أيام عاصفة في انتظار الملف اليمني

> صالح البيضاني

> ما نقطة الصفر التي سينطلق منها المبعوث الأممي الجديد؟
بوادر مرحلة جديدة في رحلة الأزمة اليمنية، يبدو أنها بدأت بالفعل مع تعيين هانس غروندبرغ مبعوثا أمميا جديدا إلى اليمن، وهو الدبلوماسي الذي عمل منذ عامين تقريبا سفيرا للاتحاد الأوروبي.

ويتزامن تعيين الدبلوماسي السويدي، الذي رعت بلاده التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة في ديسمبر 2018، مع وصول الجهود الدولية إلى طريق مسدود في ما يتعلق بالمضي قدما في خطة السلام الجزئية التي أنهى بها المبعوث السابق مارتن جريفيثس مسيرة الفشل الأممية في اليمن، والتي وصفت بأنها أشبه ما تكون بمساع عقيمة لبث الروح في جسد السلام المتحلل.

ويكمن الخلل من وجهة نظري في غياب الواقعية السياسية التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع تعقيدات الملف اليمني، والقفز على كثير من الحقائق والمعطيات التي تكونت خلال أكثر من عقد من الصراع والحرب، إضافة إلى ربط الملف اليمني مؤخرا بملفات إقليمية أكثر تعقيدا، كما هو حال الملف النووي الإيراني الذي يديره العالم بطريقة مشابهة لطريقة التعامل الفاشلة مع الأزمة اليمنية.

ومن بين كل هذه الثغرات، يستمد الحوثيون رهاناتهم التي لا تعبأ بما يريده العالم، بل بما تريد الجماعة تحقيقه على الأرض، مستغلة فترات الانتقال التي تخللت انتقال السلطة في واشنطن من الحزب الجمهوري إلى الحزب الديمقراطي، وما رافق ذلك من قرارات على صلة بالخلاف الأميركي الداخلي وتصفية الحسابات بين بايدن وسلفه ترامب، وفي مقدمة ذلك قرار شطب الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية.

وعلى ذلك المنوال يراهن الحوثيون، وفقا لشواهد عديدة، على الفجوة الدبلوماسية التي سيتركها تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة خلفا للمبعوث السابق مارتن جريفيثس الذي تمخضت مسيرته الطويلة في اليمن بمسودة خطة ليس إلا، لوقف إطلاق النار، انقلب عليها الحوثيون في اللحظات الأخيرة من ولايته، وعيونهم على حالة التيه ورحلة البحث عن خيوط اللعبة اليمنية التي سيمضي المبعوث الجديد شطرا من ولايته وهو يبحث عنها، مبتدئا على الأرجح من نقطة الصفر.

ونقطة الصفر تلك التي سينطلق منها المبعوث الأممي الحالم الجديد، صنعها في الواقع الانقلاب الحوثي على كل التفاهمات والمقاربات التي صنعتها العشرات من الزيارات التي قام بها سلفه إلى صنعاء مسنودا بحراك أممي، أميركي وأوروبي غير مسبوق، انتهى بوساطة عمانية عادت من صنعاء إلى مسقط بمبادرة صفرية جديدة، يمكن اختصار فحواها في عبارة واحدة هي: الشروط الحوثية لاستسلام مدينة مأرب التي تحولت إلى عقدة المنشار الحوثي، الذي التهم في طريقه عشرات من المناطق اليمنية خلال العامين الأخيرين مستفيدا من حالة الارتباك الدولي وحُمّى الصراع المستعر بين القوى والمكونات المناهضة له.

ولا تشي التصريحات التي تلت فشل تمرير خطة وقف إطلاق النار في اليمن وانتهاء مسيرة المبعوث البريطاني بأي مؤشرات مبشرة لحل يمني قادم، في ظل استمرار أسباب الإخفاق والفشل التي ما تزال تتصدر جبهة المناوئين للحوثي، الذين لم يعوا أهمية عامل الوقت الذي يصب في صالح إيران ومشروعها في المنطقة.

ومع كشف وسائل إعلامية عن إرسال بريطانيا لقوات خاصة لملاحقة متورطين مفترضين في استهداف ناقلة النفط "ميرسر ستريت" قبالة سواحل اليمن، وانكفاء المواقف الأممية على الملف الإنساني، حسب ما تشير أجندة المبعوث الجديد وقائمة اهتماماته، وعودة الحديث، إعلاميا على الأقل، عن خطط وترتيبات المرحلة الانتقالية في اليمن، يبدو أن ملف الأزمة اليمنية مقبل في ما تبقى من العام 2021 على تحولات ومنعطفات حادة، سيكون العامل الحاسم فيها على المستوى الخارجي مصير مشاورات استئناف الاتفاق النووي مع طهران. وداخليا، المشهد الأخير الذي ستبدو عليه الخارطة اليمنية سياسيا وعسكريا ووضع الحكومة "الشرعية" على رقعة التفاعلات المتسارعة التي ستحمل معها مزيدا من المفاجآت غير المتوقعة خلال الأشهر القليلة القادمة.

"العرب"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى