـ فتح حسابات جارية للعملاء بالريال والعملات الأجنبية.

ب ـ قبول الإيداعات النقدية للودائع تحت الطلب بمختلف العملات.

ج ـ ممارسة أنشطة وأعمال أخرى وتحت إدارتها المباشرة ومن أهمها:

• المتاجرة في الأراضي والعقارات

• القيام بعمليات استيراد العديد من السلع والمنتجات والتي ارتبطت بحياة المواطنين كالسلع والمنتجات الأساسية (أرز، سكر، زيت، ألبان، مشتقات نفطية، الحديد، الإسمنت وغيرها).

والتي كانت السبب الأساسي لاستنفاد الوديعة السعودية رقم 2 والمقدمة من حكومة المملكة العربية السعودية خلال العام 2018م لتغطية اعتمادات التجار من السلع والمنتجات الأساسية، وتم استنفادها خلال فترة لم تتجاوز العام والنصف.

علماً بأن شركات الصرافة في صنعاء لا تمارس أي من مهام وأعمال البنوك المحلية وتخضع لرقابة مباشرة من البنك المركزي في صنعاء واللجنة الاقتصادية العليا للحوثيين، وتلتزم بكل بنود وشروط قانون تنظيم مزاولة مهنة الصرافة اليمني.

• شبكة حوالات داخلية للوكلاء في المحافظات المحررة:

وتمثل برنامج حوالات داخلي تقوم شركات الصرافة بمنحه لمنشآت الصرافة في المحافظات (عدن، لحج، الضالع) فقط لتنفيذ أي حوالات في إطار ذلك المدى فقط.

• منشأة فردية للصرافة:

وتقوم بنشاط بيع وشراء العملات الأجنبية وكذلك تنفيذ الحوالات ولكن من خلال توسيط وكيل الشبكة في المنطقة ولا يحق لها تصدير أي حوالة بطريقة مباشرة إلى خارج المحافظة أو داخلها إلا من خلال شركات الصرافة المعتمدين كوكلاء شبكة في المنطقة.


ولفهم كل تلك التوضيحات السابقة للمفاهيم - اليكم المثال التوضيحي الاتي:
يريد المواطن أحمد تحويل مبلغ 1000 دولار أمريكي من عدن الى صنعاء، والذي قام بالتوجه الى أحد المنشآت الفردية العاملة في عدن ولديها برنامج تحويل كالنجم أو الامتياز أو شبكة محلية لاحد شركات الصرافة في عدن – فان العملية ستتم بالشكل الاتي:

1ـ سيقوم العميل أحمد بتسليم المبلغ للمنشاة الفردية في عدن ولتكن تحمل الرقم (1- 2 – 3 – 4) وذلك بحسب الشكل الموضح سلفاً، وسيتم اخذ بيانات كامله عن المرسل والمستلم ورقم هاتفه وغيرها وبعد تصدير الحوالة سيتم طباعة مستند يفيد بتفاصيل العملية.

2ـ يقوم نظام المنشاة الفردية في عدن بتصدير الحوالة الى وكيل الشبكة المحلية أو تلك المعتمدة لدى صنعاء لتمر عبر نظامه باعتباره وكيلها في تلك المنطقة ومن ثم يتم تصديرها الى مركز شبكة التحويل والتي مركزها الرئيسي في صنعاء.

3ـ بعد وصول الحوالة الى مركزها وذلك يتم لحظياً عبر شبكة الانترنت يقوم مركز الشبكة في صنعاء بتصديرها الى بنك التسوية المحلي في صنعاء لاثباتها في حسابات الوكلاء الرئيسيون للشبكة ومن ثم اعادتها للشبكة لتصديرها الى انظمة وكلائها في صنعاء أو فروعها ويتم استلامها من اي مركز شبكة معتمد لديها.

ولكن تخيل معي لو أن العميل أحمد أراد إرسالها إلى محافظة شبوة – حضرموت – المهرة هل الحوالة الصادرة من عدن بحاجة للمرور بمركز شبكة صنعاء وبنك تسويتها؟

الإجابة عن هذا السؤال هي: بالتأكيد نعم لابد لها، وذلك لكون كل شبكات التحويل العاملة في المحافظات المحررة وخاصة في عدن لا يتعدى نطاقها محافظة عدن ولحج والضالع، بينما شبكات حوالات صنعاء منتشرة في مختلف أنحاء اليمن، ولذلك فإن أي حوالة صادرة من عدن لابد أن تمر بمركز شبكة صنعاء وبنك تسويتها وكذا أي حوالة واردة من حضرموت إلى عدن لابد أن تمر عبر صنعاء، ولذلك نجد أن صنعاء امتلكت اليد الطولى في تحديد أسعار الصرف في المحافظات المحررة وفرضها لفروق العملة خلال العام 2020م بين طبعة الريال القديم والجديد.

ـ دور الحكومة الشرعية وسلطتها النقدية في مضاعفة المشاكل الاقتصادية:

بعد تحرير المحافظات الجنوبية وسيطرة الحكومة الشرعية على عدن وعدد من المحافظات الجنوبية والشرقية أصدرت الرئاسية الشرعية في اليمن في مساء يوم 19 من سبتمبر من العام 2016م قرارا بنقل مركز البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك بعد اتهامها لسلطة الأمر الواقع في صنعاء بالسيطرة على قرار البنك المركزي واستنزاف الاحتياطيات الخارجية للبلد بطريقة عبثية سخرت في عمليات شراء السلاح والمجهود الحربي للمليشيات والذي تسبب باستنفاد ما يقارب 5 مليارات دولار أمريكي كانت مرصودة في حسابات البنك المركزي اليمني في الخارج، حيث أدى ذلك القرار إلى انقسام في السلطة النقدية للبلد، والذي كان وما زال يعيش حالة من الحرب والتوترات السياسية والأمنية في مختلف محافظاته.

ومنذ ذلك الوقت لم تتخذ الحكومات الشرعية المتعاقبة أي إجراءات اقتصادية ملموسة في مختلف جوانب وقطاعات الاقتصادية سواء أكانت حكومية أو خاصة أو مختلطة في ظل حالة من الدمار في البنية التحتية والاقتصادية وتوقف العديد من القطاعات الاقتصادية والتي أدت إلى انخفاض مستويات الناتج المحلي لأدنى مستوياته وارتفاع معدلات البطالة والفقر، حيث إنها لم تقدم أياً من الحلول لأبرز تلك المشكلات والتي كانت سبباً أساسياً في تهاوي قيمة الريال والتي يمكن تلخيصها بالآتي:

1 ـ حالة الحرب التي مازالت تعيشها البلد والانقسام السياسي وحالة الاستقطاب بين مختلف القوى السياسية والعسكرية منذ تحرير تلك المحافظات.

2 ـ التشغيل الجزئي لعدد من القطاعات النفطية العاملة في مجال استخراج النفط والتي كانت تمثل ما نسبته 85 % من إجمالي مصادر النقد الأجنبي والذي يمثل أهم مصادر الدخل القومي الرئيسية لليمن واقتصاده.

3 ـ توجه الحكومات المتعاقبة إلى استيراد المشتقات النفطية وتوقف مصافي عدن عن تكرير الخام وبطريقة متعمدة، الأمر الذي خلق حالة من الاختلال في ميزان المدفوعات للفترات التي تلت العام 2015م، وذلك من خلال استيرادها للمشتقات النفطية عبر عدد من التجار المحليين.

4 ـ توليد الكهرباء من خلال عقود إيجار لمولدات تعمل من خلال الديزل والمازوت وبطريقة عشوائية غير مدروسة، الأمر الذي زاد حجم الطلب المحلي والذي بدروه زاد من حجم الأعباء الحكومية لتوفير خدمة الكهرباء والتي أصبحت مرتبطة بتوفر كميات الديزل وبكميات مهولة وغير اقتصادية.

5 ـ توسع الحكومات الشرعية المتعاقبة في النفقات والمستحقات الخاصة بها، إضافة إلى الإعاشة الشهرية لمجلس النواب والتي تم اعتمادها خلال فترة انعقاده الأول في سيئون خلال العام 2019م، حيث بلغت تلك النفقات ما يقارب 12 مليون دولار شهرياً.

6 ـ وجود عدد 3 من حسابات وزارة المالية في المحافظات المحررة، أحدها في عدن للنفقات الحكومية لسداد مرتبات الموظفين والتي بلغ حجم الانكشاف فيه 3 تريليونات ريال منذ العام 2017م حتى يومنا الحاضر، وحساب للمالية في مأرب منفصل عن حساب عدن ولا تعلم الحكومة الشرعية عن بياناته أي تفاصيل، وحساب ثالث في الرياض ويتم من خلاله توريد مبيعات نفط شبوة وحضرموت من القطاعات العاملة خلال الفترة من العام 2018م، وهذا ما يدل على عقلية الحكومات المتعاقبة ومن يديرها، فهي تستخدم أدوات تضخمية تقليدية لتغطية عجزها في الموازنة العامة والخاصة بمرتبات وأجور العاملين في القطاع الحكومي من خلال طباعة النقد وإصداره، بينما تقوم بسحب نفقاتها ومصاريفها نقداً وبالعملة الأجنبية دون أن تفكر بأن ذلك الأمر سيؤدي، كنتاج لتلك السياسات التضخمية، إلى تهاوي قيمة الريال وارتفاع الأسعار.

7 ـ التهرب الضريبي لكبار المكلفين والتجار وأصحاب المال في المحافظات المحررة منذ العام 2015م، والذي أدى بدوره إلى انقطاع الدورة النقدية وعدم عودة الأموال إلى البنك المركزي في عدن وتراكم كميات النقد في السوق المحلي، وفي ظل سياسة التعويم والتي اتخذتها الحكومة في المحافظات المحررة جعل الأمر سهلا لأصحاب تلك الأموال في التوجه نحو المضاربة وخصوصاً بعد قيام شركات الصرافة بفتح حسابات جارية للعملاء وقبول الودائع النقدية.

8 ـ اختلال هيكل ميزان المدفوعات للدولة وذلك لسبيين أساسيين هما:

أ ـ زيادة حجم العرض النقدي من العملة المحلية في السوق المحلي.

ب ـ توسع حركة الواردات بشكل عشوائي وغير مدروس من خلال قيام التجار بعمليات استيراد دون أن يكون هناك خطة مدروسة لدى الحكومة للحد من عمليات الاستيراد العشوائية وغير اللازمة.

فالحكومة الشرعية في العام 2017م اتخذت قرار تعويم الريال تعويماً كاملاً، وذلك تحت ذريعة الحد من تهاوي الريال وتقليص مستوى الاختلال في ميزان المدفوعات.

9 ـ تراجع معدلات التحويل من المغتربين اليمنيين في الخارج وخاصة خلال الفترة من 2018م حتى العام 2020م، وذلك بسبب إجراءات بعض الدول في توطين المهن، إضافة إلى حالة الانكماش في الاقتصاد العالمي والذي تعيشه دول العالم من خلال جائحة الفيروس كوفيدا 19 والمعروف بفيروس كورونا.

10 ـ أدى عدد من إجراءات الدول في التوجه نحو توطين بعض المهن وعدد من الأنشطة التجارية إلى عودة العديد من رؤوس الأموال المغتربة إلى اليمن وخاصة المحافظات المحررة، ونظراً لعدم وجود رؤية لدى الحكومات الشرعية المتعاقبة في توجيه تلك الأموال الداخلة في هيئة استثمارات، الأمر الذي جعلها تتجه نحو ممارسة أعمال وأنشطة أدت بدورها إلى زيادة حجم الطلب على العملات الأجنبية والتي منها التوجه نحو الاستثمارات العقارية وبناء المجمعات السكنية والأسواق التجارية والمولات أو التوجه نحو الاستيراد، الأمر الذي ضاعف من طلب العملات الأجنبية.

ولتوضيح الرؤية الشاملة والتي تم عرضها في مختلف الجوانب الاقتصادية لحالة المحافظات المحررة وخلال الفترة 2017م حتى 2020م، والتي قد يظن البعض أنها عبارة عن نظريات تم قراءتها من الكتب الاقتصادية، فما هي إلا تعبير إنشائي يفترض الباحث حدوثها وأنها سبب لحال الوضع الاقتصادي الحالي لـ8 محافظات محررة، والتي انعكست مؤشراتها على أسعار الصرف خاصة خلال الفترة من يناير 2020م حتى يومنا الحاضر، فأسعار صرف صنعاء تقل عن عدن بفارق نقدي وصل حدود 350 ريالا في سعر صرف الدولار وذلك بين الطبعتين القديمة الصادرة والمتداولة في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسلطة الأمر الواقع هناك، وبين الطبعة الجديدة والصادرة من عدن وقرار منع تداولها في المحافظات الخاضعة لسلطة الحوثيين.

ولذلك نوضح بأن هذا التقرير الاقتصادي قام بناء على عملية تحليل وقياس لعدد من مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال الفترة من 2014م – 2015م لأهم مؤشرات الاقتصاد الكلي في اليمن ككل، وكذا حال تلك المؤشرات خلال الفترة من 2017م – 2020م في المحافظات الثمان المحررة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى