جودة النخبة اليمنية وإستراتيجيتها

> من المعروف أن إستراتيجية الدولة هي سيناريو أفعال "النخبة" التي تفترض فيه النجاح الأكبر أو الأقل خسارة، هي خطة عامة وليست مفصلة تغطي فترة زمنية طويلة لتحقيق هدف معقد وغير مؤكد.

هناك عدة فروع لمفهوم الإستراتيجية مثل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، والتعليم، والترقية النسوية، والبيئة والتنمية المستديمة، والمناطق والموانئ التجارية، وتطوير الزراعة، وتطوير البنى التحتية.. إلخ، لكن مشكلة مفهوم الإستراتيجية يكمن في أنه يحتاج إلى نخبة وطنية مختلفة الأفكار والعلوم، وبالذات في مجال السياسية والاقتصاد، وللأسف سارت أغلب نخبة الجمهورية اليمنية بعد حرب 1994 في فلك الحاكم العسكري المنتصر وقبائله، وحصرت نفسها بالمفهوم العسكري و "الهبر"، وأصبح مفهوم إستراتيجية الدولة بالنسبة لها يُختزل في علوم وفنون الحروب والفيد، وتجهيز ونشر القوات للمعركة والغنائم شبيهاً بالنموذج "الأفغاني".

دمرت حرب الإبادة الجماعية القاعدة الاقتصادية الهشة لرواندا في 1994 وهو بلد ريفي، وبعد الحرب وقعت النخبة الرواندية اتفاق سلم، وبدأت الحكومة برنامجاً إستراتيجياً لتحسين اقتصاد البلاد، حيث دخلت رواندا فترة من النمو الاقتصادي، واستطاعت خلال فترة قصيرة تسجيل نسبة 8 % من النمو اقتصادي، وهو رقم قياسي حافظت عليه منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا، مما جعلها أحد أسرع الاقتصادات نموًا في أفريقيا، ونجحت بذلك في الحد من الفقر، وفي تطوير شبكة البنية التحتية للبلاد بسرعة.

دول الخليج التي نراها اليوم في قمة تطورها منذ البداية قامت نخبتها باتباع إستراتيجيات اقتصادية تقف على الموارد والمصادر المتاحة لديها وأولها النفط والموانئ، وعلى مقياس ونهج واسع وطويل الأجل فتحت من خلالهما أبواب إستراتيجيات أخرى تطويرية كالتعليم والصحة والطرقات والكثير من البنى التحتية، وهي اليوم في مصاف الدول المتقدمة، ولديها إستراتيجية الصناديق المالية المستقبلية لتأمين وحماية اقتصاد الدولة والأجيال القادمة.

هل توجد في اليمن نخبة سياسية واقتصادية بحق وحقيقة غير العسكرية؟ أم أن البلاد أصبحت مجرد معسكر مفتوح للإستراتيجيات والعقليات القبلية وتجار الحروب وصراعاتهم على السلطة والثروات؟ أين اختفت النخبة السياسية والاقتصادية اليمنية؟ إلى أين تذهب موارد البلاد الضخمة من النفط والغاز والأسماك والضرائب؟ ولماذا إلى يومنا هذا لم تُكتب أو تُقدم أي إستراتيجية وطنية تنموية في المناطق المسمى بالمحررة لتكون نموذجاً يحتذى به؟

طلبت الأمم المتحدة، في تقريرها الصادر يوم الإثنين الماضي، الإصلاح السريع لمينائي عدن والمكلا من أجل إبعاد شبح المجاعة عن اليمنيين، وهذا المطلب عيب في حق البلاد ونخبتها، ويدفعنا في نفس الوقت إلى طرح سؤال على بعض المشايخ وبعض الساسة والاقتصاديين اليمنيين ممن يدعون أنهم أنهوا الدراسات الجامعية، وأصبحوا يدرجون أسماءهم وألقابهم في قائمة النخبة. هل أنتم بالفعل نخبة؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى