المسار السياسي الفاسد أهلك العملة الوطنية

> اليمن من ضمن الدول المصنفة في مواقع متأخرة على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن مؤسسة الشفافية الدولية، وقد عانت البلاد قبل الحرب الأخيرة وبعدها من فساد واضح وكبير في مجال تهريب العملات الأجنبية إلى خارج اليمن من قبل رجال الأعمال الكبار والنافذين من المسؤولين الحكوميين والشيوخ والساسة.

هناك قناعة عامة تقول، إن "المخربين" الاقتصاديين والسياسيين "الفاسدين" في اليمن هم من يتلاعبون بسعر العملة، لكن أكثر ما يثير الدهشة هو كلام هذين الطرفين عن المعالجات والحلول التي تذهب في النهاية إلى جيوبهم وحساباتهم خارج اليمن. والسؤال: كيف نحارب الفساد بالفاسدين؟

عوامل مختلفة تحدد قيمة أي عملة في العالم، وفي مقدمتها قوة العامل الاقتصادي إلى جانب السياسي والعسكري، ونحن لدينا ثروات "نفط، غاز، معادن، أسماك"، لكن أين هي؟ ومن يحررها من أيدي جماعة "الفيد"؟، أما بخصوص العوامل السياسية والعسكرية فمازال الكثير من ممثلي المسارين ينهب ويسلب، وبسببهم إلى يومنا هذا مازلنا نتحارب ونشحت ونأكل مما يجود به علينا الغير.

لا بد من تفعيل الركائز الأساسية الاقتصادية مثل النفط والغاز وميناء عدن وضبط إيراداتهم، وتحصيل وضبط الضرائب المختلفة من القات والخضروات، وتشديد الرقابة والتفتيش على انتشار محلات وشركات الصرافة التي أصبحت أكثر من الدكاكين والمطاعم، وأغلب الساسة والاقتصاديين يدركون أنها تقوم بغسيل وتهريب منظم للأموال، لكنهم يغضون البصر، وكأن المشكلة في زيمبابوي.

الفاسدون جعلوا اليمن تتمتع بمستوى عالٍ من التخلف والجهل والبطالة والفقر والمجاعة، وظهور بعض فئات من الناس اضطرت إلى الذهاب نحو أكوام القمامة للعثور علي طعام، ويمكن مشاهدة بعض الرجال والنساء والأطفال بشكل متزايد هذه الأيام وهم يبحثون في القمامة، وفي بعض الحالات يوقفون الناس عن رميها، ويطلبون منهم تسليمها لهم من أجل أخذ ما يحتاجونه منها.

سعر صرف الريال مستقر في صنعاء ومنهار في عدن، وبالرغم من أن صنعاء محاصرة اقتصادياً ومالياً لكنها مسيطرة على سعر صرف الريال بثبات، بينما عدن مطارها مفتوح وموانئها كذلك، ولها حرية الحركة والتواصل مع الخارج، وتحصل على دعم اقتصادي ومنح مالية هائلة باسم الشرعية، لكنها لا تتحكم بسعر الريال، وفشلت في تثبيت الانهيار.

هناك علاقة مباشرة بين المسار السياسي للدولة وسعر صرف العملة، ولتأكيد ذلك أقترح مشاهدة التقارير بأثر رجعي حول الأسباب الموضوعية التي أدت إلى سقوط الريال من عام 2015 إلى الوقت الحاضر، وسوف يرى حتى الكفيف بما لا يخطر على البال، وكيف من المهين للغاية أن يعتمد سعر صرف الريال بشكل حيوي على بعض التصريحات السياسية لبعض الشيوخ القبلية والساسة، ولذلك إذا كانت السياسة ستظل تسير على هذا النحو طوال الوقت، فإن الريال أيضاً سيستمر في الانهيار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى