اليمن.. أن تكون أسيرا في بلادك

> وفقًا لمعايير القانون الدولي الإنساني، فإن أسير الحرب الذي يتضمن حماية خاصة هو ذلك الجندي الذي يشارك في الأعمال العدائية في نزاع مسلح دولي، بينما في اليمن الكيانات السياسية البارزة الثلاث "الحوثي والانتقالي والشرعية" لديها أشخاص يطلق عليهم أسرى حرب، كذلك شيخ القبيلة وشيخ القرية وعاقل الحارة والتنظيمات المتطرفة وعاقل سوق الخضرة والملابس والقات.

الوضع في اليمن يشبه "العصيد"، الدولة بذاتها وضعيتها تشبه حالة الأسر والجميع يعرض موكب السيادات وأعلاماً مختلفة الألوان في احتفالات تبرز الحق في الأرض والسلطة، فهل من يفهم حاجة؟، والذي "عصد" المشهد اليمني زيادة هو أن الحوثي يحارب الشرعية والانتقالي، والشرعية تحارب الانتقالي في المحافظات الجنوبية، والشرعية تتبادل الأسرى مع الحوثيين، والحوثيون يتبادلون الأسرى مع المجلس الانتقالي، والشرعية والانتقالي يتبادلان فيما بينهما الأسرى دون الالتفات إلى أسرى الفقر والتشريد التي خلفتها الحرب.

إن النهج الناعم في المفاوضات بشأن تسوية الصراع في الشمال بين الشرعية والحوثيين، وفي الجنوب بين الشرعية والانتقالي لم يكن فعالاً، بل أفرز زيادة في عدد الأسرى في بلادهم الأصلية التي كانوا يؤمنون بالفرصة الجيوسياسية لإعادة توحيدها، إلا أن وقوع الجندي في الأسر عند أخيه من المدينة أو القرية المجاورة أفقده الهوية والإحساس بالوطنية والبوصلة النفسية، وأصبح يسعى إلى فهم ما يجري في بلاده معاً ومنفصلة، حتى يتمكن من معرفة عن أي أرض هو يدافع، أو ينتظر اللحظة المناسبة لاستعادة العدالة التاريخية لها.

استمرار الحرب في اليمن سيؤدي حتماً إلى زيادة في انقسام المجتمع وفي معدل الكراهية وفي ظهور صراعات جانبية جديدة مذهبية وأيديولوجيًة وقبلية، وزيادة في الدمار والتخلف وأعداد الأسرى والنازحين الداخليين، وبغض النظر عن مستقبل الجمهورية اليمنية موحدة أم لا، فمن الضروري التعلم من الأحداث الحالية والماضية بالابتعاد عن الشوفينية، وعن أن تكون أدوات حرب بيد الغير، ونقرر بجدية الجلوس لوحدنا دون وساطة.

لقد أصبحت أغلب الأشياء في اليمن تحت علامة الاستفهام من الدولة والمعارضة التي نصفها داخل البلاد والنصف الآخر خارجها. هل هم أحرار أم في الأسر؟ إلى الجنود الذين أصبحوا أسرى في معتقلات لا تبعد عن منازلهم وقراهم سوى بضعة كيلو مترات، بينما لا يدرك هؤلاء الجنود أن خارج المعتقلات هناك إخوة لهم أيضاً أسرى للمساعدات الغذائية والفساد والمنح المالية، وأسرى الكلمة والفكرة والصوت ولقمة العيش والماء والكهرباء والرواتب والبترول والغاز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى