الفيروس الصامت في صنعاء.. تجاهل مجتمعي ورسمي من موجة ثانية لكورونا

> «الأيام»"خيوط":

> تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) تساهلًا تامًّا، لعملية الاستعداد واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الموجة الثانية المحتملة من فيروس كورونا ومنع انتشاره، إذ تتجاهل السلطات الصحية في صنعاء عمليات الرصد والحجر الصحي اللازم للحالات المصابة، والمحتمل إصابتها.

وارتفعت وتيرة التحذيرات من عودة فيروس كورونا إلى صنعاء، مع وجود تأكيدات على ارتفاع تدريجي في حالات الإصابة بالفيروس، منها من تصل إلى المرافق الصحية المختصة، وبعضها يتكتم المصابون بأعراض ترجح صلتها بكورونا، بالبقاء في المنازل واستخدام وسائل المكافحة التي اعتاد الناس اتباعها في الموجة الأولى، من استخدام الأدوية المهدئة وبعض الأعشاب والفواكه والخضروات، مثل الحمضيات والزنجبيل، وغيرها من المواد التي يعتقد الكثير في صنعاء فوائدها في تقوية الجهاز المناعي.

يقول المواطن إسكندر نعمان، من سكان صنعاء، لـ"خيوط"، إن إحدى قريباته (55 سنة) تُوفيت الثلاثاء الماضي نتيجة إصابتها -كما يؤكد- بفيروس كورونا، فيما يخضع حاليًّا ابنها الذي لازمها أثناء مرضها للعزل المنزلي تحت ملاحظة متواصلة لحالته من قبل طبيب يتم استدعاؤه للمنزل.

بالنظر إلى سوء الأوضاع في البلد الذي مزقته الحرب، جعلت عملية الرصد شبه متوفرة، مع افتقار اليمنيين في مختلف المناطق إلى انعدام تام للرعاية الصحية، حيث شكلت الظروف الاقتصادية الصعبة والانتشار الواسع للأمراض والأوبئة اتحادًا فتاكًا مهمته الوحيدة، قتل أكبر عدد من اليمنيين، إلى جانب أولئك القتلى في مختلف الجبهات.

ويشهد اليمن تقسيمًا للمناطق والمحافظات، بحيث تسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، على جزء من تلك المناطق. التي أطلقت سلطاتها الصحية تحذيرًا للسكان وللجهات ذات الاختصاص من اتخاذ الإجراءات اللازمة استعدادًا لمنع الانتشار للموجة الثانية المحتملة من فيروس كورونا.

لا تجهيزات لمواجهة الوباء
بالرغم من الانقسام الحاصل في البلد إلا أن حركة المواطنين، من الجانبين، ما تزال ممكنة إلى حدٍّ ما. الأمر الذي يستدعي فحص جميع المواطنين الذين ينتقلون بين المحافظات، حرصًا على منع الانتشار والحفاظ على سلامة الأرواح من خطر الإصابة بالعدوى.

مؤخرًا تداول ناشطون أخبارًا على صفحات التواصل الاجتماعي عن عدد الوفيات في العاصمة اليمنية صنعاء التي شهدت ارتفاعًا نسبيًّا في عدد الإصابات بفيروس كورونا، في ظل التعتيم المطبق عن الإعلان لأسباب وفاة تلك الحالات. كما لو أن السلطات الصحية في مناطق سيطرة جماعة (أنصار الله) الحوثيين تعمل على اتباع ذات الاستراتيجية (سياسة القطيع) التي اتخذتها في الموجة الأولى لفيروس كورونا، خلال العام الماضي 2020.

وتستبدل السلطات الصحية في صنعاء حتى تسميته بـ"الموجة الثانية المحتملة لفيروس كورونا"، إذ حمل تعميمٌ أصدره وزير الصحة في حكومة أنصار الله (الحوثيين) توصيفًا مُغايرًا للفيروس "حالات الالتهابات التنفسية"، بالنظر إلى ارتفاع الوفيات التي لم يعلن عن تسبيب وفاتها.
مصدر طبي، تحفظ عن ذكر اسمه، يقول: "نستقبل حالات كثيرة، يعانون من التهابات في التنفس، لكنها لا تخضع للفحص للتأكد من إصابتها بفيروس كورونا". مؤكدًا أن قرابة (50) حالة وفاة استقبلتها مشافي صنعاء منذ مطلع مارس/ آذار الحالي.

وتتبع السلطات الصحية في صنعاء سياسة الصمت حتى من إطلاق التحذيرات الاحترازية للمواطنين في نطاق سيطرتها. حيث تبدو المدارس والجامعات والأسواق ومقرات العمل والأماكن العامة، ووسائل النقل، شديدة الازدحام. بالرغم من ظهور عشرات الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا، دون أن تخضع للفحوصات اللازمة، تحديدًا في العاصمة صنعاء والمناطق القريبة منها.

وبدلًا من توجيه المواطنين على حرصهم "أخذ التباعد الاجتماعي"، خصوصًا في الأماكن المزدحمة، اكتفت تلك السلطات بإصدار تعميمها الوحيد مطلع الأسبوع الفائت، لمدراء عموم مكاتب الصحة في مناطق سيطرتها، وكذلك لرؤساء هيئات المشافي الحكومية والخاصة.
يشير التعميم إلى "ظهور بعض الحالات التي تظهر نتائج فحوصاتها المخبرية اشتباهها بفيروس كوفيد-19". ذاك ما أمكنهم القيام به، بدلًا من تشكيل فرق طبية لمراقبة الوضع الصحي، وتكليفها من عمل التجهيز والاستعداد اللازمين لمواجهة الوباء ومكافحة انتشاره.

ويأتي اهتمام المواطنين نتيجة لاهتمام حكوماتهم وتوجهاتها حيال شيء ما. إذ يكذّب كثير من المواطنين، خبر عودة انتشار فيروس كورونا، خاصةً الذين هم بعيدون من متابعة ما ينشر في وسائل الإعلام عن الوباء.
المواطن عبدالله علي الخياطي (43 سنة)، ينفي دون علم حقيقة العودة لفيروس كورونا مجددًا،"قد كذبوا علينا السنة الماضية، وخلونا نرقد في البيوت 5 أشهر، ما في شيء، عيلطف الله بنا".

التعميم الذي أصدره وزير الصحة في حكومة صنعاء، يكشف حقيقة تخلي وزارته عن القيام بواجباتها المُفترضة واللازمة تجاه المواطنين القاطنين في نطاق سيطرة أنصار الله (الحوثيين). إذ يطلب الجهات المشمولة في التعميم توفير اللازم لحالات الالتهابات التنفسية.
وبحسب ما جاء في التعميم "يتم تخصيص غرف خاصة في الطوارئ العامة، لاستقبال حالات الالتهابات التنفسية، وتقويمها وعمل الفحوص اللازمة".

في هذا الخصوص، يؤكد مصدر طبي في لجنة مكافحة انتشار الأوبئة والأمراض، بوزارة الصحة العامة والسكان الخاضعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين)، والذي تحفظ عن ذِكر اسمه، أن التعميم الصادر قبل نحو أسبوع يعد التوجيه الوحيد من قبل الجهات الصحية الرسمية في صنعاء، وذلك في ظل ما شاع من أخبار عن توجيهات أخرى بإغلاق قاعات وصالات الأفراح ومنع الاجتماعات والاحتفالات.

من يدفع الضرر عنهم
يمضي ملايين اليمنيين، دون الاكتراث بحياتهم، نتيجة تعرضهم للعديد من الكوارث على مختلف المستويات، مُذ بدأت الحرب في بلدهم، قبل نحو (6) أعوام.

ويفتقد معظم المواطنين لأشياء أساسية وضرورية في حياتهم اليومية، مثل: التغذية الجيدة، والأدوية المناسبة، كالمقويات والفيتامينات وغيرها، حيث تهاجم الأمراض أجسادهم المُتعبة، بكل سهولة، وتصبح أجهزتهم المناعية أقل كفاءة وغير قادرة على مواجهة الفيروسات والأوبئة التي تقتحم حياة البسطاء من اليمنيين.

الطبيب أوسان العبسي، يشدد على أهمية ودور التغذية الصحية لتقوية مناعة الإنسان وإكسابه القدرات اللازمة لمواجهة الفيروس في حال الإصابة.
في مثل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والمواطنون على حدٍّ سواء، يعجز غالبية المواطنين عن توفير "الكمامات الطبية" لهم ولأسرهم، لعمل أبسط طرق الوقاية اللازمة، حفاظًا على أرواحهم من الإصابة بالفيروس.

المواطن الخمسيني عبدالإله المشرقي يشكو سوء وضعه بقوله: "مش قادرين نشتري حتى ليمون وزنجبيل، عشان نقوي المناعة من كورونا، ما بالك بالأدوية والمواد الغذائية الصحية".

وتفرض الأوضاع الراهنة ضرورة تكاتف وتعاون الجميع في البلاد لمواجهة انتشار الوباء والحد من انتشاره، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للمواطنين اليمنيين أينما كانوا، لمكافحة الفيروس، في ظل ظروف صعبة يمر بها اليمنيون بسبب الحرب والصراع الدائر مع توقف صرف رواتب الموظفين في بعض المناطق لأكثر من (4) سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى