الحروب مُعدية مثل الاحتجاجات

> العمليات الثورية (الاحتجاجات والحروب) في الدول العربية لا تزال بعيدة عن نهايتها وقد تستغرق سنوات، ومستوى الصراع في اليمن مرتفع للغاية، وخطره قد يمتد إلى دول في شبه الجزيرة العربية أو المطلة على البحر الأحمر، التي تأثرت وتضرر اقتصادها ومطاراتها والسياحة والمنشأة الحيوية فيها، بسبب عشوائية الصواريخ الحوثية والمسيرات والألغام البحرية.

لقد ولّد الصراع في اليمن حالة من التهديد المباشر لأمن بلدان المنطقة التي تمر بمرحلة صعبة من تاريخها في مواجهة المد الإيراني وجرائم أذرعته، وكذلك التطرف الديني والتعصب العرقي والإرهاب والإتجار بالمخدرات والأسلحة، لكن يظل القلق الأكبر من إمكانية انتقال الصراع من اليمن إلى "الجيران"، وهو بأي حال من الأحوال حسب دروس التاريخ ليس بمستبعد، خاصة أن ممثلي نفس المجموعات العرقية والمذهبية يعيشون على جانبي الحدود القريبة والبعيدة، ويرتبطون ببعضهم البعض مذهبياً وبعادات وتقاليد منذ مئات السنين.

الحروب مُعدية مثل الاحتجاجات، لقد لقى فعل البوعزيزي عام 2010 في تونس صدى على الفور لدى آلاف المواطنين الذين سئموا تعسف السلطات ولامبالاتها والفساد والفقر، على ضوئها نشأت حركة احتجاجية قوية غطت البلاد بأكملها، ثم أثبت النموذج التونسي أنه مُعدٍ، ففي الأسابيع التالية انتقلت موجة الاحتجاجات إلى البلدان المجاورة وخرجت حشود غاضبة إلى شوارع وساحات الجزائر وليبيا ومصر والمغرب واليمن.. إلخ. كانت القوة الدافعة للحركات الاحتجاجية في جميع هذه البلدان واحدة. بلغ عدم الرضا عن نوعية الحياة والفساد والبطالة ومستوى الحقوق والحريات المدنية كتلة حرجة.

التاريخ كذلك مليء بتجارب انتقال مآسي الحروب في دول آسيا وأفريقيا، من كمبوديا ولاوس وفيتنام والصين إلى رواندا، والصومال وحرب أفريقيا الكبرى المتنوعة بين أهلية وحدودية، حرب البيافرا في نيجيريا، وحرب الكونغو والصراع في كازامانس بالسنغال وحرب ليبريا وسير اليون وغينيا بيساو وكوتديفوار ومالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي الحروب التي تم تجاهلها من قبل المجتمع الدولي في البداية، حتى امتدت عبر حدود البلدان المتضررة، ومن ثم لاحظ الجميع أن ما يحدث يصبح خطراً على دول الجوار بعد أن اشتعلت النيران في بعضها.

حرب اليمن لا تهدد دول الجوار فحسب، بل تهدد أيضًا الممرات المائية الدولية والاقتصاد العالمي، كما أن على دول المنطقة الانتباه إلى خطورة اللعب على التناقضات العرقية والدينية فهي لن تقف في حدود اليمن، بل هي أساس الصراعات الجديدة أو تصعيد للصراعات القديمة، واليوم خيوط لعبة التناقضات من الممكن تحريكها عبر الإنترنت، أو بالتدخل المباشر الذي أصبح بلا عقاب وهو ما قد يشير إلى بداية تحول في فهم سيادة الدول والعلاقات السيادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى