كلمات في رمضان.. تعاونوا على البر

> إنّ الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يستطيع أن يحيا في هذا الكون بمفرده، فهو في بعض شؤون حياته مجبر على التّعاون مع الآخرين لتستمر الحياة.
وقد خلق الله النّاس مختلفين ليتعاونوا، لأنّ التّعاون من أفضل السّلوكيات بين بني البشر، فهو أساس البناء الفعّال والنّجاح والسّعادة للمتعاونين.

إنّ التّعاون قيمة اجتماعية عظيمة، والتّعاون سرّ نجاح الأمم، فبالتعاون تحصل الأمّة على غاياتها وأهدافها، ويعيش المجتمع في رخاء وسعادة، وتسوده المحبّة والألفة، وبالتّعاون والتّكاتف يقف في وجه الأعداء، ويكبح جماح الشرّ والظلم، وبالتعاون يشعر كلّ فرد بأهميّته وقيمته في مجتمعه وأمّته.
وحينما يتعاون المسلم مع أخيه يزيد جهدهما، فيصلا إلى الغرض بسرعة وإتقان، لأنّ التّعاون يوفّر الوقت والجهد، وقد قيل في الحكمة المأثورة "المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه".

لذا جاءت الأحاديث النّبويّة الكثيرة تحثّ على التّعاون على البرّ والتّقوى. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى"، وقال عليه الصّلاة والسّلام: "يد الله مع الجماعة"، وقال صلّى الله عليه وسلّم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدّ بعضُه بعضًا".

وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في سنته المثل العملي؛ ليكون قدوة وأسوة واقعية متمثلة أمام الناس للتعاون بين المسلمين، فكان صلى الله عليه وسلم يعيش معهم كل أمورهم وشؤونهم وأفراحهم وأتراحهم، فعندما هاجر، ووضع حجر الأساس لمسجده، كان يبني معهم، وينقل معهم الصخر على كتفيه الشريفين، ويحمل التراب. وفي يوم الأحزاب، عندما استقر رأيهم على حفر الخندق، قسم العمل بين المسلمين، فكان يحفر كواحد منهم. روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب، حتى وارى التراب شعر صدره.

وللتّعاون آثار حميدة تظهر في حياة المجتمع المتعاون، فالأسرة الّتي يتعاون أفرادها على الاقتصاد في العيش، وتربية الأبناء، والشّفقة على الوالدين تكون سعيدة، والمجتمع الّذي يتعاون أفراده على مساعدة الفقير، تعليم الجاهل، معالجة المرضى، كفالة اليتامى، محاربة الظلم، وتطهير مجتمعهم من الفساد، هذا المجتمع يكون سعيدًا، ويكثر فيه الرّخاء والأمن، وتنتشر المحبّة بين أفراده.

لقد عُنِي الإسلامُ بالتّكافل والتّعاون بين المسلمين أيَّما عناية، وجعَل الإحسان إلى المساكين وابن السّبيل والأرملة والمصابين شرطًا لقبول الأعمال الصّالحة، واستحقاق الأجر والثّواب عليها بجلب الرّحمة والمغفرة إثرها، يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "الرّاحمون يرحمهم الرّحمن. ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السّماء".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى