وداعاً صديق العمر أبو ريام

> يا إلهي.. محمد مخشف يفاجئنا بالرحيل.. يا خسارتي ويا وجعي الذي سيطول دون أن أعلم مداه، لكنه حتماً سيطول. صعقني الخبر عبر الهاتف من الصديق علي واقص بأن المخشف مات.
كان آخر تواصل بيننا قبل خمس أيام، إذ كان يشكو من ألم في الخد الأيسر بعد أن انطفأ نور عينه اليسرى، ونبهته إلى ضرورة السفر إلى مصر التي اعتاد زيارتها وداوم على الفحوصات فيها، وكان قد أجل السفر إليها إلى بعد رمضان، لكن:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

وعندما يأتي الأجل فإرادة ومشيئة الله فوق كل مشيئة. انطفأت روح الصديق الذي ربطتنا معاً زمالة عمل وصداقة روحين تأصلت، وثبتها التوافق في الرأي والموقف والطيبة.
تعارفنا تحت سقف "الأيام" في أوج ازدهارها وانتشارها في عهد مؤسسها الكفؤ والنادر أستاذنا المرحوم محمد علي باشراحيل صاحب أفضل حس صحفي، وأطيب روح تبنت الشباب.

كان المخشف قد سبقني إلى حديقة "الأيام"، ليشبع رغبته الصحفية ولم يكن قد أكمل دراسته المتوسطة لظروف خاصة، فوجد في واحة "الأيام" موقعه محرراً في الاستماع السياسي براتب بسيط، لكنه اجتهد واكتسب خبرة صياغة الخبر، وتلخيصه بحسب أهميته برعاية الأستاذ العم باشراحيل الذي لم أعرف صحفياً يماثله على الأقل من جيله جيل صحافة الخمسينيات والستينيات، فأصدر "الأيام" اليومية، وصحيفة الرقيب الإنجليزية الأسبوعية (The Recorder)، وهو الذي لم ينل من التعليم ما يوازي الثانوية العامة، لكنها الموهبة والقدرات التي لا تحتاج إلى شهادة جامعية، وأساساً لم تكن ثمة جامعة في عدن إبان الوجود البريطاني.

كنت أرسل مواضيع أدبية ومحاولات شعرية لصفحة الأدب الجديد في "الأيام"، وأنا في سنة ثاني ثانوي بالمعهد الفني.
كانت محاولاتي تجد قبولًا وتشجيعاً، فطلبني للإشراف على الصفحة الأدبية مقابل ستة دينار مصروف جيب، ومواصلات من الشيخ عثمان إلى كريتر، ومن هنا كان التعارف والانسجام

والصداقة مع صاحب القلب الأبيض محمد عبد الله مخشف.
ثم تزاملنا عملاً في صحيفة 14 أكتوبر حتى تفرغ للعمل مراسلاً لوكالة "رويتر" العالمية، ونجح معها حتى وفاته، وحقت فيه كلمة ملك الخبر نظراً لدقة متابعته وصياغته للخبر.

صديقي الغالي: لقد أحزنتني وفاتك المباغتة، لكن ذالك قدرنا يا أبا ريام.

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوماً على آلة حدباء محمول

وداعاً وإلى جنة الخلد والطيبين يا أطيب قلب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى