كلمات في رمضان.. هكذا نصحح الأخطاء

> إن تصحيح الأخطاء لا يلزم أن يكون معه الفضح، والتشهير والقذف، وتعرية المخطئ قبل إرشاده وتوجيهه، وإنما أجمل منه الستر والصفح، والنصح بالمعروف مع تمام الرفق ومراعاة نفسي المخطئ.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم يبلغه الخطأ عن الإنسان يعلمه، فلا يذكر اسمه ولا يشير إليه بما يدل عليه، وإنما كان يقول: "ما بال أقوام يفعلون كذا"، دون تحديد؛ ليرفع عنه الحرج ويحسن إليه.

بل إن التثريب والتشويه والفضيحة تباعد بين الداعي ومن يدعوه، وتصنع لونا من الجفاء الذي يصم الآذان عن سماع الحق وقبوله، وكم من إنسان نفر قلبه غاية النفور، وتحول إلى حال أسوأ بكثير مما كان عليه، ولربما صار يعادي الدين بسبب الأسلوب الخاطئ في المعالجة.
إن الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر يجب أن يكون متصفا بأحسن صفات الكمال والتواضع والحلم، وعدم الكبر على الخلق، وعدم احتقارهم والاستخفاف بهم؛ حتى يكون ذلك سببا في قبول أمره ومجانبة نهيه. ومن تعاليم لقمان لابنه ((ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا))، لأن التواضع والتلطف والشفقة على المدعو، مع عدم الكبر والمرح والتعالي من أهم أسباب القبول.

لقد جاء الشاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا، ويطلب منه أن يرخص له فيه، فضج الصحابة لهذا المطلب العجيب، وزجروا الشاب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما نهى ولا زجر ولا نهر ولا عتب ولا قطب جبينا ولا أعرض عنه.. بل أقبل عليه وقربه وأدناه وحاوره وتلطف معه حتى أخرج من قلبه كل شبهة، ومسح على قلبه وصدره ودعا له حتى أخرج الله من قلبه كل شهوة، وما زال به حتى أقر الشاب لرسوله بخطأ مطلبه، وعاد سليم الصدر قرير العين بإيمانه وصفاء قلبه.

إنه خلق عال، ومعاملة كريمة تبني ولا تهدم، وتقوم ولا تعوج، ولا تستهزئ ولا تعتب ولا توبخ، إنها أخلاق الدعاة كما ينبغي أن يتعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا يكون دور الداعي، تربية تأخذ بيد المدعو إلى مكارم الأخلاق، لا تعرية تعين الشيطان عليه؛ ليكون لبنة صالحة في مجتمعه المسلم.
وهكذا كان رسول صلى الله عليه وسلم في دعوته للعاصين والمخطئين والمذنبين، الأخذ بيد العاصي، يستر عورته، ويقيل عثرته، ويعينه على شيطان نفسه، ولا يجرح، ولا يثرِّب، ولا يواجه الإنسان بخطئه طالما لا يحتاج الحال لذلك، وإنما نُصح يصحح الطريق، ويقيم المعوج، ويرد الشارد، في أدب جم وذوق رفيع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى