اختفاء "الفكّة".. أزمة نقود معدنية تعصف بالأسواق اليمنية

> تقرير/ محمد راجح:

> ​أصبحت "الفّكة" عملة نادرة في التداولات والمعاملات اليومية في مختلف المناطق اليمنية، وسط نقص في توافر النقود المعدنية بمختلف فئاتها، خاصة في عدن وصنعاء، ما تسبب في تفجير أزمة في الأسواق ومحال البيع بالتجزئة وفي وسائل النقل مثل الباصات العاملة بين المدن.
وتؤكد مصادر "العربي الجديد" أنه لم يتم صك أي عملة معدنية في اليمن منذ نحو عقدين من الزمن، إذ اختفت فئة الخمسة ريالات ولم يكن متبقياً في الأسواق سوى فئتي العشرة والعشرين ريالاً، إلى أن بدأت أزمة جديدة تطاول هاتين الفئتين.

في حين يشير مراقبون إلى قيام بعض الورش بسحب جزء من هذه العملة واستخدامها في بعض الأعمال لإنتاج الصناعات المعدنية. وأدى نقص العملة المعدنية إلى نشوب خلافات واسعة تصل في بعض الأحيان إلى اشتباكات بالأيدي بين سائقي الباصات ومركبات النقل الذين لا يمتلكون فكة في حال تقاضوا 250 ريالاً من الراكب، ومواطنين يصرون على الحصول على كامل المبلغ المتبقي لهم.

وتصل أجرة المواصلات بين المدن في صنعاء في الباصات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة إلى 100 ريال، وهي عملة تكاد هي الأخرى تكون منعدمة رغم أن ما يتم تداوله من هذه الفئة، خصوصا في مناطق شمال اليمن، عبارة عن عملة تالفة لم تعد صالحة للتداول.

فيما تعمد محال البيع بالتجزئة إلى استخدام الحلويات والنعناع والشوكلاته الصغيرة الرخيصة كفكة في تعاملاتها اليومية مع الزبائن. ويقول هشام النهاري، مالك متجر تجزئة، لـ"العربي الجديد"، إن هناك أزمة كبيرة في عملية تداول العملة الورقية فئة 250 ريالاً، والتي تتطلب في كثير من الأحيان إعادة 50 ريالاً للزبون الذي يشتري بقيمة 200 ريال، نظرا لانعدام ليس فقط الفكة من العملة المعدنية بل والعملة الورقية من هذه الفئة.

فيما يؤكد محمد قايد، وهو تاجر تجزئة في عدن، لـ"العربي الجديد"، أنه لا يوجد أي أثر للعملات المعدنية في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، في حين هناك تطبيع تام من قبل المواطنين والزبائن مع هذا الأمر الواقع وقبول بالخيارات المتبعة في المحال والأسواق التجارية.

وتعاني اليمن من أزمة سيولة نقدية حادة في العملة المحلية، لا تتوقف فقط عند حدود الفئات المعدنية التي تكاد تكون منعدمة في مختلف المدن والمناطق اليمنية، بل في العملة الورقية في مناطق شمال اليمن، بسبب اندثار أربع فئات ورقية من العملة، إذ لم يعد هناك أي أثر لفئتي 200 ريال و50 ريالاً، وهو ما أثر على الفئة الأخرى 250 ريالاً، أما الفئة الورقية 100 ريال فيشهد ما يتم تداوله من التالف منها انخفاضاً تدريجياً.

الخبير المصرفي عبد الغني السماوي، مدير معهد الدراسات المصرفية، يوضح، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنه لم يتم صك أي عملة معدنية في اليمن منذ إطلاق النسخ الجديدة منها، وتحديدا في العام 2007 الذي شهد استحداث عملة نقدية معدنية من فئة 20 ريالاً إلى جانب الفئات التي كانت متداولة مع تغيير شكلها، خصوصاً لفئة 10 ريالات.

ولا يعتبر ذلك السبب الوحيد في تلاشيها واختفائها مؤخراً وفق تفسير السماوي، والذي يشير إلى عوامل وأسباب أخرى نظراً لفقدان العملة المعدنية قيمتها بشكل كبير، لذا أصبحت مهملة ولم يعد أحد يحتفظ بها لضعف قوتها الشرائية.

وتسببت أزمة السيولة الحادة التي تضرب القطاع المصرفي اليمني في ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية تتعدى 70 في المائة، إلى جانب ارتفاع كلفة سلة الغذاء بنسبة تزيد عن 180 في المائة. في هذا السياق، يشدد السماوي على أن الوقت قد حان للتفكير بالبدائل والخيارات النقدية المتاحة، ملمحا إلى أن الضرورة تقتضي اللجوء إلى العمل بالعملة الإلكترونية، باعتبارها الخيار الأفضل لمواجهة مختلف الأزمات النقدية وانخفاض السيولة التي يعاني منها اليمن.

ويؤكد خبراء على أهمية الاتجاه للريال الإلكتروني في اليمن بعد تحييد القطاع المالي والمصرفي عن الصراع الدائر في البلاد، ليس فقط لحل مشكلة السيولة ولكن كضرورة اقتصادية في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن، إذ سيكون لهذه الخطوة دور كبير في معالجة الاختلالات في بيئة الأعمال وتحديثها.

ومعروف عن الريال الإلكتروني أنه عبارة عن خدمة مالية تعتمد على الهواتف النقالة، إذ تتم العملية بالشراكة مع أكبر الجهات المصرفية وأوسعها انتشارا، بحيث يكون الحساب المصرفي للعميل هو نفس رقم هاتفه الجوال أو مرتبطاً به، لتصبح لديه محفظة مالية إلكترونية يتم استخدامها عبر الموبايل في إدارة عدد من العمليات، مثل الشراء والتحويل والتسديد والشحن والإيداع والسحب.

وترفض سلطات الحوثيين، التي تسيطر على غالبية المحافظات الشمالية، العملة الورقية الجديدة المطبوعة والمتداولة في مناطق نفوذ الحكومة اليمنية.
ومنذ بداية الحرب الدائرة في اليمن، تم إفراغ البنك المركزي اليمني من الاحتياطي النقدي الأجنبي المقدر بنحو 5 مليارات دولار، وأكثر من تريليون ونصف من العملة الوطنية، الأمر الذي هز السوق المصرفية التي تعاني شحاً كبيراً في السيولة النقدية وانتشار عملة قديمة مكدسة وتالفة في مناطق سيطرة الحوثيين.

العربي الجديد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى