جهود «أرض الصومال» للانفصال تمرّ من أبواب الكونجرس

> "الأيام" ساسة بوست:

> شكَّل عام 1991 لحظة فارقة في مسيرة إقليم أرض الصومال عندما انهارت الحكومة الصومالية عقب انقلاب عسكري أدخل الصومال في حرب أهلية عنيفة؛ إذ أعلنت «حكومة أرض الصومال» حينها الاستقلال التام عن دولة الصومال، وتأسيس دولة لها، حكومة وبرلمان وسلطة قضائية خاصة بها.
وبعد مرور حوالي ثلاثة عقود ما زال الإقليم بلا اعتراف دولي من أية دولة بالعالم، وما زالت الحكومة الصومالية الفيدرالية تتعامل معه على أنه إقليم «ذو حكم ذاتي»، وليس إقليمًا مستقلًا.
وفي السنوات الماضية سعت حكومات أرض الصومال للتسويق لمساعيها في الاستقلال وإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة، ولذا لجأت عدة مرات لتوظيف شركات علاقات عامة وضغط سياسي للدفع بأجندتها في أهم عواصم العالم.

الاستعانة بشركة تدعم الانفصاليين حول العالم
في 3 يناير 2011، وقّع محمد عمر، وزير خارجية إقليم أرض الصومال السابق، عقدًا مع شركة «إندبندنت ديبلومات – Independent Diplomate» لتقدم الشركة خدمات ضغط سياسي وعلاقات دبلوماسية للإقليم الانفصالي.
وعلى الرغم من أنّ ملفات الإقليم في قاعدة بيانات وزارة العدل الأمريكية لا تذكر أي أنشطة بالمرّة، إلا أنه من المعروف أن شركة إندبندنت ديبلومات تقدّم تدريبًا للحركات الانفصالية أو الثورية في مجالات الدبلوماسية والعلاقات الدولية والعمل داخل المنظمات الدولية الكبرى مثل الأمم المتحدة.

للشركة تعاون مع جبهة البوليساريو الانفصالية الساعية للاستقلال بالصحراء الغربية بالكامل عن، وخدمت الشركة جنوب السودان في مساعيه للانفصال عن الخرطوم.

وذكرت الشركة على موقعها الرسمي أن التعاون مع إقليم أرض الصومال بدأ منذ عام 1996، أي بعد خمس سنوات من إعلان الإقليم الاستقلال عن حكومة الصومال إبان اندلاع الحرب الأهلية وانهيار الدولة في عام 1991، ويذكر الموقع أيضًا أن الشركة تعاونت مع الحكومة الانفصالية الصومالية في الملفات التالية:

رفع مكانتها الدولية، من خلال ملف العلاقات الدولية للحكومة.
تأمين المزيد من المساعدات والمعونات التنموية.

تعميق ارتباطها بالدول الأخرى.
إظهارها على أنها طرف دبلوماسي مسؤول.

دمج أصوات المجتمع المدني الداخلي في أرض الصومال في سياسة خارجية شاملة.

في سبتمبر عام 2016، في وقتٍ كانت الشركة تقدم فيه خدماتها الدبلوماسية والسياسية للإقليم، أعلن الإقليم عن اتفاقية مع شركة موانئ دبي، وهي بالطبع واحدة من أذرع الإمارات الاقتصادية.
تستثمر الشركة الإماراتية بموجب هذه الصفقة 442 مليون دولار في ميناء مدينة بربرة، أحد أهم مصادر دخل الإقليم. وبالمقابل تحصل الإمارات على نسبة 51% من إدارة وأرباح الميناء المهم جدًا أيضًا لدولة إثيوبيا المحصورة بدون إطلالة على البحر الأحمر، ولها حصة في المشروع تصل إلى 19%، ويبقى للإقليم منه 30%.

ولكن بعد الإعلان عن عقد الاتفاق، أعلنت حكومة مقديشو بطلان التعاقد وصرّح رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري بأن حكومته لم تكن على علم بالاتفاقية ولم تمر بالإجراءات القانونية المتبعة، واعتبرت الصومال أن الاتفاقية تهديد لوحدة أراضيها.
ومع أزمة حصار قطر في منتصف عام 2017، أعلن الإقليم وقوفه إلى جانب الإمارات والدول المحاصرة، على العكس من موقف الحياد الذي تبنته الصومال.

تابع الإقليم تعميق علاقاته بالإمارات على مستويات أخرى، ففي مارس 2018 افتتح الإقليم مكتبًا تجاريًا في دبي. وذهبت العلاقات أبعد من ذلك بعقد اتفاقية تقضي بإشراف الإمارات على تدريب قوات الجيش والشرطة التابعة للإقليم، وإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في بربرة مع حق الإمارات بالتواجد فيها 30 عامًا.

استمرت أعمال بناء القاعدة لأكثر من عامين، ولكن في سبتمبر 2019 صرّح مسؤولون في الإقليم عن تحويل القاعدة للاستخدام المدني، ولموقع الإقليم أهمية جغرافية خاصة لقربها من اليمن، حيث تشنّ الإمارات وحليفتها السعودية حربًا ضد جماعة الحوثي منذ أعوام.
تكشف وثائق الشركة عن اتصالات لها في الأمم المتحدة، منها اجتماعات مع جيفري ديلاورينتيس، من مكتب الشؤون السياسية في البعثة الأمريكية للأمم المتحدة.

ومن 2011 وحتى مطلع 2013 كانت أنشطة الشركة خفيفة وشبه معدومة، ولكنها عادت في فبراير 2013 بقوّة بسلسلة اجتماعات مع مسؤولين بوزارة الخارجية الأمريكية، مع مكتب شؤون أفريقيا بالخارجية، ومع مكتب الصومال. واجتمعت الشركة أيضًا مع مسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية يعملون على الشؤون الأفريقية في مكتب وزير الدفاع، وبعد الاجتماعات تابعت الشركة تواصلها إلكترونيًا معهم.

وفي أكتوبر 2013 اجتمعت الشركة مجددًا مع مسؤولين بوزارة الخارجية، وتذكرُ الوثائق جميعها أن هذه الاجتماعات لمناقشة عمل شركة اندبندنت ديبلومات لصالح أرض الصومال، بدون أي تفاصيل إضافية، وفي مطلع 2014 كررت الشركة اجتماعها بنفس المسؤولين بوزارتي الدفاع والخارجية، وأخيرًا في 10 يونيو 2014 اجتماعٌ لافت للنظر، مع سيدارثا هيرديجين، من قيادة الأركان الأمريكية، لمناقشته بشأن مخاوف أمنية في الصومال.

وبعد ذلك، لا ذكرَ لمدفوعات من الإقليم للشركة، ومعها تضاءلت أنشطة الشركة لصالح الإقليم بطبيعة الحال، وقد حصلت الشركة مقابل خدماتها على 84 ألف منذ بداية التعاقد في يناير 2011، وانتهت العلاقة في 28 مارس 2017.

الاستقلال بدقّ أبواب الكونجرس
في 22 مارس 2013 وقَّعت حكومة الإقليم عقدًا مع شركة «جلوفر بارك – Glover Park» الأمريكية لتنفِّذ لها حملات ضغط سياسي والهدف الأساسي: مساعدة حكومة أرض الصومال في حشد تأييد لمطلبها بالاستقلال عن الصومال.

وشركة جلوفر بارك واحدة من أهم وأشهر شركات الضغط السياسي في الولايات المتحدة، أسسها عام 2001 مايكل فيلدمان الذي كان يعمل في منصب كبير موظفي أل جور، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة في عهد بيل كلينتون (1993-2001)، الرئيس الأمريكي الديمقراطي السابق، ونافس أل جور لاحقًا جورج بوش الابن في الانتخابات الرئاسية.

والمؤسس الثاني للشركة والذي يديرها في الوقت الحالي هو كارتر ايسكو، الذي عملَ مديرًا لحملة أل جور الانتخابية في انتخابات الرئاسة عام 2000.
للشركة تعاقدان مع الإقليم، الأول استمر لمدة شهرين فقط، حصلت فيه الشركة الأمريكية على 22 ألف و500 دولار أمريكي، ولكن لم تذكر ملفات وزارة العدل الأمريكية أية تفاصيل عن الأنشطة والمهام التي نفذتها جلوفر بارك لصالح إقليم أرض الصومال في ذلك الوقت.
وبعد خمس سنوات أتى التعاقد الثاني بتاريخ 10 سبتمبر 2018. يحوي العقد نفس مهام وأنشطة وأهداف العقد الأول، بالإضافة للسعي لتحصيل استثناء لمواطني أرض الصومال من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع مواطني سبع دول مسلمة من دخول الولايات المتحدة، وكانت الصومال واحدة منها.

وقّع على العقد سعيد علي شير وزير خارجية أرض الصومال، وكلّف أرض الصومال منذ 2018 وحتى منتصف 2020 أكثر من 198 ألف دولار أمريكي، ولم يزل تمثيلها للإقليم مستمرًا.
اجتمعت شركة جلوفر بارك عدة مرات بمسؤولين في الحكومة الأمريكية، والكونجرس، والإعلام الأمريكي. وتضمنت هذه الاجتماعات: اجتماعًا مع مسؤولين من الخارجية الأمريكية والبنتاجون، ومسؤولين من «هيئة التنمية الدولية الأمريكية (USAID)».

وفي الكونجرس، عقدت الشركة اجتماعًا مع عضو مجلس الشيوخ جوني إيساكسون الذي كان عضوًا في لجنة العلاقات الخارجية وقتها. ومن مجلس النواب اجتمعت جلوفر بارك مع كل من هانك جونسون عضو لجنة التشريع، وكارن باس عضوة بلجنة الشؤون الخارجية.

وللشركة اتصالات مع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، ولجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، بالإضافة لأكثر من 19 اجتماعًا مع موظفين يعملون لدى أعضاء كونجرس.
من بينهم موظفو السيناتور الجمهوري البارز تيد كروز، مرشح رئاسي سابق لانتخابات 2016، وعضو في لجان الخارجية والقوات المسلحة. وتورد الوثائق أيضًا اجتماعًا مع موظفي السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، عضو بلجنة الاستخبارات والخارجية، ونافس أيضًا على الترشيح الجمهوري للرئاسيات عام 2016

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى