لدينا علامات تفكك الدولة وإصرار على بقائها كصدفة فارغة

> كم من الوقت يمكن أن يعيش المواطن في دولة لا تعرف سوى الحروب والفقر والفساد والضغوط الرهيبة التي لا تُصدق دون فترة راحة أو تنمية أو سلام، وهي الفترة التي لم تعرف سواها الجمهورية اليمنية منذ تاريخ ظهورها، وبالذات في الجنوب الذي لولا المافيا القبلية في الهضبة لما عرف الحروب أو ما هي الرشوة، لكن من الواضح أن الجنوبيين لم يكن لديهم أدنى فكرة حتى عن معنى تصدير الفساد والصراعات ونهب الثروات وسرقة المال العام وتحويله خارج البلاد عبر عمليات غسيل أموال غير محدودة.

لدي شك يتحول إلى ثقة تامة في أن تفكك الدولة اليمنية أصبح واقعاً وأمراً حتمياً عملياً، والسبب الرئيسي للوصول إلى هذا الاستنتاج ليس مرتبطاً بأي حال من الأحوال فقط بنمو مشاعر فك الارتباط لدى الجنوبيين عن الشمال، وإنما بسبب فقدان السيادة ومفهوم مركزية الدولة ومؤسساتها والحروب وسوء الحالة الاقتصادية واضمحلال دور السلطات الثلاث المتمثل في برلمان عفى عنه الزمان ولا يمثل الشعب لا في الجنوب ولا في الشمال، وضعف الحكومة والسلطة القضائية، وكذلك اشتداد صراع القوى القبلية الشمالية فيما بينها على السلطة والثروات، وسيطرة وانتشار للقوات المسلحة الجنوبية على أغلب الحدود مع الشمال، ومطالب شعبية بطرد ما تبقى من القوات الشمالية من الجنوب بالسلم أو بالقوة من أجل إعادة الجنوب إلى مكانته الإقليمية والدولية.

تفكك الدولة اليمنية يتضح من خلال وجود حكومتين وبنكين مركزيين ونظامين تعليميين وثلاثة جيوش وثلاث مسارات دبلوماسية وتناثُر أعمى للسلاح بيد قبائل الهضبة العنصرية التي لا تؤمن بالحل السياسي، وتصر على "فرض" دولة أحادية صنع القرار من صنعاء دون مراعاة لحقوق الجنوبيين. تفكك الدولة مستمر، لأن هذه القبائل تطعن في أولوية قوانين الدولة، وتقر بفوقية "أثوار الهَجَر" وأعرافها حتى على دستور البلاد، وفي الواقع هي حرب بين قوانين الدولة المدنية وأعراف هذه القبائل المتخلفة، وهي الفوضى بعينها بين "المستذئبين" بالزي السياسي والعسكري والشيوخ وبين مواد القانون الجنائي اليمني.

الدولة اليمنية تتفكك بالفعل، وهي الآن قائمة شكلياً كصدفة فارغة، ومدعومة بالعنف والخوف والسلاح، وتتفكك بسبب الأخطاء المتراكمة وعدم الملاءمة للواقع الحديث للسياسة الدولية والإقليمية، وفشل الدولة في إدارة موارد البلاد وفسادها الذي أوصلنا إلى الفقر والمجاعة والحروب، وتسليم أراضي الدولة للتنظيمات الإرهابية ولجماعات عقائدها تتعارض مع ثقافتنا وعقائدنا ودستورنا المحنط، وتتفكك بسبب التدخل الإيراني والتركي المبكر والأسود في اليمن عبر وكلائهم، والذي يحتاج إلى كتاب مستقلٍ لشرح دورهم الإجرامي في تقسيم وتدمير البلاد والمجتمع اليمني باسم الدين والمذهب والمصالح وجر التحالف العربي إلى حرب اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى