صحابة رسول الله.. قصة إسلام عمر بن الخطاب (الفاروق) وهجرته

> هيّأَ الله - تعالى- لعمر بن الخطاب أسباب الهداية، فكان ذات يوم جالسًا عند الكعبة، والقوم يتشاورون فيمن يقتل محمدًا الذي فرّق جمعهم، فتوشّح سيفه، وذهب لِيجدَ محمدًا، فذكروا له أنّه عند جبل الصفا في دار الأرقم، فلَقيهُ رَجُلٌ وأخبرهُ بإسلامِ أُختهِ وزوجِها، فغضب لهذا الأمر، ومضى إليهما، وكانا يقرآن القُرآن، فلمّا دخل عليهما سألهما إن كانا قد أسلما، فأخبرته بإسلامها مع زوجها فضرب زوجها، وجلس على صدره، فجاءت تدفعه عنه، فضربها على وجهها، ، فرقّ قلبه بعد، وأراد أن يقرأ في الصحيفة، فرفضت أُخته حتى يتطهّر، فتطهّر وقرأ منها بداياتِ سورةِ طه، فنزل القُرآن في قلبه، وطلب منهم أن يدلّوه على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا وصل سأل عمر -رضي الله عنه- عن مكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ليُعلن إسلامه، فجاء إليه وضرب الباب، فلم يتجرأ أحدٌ من الصحابة الكرام فتح الباب له، لِما علموا من قوّته وبطشه.

فقام إليه حمزة -رضي الله عنه- وأدخله إلى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وسأله عن سبب مجيئه، فشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، فكبّر النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم- فرحًا بهذا الخبر، ثُمّ بدأ بالدعوة بكلِّ ما أوتِيَ من قوّة، وكان حريصًا على إظهار وإشهار إسلامه.

أسلم عُمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق -رضي الله عنه- في السنة السادسة من البعثة، وكان عُمره سبعةً وعشرين سنة، وقد كان إسلامهُ بدايةً لمرحلةٍ جديدةٍ من مراحل الدعوة، فقد تميَّز عمر بن الخطاب بقدر كبير من الإيمان، والغيرة الشديدة على الإسلام، والجرأة في الحق.

وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن إسلامه: "ما زلنا أعزّة منذ أسلم عُمر"، وكان السببُ في إسلامه دعوةُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بأن يُعَزّ الإسلام بأحبِّ الرجُلين إلى الله -عزّ وجل-؛ عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام(أبو جهل)، وكان إسلامهُ بعد إسلام حمزة -رضي الله عنه- بثلاثةِ أيام، حيث كان عددُ المُسلمين تِسعةً وثلاثين، فقال عن نفسه: "فكمّلتهم أربعين" .

ثُمّ أُشيع خبرُ إسلامهِ بين المُشركين في مكة فأخذ بن الخطاب سيفه وقوسه وسهامه، ثمَّ ذهب إلى الكعبة، وطاف بها سبعًا، وصلّى ركعتين عند المقام، ثُمّ قال للمُشركين وهم متجمعون عند الكعبة: شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس "الأنوف" وقال قَولته الشهيرة: من أراد أن تثكله أمه، و ييتم ولده، و يرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي، فلم يستطع أحدٌ أن يمنعه ويتبعه، وبخصوص هجرتهِ فقد كان الوحيد الذي هاجر علنًا. ولَحقهُ عددٌ من الصحابة الكرام بلغ عددهم قُرابة العشرين، وبقي يُدافعُ عن الإسلام وأهله، ولا يخشى أحدًا.

غيرة عمر بن الخطاب وموافقة القرآن له

عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" [البقرة: 125].

وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فنزلت آية الحجاب: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) [الأحزاب: 53] .

وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ" [التحريم: 5]، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ" رواه البخاري.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إن الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه”.

وهناك موافقًات عدة لرأي عمر بن الخطاب جاء به القرآن الكريم.

قصة جهاد عمر مع النبيّ

أجمعُ العُلماء على مُشاركة عُمر -رضي الله عنه- في جميع الغزوات والمعارك مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام، ولم يتخلّف عن أيٍّ منها، فقد شارك في غزوة بدر، وشاورهُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في قتال المُشركين، فتكلّم وأحسن، ودعا إلى قتالهم، كما كان له الأثر الكبير في إسلامِ العبَّاس عندما وجده بين الأسرى، وقال له إنّ إسلامَ عمِّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أحبَ إليه من إسلام الخطاب، لِشدّة حبّه للنبي، ولمّا جاء عُميرُ بن وهب لِرؤية أخيه في الأسرى، أخذها حُجّةً لِقتل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فحذّر عُمر -رضي الله عنه- الصحابة الكرام منه وذلك لفراسته، وكان صادقًا في ذلك، فحموا النبيّ ووضع عمر أشخاصًا لحراسته.

أمّا في غزوةِ أُحد فكان موقفهُ واضحًا وجريئًا في الردِّ على أبي سُفيان، وفي غزوة بني المصطلق لمّا وصل إليه قول عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين بوصفه للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بالذليل، أستأذن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في قتلهِ. أمّا في غزوة الخندق، فقد سَبَّ قُريشًا؛ لأنّها ألْهَتهم عن أداء صلاة العصر، وفي صُلح الحُديبية كان أوّلَ من دَعاهُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- للذهاب إلى قُريش ومُشاورتهم، وقد أبدى المعارضة على الصُلح في البداية لِما فيه من إجحافٍ بالمُسلمين في ظاهره، ثم شرح الله صدره للصلح، وعلم الحِكمة من ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى