هدفنا في الحياة

> إن الهدف للإنسان كالمنار للسفينة، بدونه تضل طريقها في المحيط، وكالبوصلة للطائرة، وبغيرها تتخبط في الفضاء، والإنسان البصير يحدد هدفه في الحياة، ويعمل من أجل تحقيقه.

وأنا أكتب هذه السطور.. أتذكر بدقة تلك الأحداث التي مررنا بها أنا وبناتي الثلاث، منذ اعتقال زوجي وانقطاع أخباره عنا، واسترجع بعض الأحداث التي عشنا فيها وتعايشنا معها، وأسأل نفسي كيف واجهنا هذه التحديات؟ وأفكر في السبب الذي جعلنا أقوياء، نتجاوز الظلم والاعتداء، ونتحدى صعوبة ظروف الحرب القاسية، ما الذي جعلنا نستمر بنفس القوة على الرغم من موت المئات وتشرد الآلاف؟ فإنني أُرجع السبب إلى الهدف الغائي الذي كنا نسعى لتحقيقه وسط دوامة هذه التحديات، إن وضوح رؤيتنا جعلنا نتجاوز فكرة الحرب، نستصغر منظر الظلم، ونتجاهل صعوبة الظروف.

لقد كانت الرغبة في إظهار حقيقة النور الذي نؤمن به، وحبنا العميق لخدمة مجتمعنا، ورغبتنا في معاشرة العموم بالروح والريحان، وأيضًا دفاعنا عن حقنا في حرية المعتقد والرأي والفكر هم المصادر الدفينة لقوتنا الداخلية، وعلة تكاتفنا معًا للرؤية نفسها والهدف، والسبب في تجديد عزيمتنا باستمرار.
إن الأهداف تتجدد مع الزمن، ومتطلبات الفرد تتغير كذلك في كل مرحلة من مراحل الحياة، ولكل فردٍ في الوجود هدف يختلف بحسب إيمانه وتوجهاته وثقافته وانتمائه للمجتمع، ويبقى الهدف الحقيقي من وجودنا على هذه الأرض هو "إصلاح العالم وتهذيب الأمم"، ولن يتحقق إلا (بالأعمال الطيبة الطاهرة، والأخلاق الراضية المرضية).

في حين أن الهدف في مذهب المتعة أن تعيش وتقضي وقتًا جيدًا.
في المذهب المادي هو الحصول على أكبر قدر من الفوائد وبلوغ الرُتب.

وفي مذهب الإيثار أن تعطي وتحسن للآخرين.
وفي المذهب العسكري هو البقاء والنصر، بينما في مذهب الحب هو توسيع دائرة الجمال، بتوسيع نطاق المحبة، وتتعدد الأهداف فالناس مذاهب وهي لا تستورد بل تنبع من أعماقنا.

ويبقى الاختلاف لمن لديه هدف ما يجنيه من ثمار في نهاية المطاف، فكل جهد في غير اتجاه هدف غائي مثمر هو جهد ضائع، لذا يظل تحديد الهدف هو الخطوة الأولى لتحويل غير المرئي إلى مرئي، وتعزيز الوعي بالأفكار والأفعال لتقوية أساس قيمنا الأخلاقية، وهذا هو سر كل نجاح في الحياة.
فلنسأل أنفسنا إذًا: أين اتجاهنا الحقيقي؟ ولأي هدف نسير؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى