كلمات في رمضان .. تربية الأبناء

> التربية عبادة، والعبادة بحاجة للنية الصادقة، والنية الصادقة يؤجر عليها العبد وإن لم يوفق في تربية أبنائه، والنية الصادقة تكون شفيعة للوالدين، إن شاء الله، عن النقص فيما فاته من صلاح ولده وذريته، وعن كثرة مخالفات الأبناء وأخطائهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105] أي قمتم بما وجب عليكم من الواجبات، واتخذتم ما تستطيعون في ذلك من الوسائل.

وفي النية الصادقة ما يعين العبد ويوفقه إلى حسن تربية الولد، فإياك أن تعتمد على نفسك وقوة شخصيتك، وتنسى أن تتوكل على خالقك.

فليس عليك إلا بذل السبب وأما تحقق المصالح فعلى الله تعالى، إذ كم من قوي الشخصية عالم بالمهارات التربوية وُكل إلى نفسه فخذل عن تربية أبنائه تربية صحيحة، وكم من صحيح نية أصلح له الله ولده ولو بعد حين. ومن الأخطاء في هذا الجانب: أن تنوي بتربية ابنك أن تُمدَح بحسن التربية وقوة التأثير وحسن التعليم، أو أن تربيه لينفعك في المستقبل لا لوجه الله.

أيها الأب وأيتها الأم: ربِّ ابنك لوجه الله، ليرضي الله لا لينفعك! واعلم أنه إذا أرضى الله نفعك، قال تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"، فإذا صلح الولد دعا لأبيه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السعادة في معاملة الخلق أن تعاملهم لله؛ ترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله، وتخاف الله فيهم ولا تخافهم في الله.

فلا تنسَ أيها الأب ولا تنسي أيتها الأم أنكما كنتما في فترة من حياتكما في مثل سن أولادكما، وأنكم قد أخطأتم كثيرا، ليس خطأ لقلة تربيتكم أو لسوء أدبكم إنما هي في الغالب أخطاء قمتم بها بسبب الطيش، أو لعدم سيطرتكم على انفعالاتكم ومشاعركم، ولعدم الموازنة بين حريتكم الشخصية والقيود الدينية والاجتماعية والعرف والتقاليد التي يفرضها المجتمع، ولا شك أنكما أيضا في الغالب قد مسكما الضجر من الطريقة التي تعامل معها والديكما والمجتمع مع أخطاءكما، فلا تكونوا، يا أيها الوالدين، نسخة مكررة من أخطاء الماضي في التربية والنشأة بل كونا مجددين ومحدثين لها، فلا تفكرا في التربية من وجهة العقاب فقط، بل تذكرا أن وجهة الثواب والمكافأة في التربية هي الأهم، فوجهة الثواب هي كالحسنة التي ربما يمحي بها الوالدين عشرة من السيئات كانت بانتظار أبناءهما على وشك أن يفعلوها، ففي الثواب وقاية خير من علاج الخطأ بالعقاب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى