صحابة رسول الله.. حنظلة بن أبي عامر "غسيل الملائكة"

> هو حنظلة بن أبي عامر بن صيفيّ بن مالك ابن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة الأنصاريّ الأوسيّ. عُرف والده في أيام الجاهلية بالراهب، وهو عمرو، وقد قيل عبد عمرو، كان يذكر البعث ودين الحنيفية، ولكن عندما بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يستجب لدعوته، وعاند الرسول، وخرج من المدينة، وراح يحرض قريش على قتال رسول الله، وشهد معركة أحد مع قريش، وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم أبوعامر الفاسق، ولكن ابنه حنظلة أسلم، وكان إسلامه حسنا، وذلك عندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة؛ فكان من المصدقين له، وهو أحد الصحابة الذين اتصفوا بكثرة مرافقتهم رسول صلى الله عليه وسلم، في معظم أوقاتهم، وشارك حنظلة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى مكة؛ لقتال المشركين، حيث استُشهد في معركة أحد. ويُقال إنّ حنظلة بن أبي عامر وعبد الله بن عبدالله بن أبيّ بن سلول استأذنا رسول الله في قتل أبويهما؛ ولكن الرسول الكريم نهاهما عن ذلك.

استشهاد حنظلة
كان حنظلةُ بن أبي عامر رضي الله عنه شابا صالحا وتقيا، فعندما سمع نداء الرَّسول صلى الله عليه وسلم بالاجتماع في الصفوف لملاقاة العدو خرج من أهله وهو جنب؛ كي يلبّي نداء الرسول للجهاد، فاستوى في المعركة بين الصفوف مع المؤمنين وقاتل رضي الله عنه حتى استُشهد، فلم يكمل سوى ليلة واحدة من زواجه، فكان من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

غسيل الملائكة
يعدّ حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه أحد شهداء غزوة أحد، اشتُهر ولُقِّبَ في كتب السيرة النبوية "بغسيل الملائكة"؛ لأنّ الملائكة هي التي غسّلته، حيث تزوّج حنظلة من جميلة بنت عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وكان زواجه منها في الليلة التي صبيحتها غزوة أحد، وقد استأذن حنظلة النبي صلى الله عليه وسلم بالمبيت عندها، فأذن له بذلك، فبعد أن زُفت إليه جميلة، وأفضى حنظلة رضي الله عنه إلى عروسه في أول ليلة، سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يهيب بالمسلمين أن يخرجوا إلى أحد، فترك حنظلة عروسه وخرج، ونسي فرحته الصغرى طمعا في الفرحة الكبرى في مجاهدة الكفار والفوز بإحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وعندما سمع المنادي ينادي للجهاد، خرج دون أن يغتسل، فشقّ صفوف المشركين حتى كاد أن يقتل أبا سفيان، لولا إرادة الله التي لا تعلوها إرادة بأن كافأه بالشهادة، فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول عن قتْلِ حنظلةَ بن أبي عامرٍ: بعد أن التقَى هو وأبو سفيانَ بن الحارثِ حين علاهُ شدّادُ بن الأسودِ بالسيفِ فقتلهُ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنّ صاحبكُم تُغَسّله الملائكةُ فسألوا صاحبتهُ "زوجته"، فقالتْ إنّه خرج لمّا سمعَ الهائعةَ -وهو صوت المنادي للجهاد- وهو جنبٌ ولم يغتسل، فلما بلغ كلامها مسمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لذلك غسلته الملائكة، لقد رأيت الملائكة تغسله في صحائف الفضة، بماء المزن، بين السماء والأرض».

فلما انتهت الغزوة بحث الصحابة عن حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه بين شهداء المسلمين، فوجدوه ووُجد رأسه يقطر بالماء، ولم يكن الماء على مقربة منه، وفي هذا إشارة وتصديق لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "إن صاحبكم تغسله الملائكة"، وقد عُدّ هذا الأمر بابا لتكريمه.

وروى قتادة عن أنس قال: افتخرت الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة، ومنا الذي حمته الدَّبْر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت، فقال الخزرجيون: منا أربعة نفر قرأُوا القرآن، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى