صحابة رسول الله.. خالد بن الوليد «سيف الله المسلول»

> هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم بن يقظة بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، ويكنّى بأبي سليمان، وأمّه لبابة بنت الحارث، أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، مدحه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قائلا عنه: "نعمَ عبدُ اللهِ خالدُ بنُ الوليدِ سيفٌ من سيوفِ اللهِ"، وكان إسلامه قبل فتح مكة، وكان والده سيدا في قريش، ولُقّب بريحانة قريش، يلتقي نسبه بالرسول -عليه الصلاة والسلام- بمُرّة بن كعب، وقد كان رضي الله عنه حريصا على تربية أبنائه على الفروسية، والحرب، واستخدام الأسلحة، كما كان شديد العداء لرسالة الإسلام وللرسول قبل إسلامه.

إسلام خالد بن الوليد
عندما توجه المسلمون إلى مكة في عام 7 من الهجرة، سأل الرسول الوليد بن الوليد عن أخيه خالد بن الوليد لكي يدعوه إلى الإسلام وترك الجهل والضلال الذي يعيش فيه، وتحرك فؤاد خالد إلى هذا الكلام، وتوجه مع عثمان بن طلحة إلى يثرب لإعلان إسلامهما، والتقيا في الطريق إلى يثرب بعمرو بن العاص الذي كان متوجها لإعلان إسلامه أيضا.

اعتنق خالد بن الوليد الإسلام بعد أن جاوز الأربعين سنةً من عمره، وكان ذلك بعد أن أرسل له أخوه رسالةً خاطبه فيها قائلا: "سألني رسول الله عنك، فقال أين خالد؟ فقلت: يأتي به الله، فقال: ما مِثلُه جَهِلَ الإسلامَ، ولو كان يجعل نِكايتَهُ مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولَقَدَّمْناهُ على غَيرِه، فاستدرك يا أخي ما فاتك منه فقد فاتتك مواطن صالحة"، فتحرك فؤاد خالد إلى هذا الكلام، وظل يتحرك في قريش لكي يأخذ معه عددا من الشباب ويذهبوا إلى رسول الله في المدينة، ويعتنقوا دين الإسلام، فذهب لعثمان بن طلحة، وأخبره بما يفكر باعتناق دين محمد، فوافق عثمان بن طلحة، فخرج خالد على فرسه ومعه عثمان بن طلحة متّجهين إلى المدينة لإعلان إسلامهما، فالتقيا في الطريق إلى المدينة بعمرو بن العاص، فسألهم إلى أين يذهبان، فقالوا إلى المدينة، لندخل في دين محمد، قال عمرو بن العاص وأنا كنت متوجها لإعلان إسلامي أيضا، وسار معهم عمرو بن العاص، ووصلوا إلى الرسول، وكان ذلك في اليوم الأول من شهر صفر في السنة الثامنة للهجرة، فلما دخلوا على رسول الله سلّموا عليه، وردّ عليهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- باستبشارٍ، وقال النبي: "لقد رمتكم مكة بفلذات أكبادها" وطلب منه خالد أن يستغفر له، ففعل.

كان خالد بن الوليد ذا حياةٍ حافلةٍ بالإنجازات العظيمة والأعمال القيِّمة؛ فقد شارك في عدد من الغزوات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: غزوة مؤتة، وفتح مكَّة، وغزوة حُنين، وكان قائدا ومقاتلا في الحروب والفتوح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في عهد الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم، منها حروب المُرتدّين في عهد أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، وقد أمَّره على الجُند المتَّجهين لفتح دمشق برفقة أبي عبيدة عامر بن الجراح، رضي الله عنه، وقد كان خالد بن الوليد رضي الله عنه مُقلَّا في رِواية الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

نظرا لِما كان من خالد بن الوليد رضي الله عنه من شجاعةٍ عظيمةٍ وبسالةٍ معهودةٍ لقَّبه النبيّ صلى الله عليه وسلم بسيف الله المسلول، وقال له أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه عندما سلّمه لواء الجيش لقتال المُرتدّين: "إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نِعْمَ عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله، سلَّه الله على الكُفّار والمُنافِقين".

معركة اليرموك
وقعت معركة اليرموك في شهر جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة من الهجرة النبوية بين المسلمين والروم، قاد المسلمين فيها خالد بن الوليد رضي الله عنه مع عددٍ من كبار الصحابة، مثل: أبي عبيدة عامر بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والزبير بن العوام، والقعقاع بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وحبك خالد أمور الجيش، وجعله على شكل كراديس، وجعل في كردوسٍ ألف مقاتلٍ بقيادة أحد كبار المجاهدين، وفي أثناء القتال عمل على فصل المشاة من جيش الروم عن الخيل، فلم يستطع الروم إلّا الفرار من أرض المعركة، وانتصار المسلمين عليهم.

معركة مؤتة
سلّم ثابت بن أرقم الراية لخالد بن الوليد رضي الله عنه لقيادة المسلمين في معركة مؤتة بعد استشهاد القادة الثلاثة، وهم: زيد بن حارثة، ثمّ جعفر بن أبي طالب، ثمّ عبد الله بن رواحة، ووقعت المعركة في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، وعسّكر المسلمون في معان إلى الطرف من بادية الشام، وأبلى خالد في المعركة بلاءً حسنا يشهده التاريخ، حتى ورد أنه انقطعت بين يديه يومها تسعة سيوفٍ، واستمرّ في القتال بصحيفةٍ يمانيةٍ عريضة النصل، حتى أطلق عليه الرسول عليه الصلاة والسلام سيف الله، وتمثّلت خطة خالد في معركة مؤتة بالتراجع من أرض المعركة بشكلٍ تكتيكيٍ دون التقليل من أهمية المواجهة بالنسبة للمسلمين، ولكن الوضع كان مستلزما لذلك، خاصةً بعد استشهاد القادة الثلاثة.

توفي خالد بن الوليد رضي الله عنه في السّنة الحادية والعشرين للهجرة النبويّة، وقد ناهز عمره حينها ستّين عاما، وكانت وفاته في حِمص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى