التسول في عدن: فقر وجريمة منظمة

> عدن تختنق بالمتسولين، وأعدادهم يزداد في شهر رمضان بشكل غير طبيعي، دون حساب أو خوف من وباء كورونا، نساء حوامل ورجال وأطفال قاصرون وبالغون، وعميان ومعاقون يطرقون أبواب المنازل، ويتسولون في الشوارع، وأمام المساجد والأسواق والمولات وفي وسط الطرقات الرئيسة، مما يؤثر على صورة وحركة المدينة، وغالبًا ما يخلق هذا الوضع شعورًا بعدم الراحة للزوار والمواطنين.

يرتبط التسول ارتباطًا وثيقًا بالجريمة المنظمة والفقر، والأخير هو أحد العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى انتشاره، كما أن مشكلة التسول معقدة، وتؤججها باستمرار الحالة الاجتماعية والاقتصادية للسكان والحروب، والشارع يوفر بدائل للحصول على دخل فوري بمجرد مناشدة الناس.

للأسف في عدن، يمكنك في أغلب الأوقات رؤية شخص يوزع الصدقات على المتسولين الأطفال، ولا يفكر هذا الشخص في حقيقة أن هذه الأموال ستنتهي في جيوب أولئك الذين يحرمون هؤلاء الصغار من الطفولة، إذ أن نصف الأطفال اليمنيين الذين وقعوا في أيدي تجار "السلع الحية"، يستخدمونهم في التسول الراجل، ناهيك عن الأطفال "المخدرين"، الرضع والأكبر نسبيًا، النائمون دائمًا على الأرض أمام الأمهات المتسولات في الشوارع، أضف عليهم الأطفال ضحايا النار والتعذيب الجسدي، وكذلك المتسولون من اللاجئين الأجانب وهؤلاء بدأت شبكات التسول كما يبدو بجذبهم إليها.

ألقت قوات الحزام الأمني، السنة الماضية، في الشيخ عثمان القبض على عصابة مكونة من 20 شخصًا، تستخدم الأطفال في التسول القسري في العديد من الأماكن العامة وشوارع المدينة، وذلك بعد أن حددت قوات الأمن الفندق الذي يقيمون فيه، وقامت بمداهمته والقبض على أفرد العصابة والأطفال الذين تبين أن جميعهم من النازحين، وهذا دليل على أن التسول أصبح صناعة إجرامية منظمة، يرتبط بارتكاب جرائم مثل: الإتجار بالبشر، والاختطاف، واستخدام السخرة، والضرب، والإضرار المتعمد بالصحة، بدرجات متفاوتة من الخطورة، والتهديد بالقتل أو الإضرار الجسيم بالصحة، وما إلى ذلك من جرائم.

تفتقر التشريعات اليمنية حاليًا إلى آليات فعَّالة للتأثير على هذا النوع من الجرائم، وتظل خطوة مأمور البريقة بإصداره تعميمًا بمنع ظاهرة التسول في المديرية، خطوة في الاتجاه الصحيح، وقد لاقى هذا التعميم ارتياحًا شعبيًا كبيرًا، لما له من تأثير على محاربة ظاهرة التسول الدخيلة والمستفحلة، ليس في البريقة فقط، وإنما في عموم مديريات عدن .

يجلب أغلب المتسولين إلى عدن فئة تتبع عصابات منظمة، تستهدف جمع الأموال، مستغلة رغبة الناس في فعل الخير، فالتسول أصبح وسيلة سريعة لجني المال، وليس بدافع الفقر، لذلك هناك حاجة إلى حظر التسول المنظم في عدن؛ لأن الظاهرة اجتماعية خطرة، تضم شبكات إجرامية تهدد الأمن الشخصي للناس في بيوتهم وفي الشوارع، وأي حظر في القانون الجنائي للتسول سيكون له تأثير وقبول إيجابي في المجتمع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى