هذه الخطوة لا يفعلها إلا رجل دولة حقيقي

> قانون "استرداد عائدات الفساد" الذي قدمه رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح إلى البرلمان العراقي، مطلع هذا الأسبوع، خطوة شجاعة وفي الاتجاه الصحيح، لأن هذه الخطوة لا تصدر إلا عن رجل دولة حقيقي، حيث يهدف القانون لاسترداد الأموال والممتلكات والعائدات الإجرامية والإيرادات والمنافع المتأتية من جرائم الفساد، وسوف يسري القانون على جميع المسؤولين العراقيين الذين تسلموا المناصب العليا من درجة مدير عام وما فوق من العام 2004م حتى الآن.

أما في اليمن فالفساد يزداد قوة وانتشاراً في أجهزة الدولة ومؤسساتها، ويزيد من معاناة المواطن والفقر وعدم المساواة والظلم، والسبب في ذلك هو أن مفهوم السلطة والدولة عند الكثير من ساستنا والنخبة عبارة عن فرصة لا تعوض للاسترزاق والإثراء من المال العام دون عقاب أو حساب، فهناك بعض الأفراد من الساسة وشيوخ القبائل الفاسدين الذين تتجاوز نفقاتهم الدخل الرسمي بكثير، وآخرين يتمتعون بالثراء الفاحش والرفاهية من نهب المال العام، بينما هناك الملايين من اليمنيين الجياع والمحرومين من أشياء أساسية مثل الطعام والرعاية الصحية والتعليم والسكن والحصول على المياه النظيفة والكهرباء.

يُفهم الفساد على أنه ظاهرة خطيرة اجتماعياً في مجال السياسة أو الإدارة العامة، وعلى أنه إساءة استخدام سلطة الدولة للحصول على منافع لتحقيق مكاسب شخصية، وكل مفاهيم الفساد الظاهرة والباطنة واضحة في اليمن، وأسباب الفشل في عدم إحراز أي تقدم في مكافحة الفساد باليمن كثيرة، وعلى رأسها غياب رجال الدولة الحقيقيين وعدم كفاية الشفافية في "حوكمة" الدولة وغياب قانون الإثراء غير المشروع، وعمليات غسيل الأموال والصراعات وآليات مكافحة الفساد غير الفعالة.

ليس كل سياسي هو رجل دولة، فالسياسي بلا شك كفؤ ويعرف أعماله على وجه اليقين، لكن أنشطته تركز بشكل أساسي على جذب الناس إلى حزبه، وطوال الوقت في منصبه لا يقوم في الغالب بأي إصلاحات أو تحولات كبيرة، وبالتالي فهو سياسي يقاتل ببساطة من أجل السلطة وحزبه ولا يسترشد بمصالح المجتمع، بينما رجل الدولة هو الشخص الذي يضع مصالح الدولة والمواطن فوق مصالحه، ويفكر على نطاق واسع في مستقبل وطنه وشعبه وازدهار الدولة، لذلك تراه يقوم بإصلاحات إستراتيجية في البلاد تمتد نتيجتها الإيجابية إلى الأجيال القادمة.

تعد مشكلة الفساد واحدة من أكثر المشاكل حدة و "نزيفًا" في البلاد، ويضعف الفساد الديمقراطية وسيادة القانون، ولا يوجد قانون واحد من شأنه أن يرضي الجميع في أي دولة من العالم، لكن قانوناً شبيهاً بقانون "استرداد عائدات الفساد"، فأنا متأكد من أنه سيرضي الغالبية العظمى من مواطني أي دولة وليس اليمن فقط، فهل يا ترى من الممكن أن تحدث معجزة، ويطل علينا رجل دولة حقيقي في البلاد قادر على خطوة شبيهة بقانون الرئيس العراقي برهام صالح قابلة للتطبيق تنتشلنا من هذه الأوضاع المزرية والكارثية؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى