> تقرير/ زكريا الكمالي:
تخلت السلطات الحوثية عن التزاماتها تجاه الموظفين في المدن اليمنية الخاضعة لنفوذها، وبدلا من انتظامها بصرف راتب كامل أسوة بما تقوم به الحكومة الشرعية في عدن، تتعامل حكومة صنعاء، غير المعترف بها دوليا، مع استحقاقات موظفي الجهاز الإداري باعتبارها مكرمة تظهر في الأعياد والمناسبات الدينية، وعلى شكل نصف راتب فقط.
ومنذ الانقسام المالي ونقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، أواخر 2016، يعيش نحو نصف مليون موظف في مناطق الحوثيين بدون رواتب، جراء الصراع بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين على موارد مؤسسات الدولة، وخصوصا الخاصة بميناء الحديدة، وتوريدها إلى حساب بنكي موحد من أجل الإيفاء بمرتبات الموظفين في كافة المدن اليمنية.
وقال موظفون في صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن وزارة المالية الحوثية بدأت، أمس الإثنين، صرف نصف راتب بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، ما يرفع عدد الدفعات المالية التي تم استلامها منذ مطلع العام الجاري، إلى راتب ونصف.
وعلى الرغم من ضآلة المبلغ، إلا أن وزارة الخدمة المدنية تعاملت مع الأمر كمكرمة كبرى، حيث قالت إن عملية الصرف جاءت "بناء على توجيهات عليا وتقديرا للظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها موظفو الجهاز الإداري للدولة لتخفيف المعاناة عنهم، خصوصاً مع قدوم عيد الأضحى المبارك وما يرافقه من التزامات وأعباء"، وفقا لبيان رسمي.
وبدلا من أن يشكل انفراجة لدى الأسر اليمنية، تحول نصف الراتب إلى معضلة لدى الموظفين الحكوميين الذين يكافحون لتأمين أبسط مستلزمات العيش في ظل الغلاء الفاحش لأسعار السلع الغذائية، وخصوصا مع تدهور أسعار الريال اليمني أمام العملة الأجنبية.
وذكر الشرعبي أن السلطات الحوثية تلزمهم بالتوقيع على كشوفات الدوام الرسمي من أجل تقاضي نصف الراتب، حتى ولو كانوا لا يقومون بتأدية أي مهام يومية، في ظل استبدال الوزارات كافة الكوادر الوظيفية بشخصيات من الموالية للجماعة.
وتشترط وزارة الخدمة المدنية بصنعاء تسليم نصف الراتب للموظفين المنضبطين في أعمالهم والقاطنين في مناطق سيطرتها ولم ينتقلوا إلى المناطق الخاضعة للحكومة.
وحسب المصادر، فإن نصف الراتب الذي يتم صرفه، يخضع أيضا للاستقطاعات الضريبية، حيث تم توجيه الدوائر الحكومية في صنعاء للالتزام باحتساب الضريبة على أساس إجمالي الراتب الشهري كاملا، ومن ثم يقسم على اثنين.
وتقف مسألة توقف رواتب موظفي الدولة كواحدة من الأزمات الإنسانية الأكثر تعقيدا في الحرب اليمنية، حيث يُحرم منها بدرجة رئيسية الموظفون في قطاع التعليم وبعض المؤسسات في صنعاء.
وعجزت كافة المبادرات الأممية عن تحييد مسألة رواتب موظفي الدولة، جراء الصراع على الإيرادات، وخصوصا القادمة من ميناء الحديدة، رغم تفاهمات بين الحكومة اليمنية والحوثيين على إنشاء حساب محايد في بنك الحديدة، أواخر العام 2018.
وبعد اتهامات حكومية للحوثيين بالتصرف في إيرادات ميناء الحديدة لتمويل عملياتهم الحربية، ذكر البنك المركزي في صنعاء، الخاضع للحوثيين، أنهم لا يزالون يودعون عائدات المشتقات النفطية في ذلك الحساب الذي تم الاتفاق عليه في استوكهولم، وأنهم يقومون بتجميع المبالغ فيه إلى حين صرف نصف الراتب.
ويشهد اليمن أوضاعا اقتصادية بالغة الصعوبة، حيث سجل الريال اليمني في مناطق الحكومة الشرعية انهيارا تاريخيا، وذلك بعد تجاوزه حاجز 1000 ريال أمام الدولار.