​هل ستعود مصفاة عدن للعمل ثانية؟

>
تلقيت دعوة بالتجوال في مصفاة عدن من قبل رئيس نقابتها، والدعوة أتتني لأني كتبت كثيرًا عن المصفاة، ودافعت عن ضرورة إيقاف تدميرها والعبث بها، وكأنّ في هذه الدعوة رسالة تبلغني بأن الحلم قد تحقّق، وأنّ المصفاة تعود للحياة، وهي لم تعد تلك الكومة من الخردة، خصوصًا وقد استبدلت قيادتها السابقة، وأنّ القيادة الحالية بمعية النقابة وكل العمال يجاهدون اليوم بمثابرةٍ لإعادة إنارة شعلتها التي انطفأت طويلًا، ثم إنّ إعادة تشغيلها يجنبنا إهدار ملايين الدولارات لشراء المحروقات من الخارج.

* وفعلًا لبيت الدّعوة، وبداية طوافي كان إلى إدارة التدريب فيها، وهذه يديرها الأستاذ أنور سعيد نعمان، وهو أخٌ وصديق عزيز، ومن الدردشة الأخوية معه حول أوضاع المعهد الذي كان يحتل مرتبة متقدمة على مستوى الشرق الأوسط في مجاله، فقد نضحَ وجهه بالتفاؤل وهو يستعرض عدد ونوعية الدورات المخططة - 82 دورة مقرّرة لهذا العام - بينها دورة لجامعيين متخصصين في النفط (عدد 16 خريجًا) من خارج المصفاة، ومنها سيتم استيعاب 8 منهم كموظفين جدد في المصفاة، كما تحدث عن دورات رفع المهارة التي ترسلها دوائر المصفاة لإحلالهم كبدائل للمتقاعدين أو لرفع مهاراتهم وخلافه.

* خلال تجوالي طفتُ بمحطة الكهرباء، وهناك تجري إعادة الإنشاء من الصفر، وهي محور تشغيل المصفاة وعمادها، والعمل يجري في الصّبيات التي ستنتصبُ عليها المولدات، والجزء الأكبر من هذه المولدات تفترش قطعها ومعداتها في الساحات، لكن هناك أجزاءً متأخرة منها لم تصل البلاد بعد، ثمّ عرّجتُ على وحدة التقطير (أساس نشاط المصفاة في تكرير النفط الخام)، وفعلًا العمل يجري فيها بشكلٍ حثيث، وتقريبًا أنجز منه 80 % حتى الآن، وثمّة حركة دؤوبة في إعادة إنشاء وترميم منظومة شبكة أنابيب نقل النفط والبخار.. إلخ.

* لكن ما لفت انتباهي، هو كيف يتم استكمال تجهيز وحدة التقطير في الوقت الذي لم يتم الانتهاء فيه من محطة الكهرباء التي ستشغلها ببخارها؟ وللعلم هذه الأخيرة ستحتاج إلى ستة أشهر للانتهاء منها بحسب مدير المصفاة المهندس سعيد محمد! ثم أنّ ثمة أجزاءٍ منها لم تصل بعد إلى البلاد، بل وهناك احتياجات مالية بالعملة الصعبة مرتبطة بهذا الجانب، وهو مبلغ 7 ملايين دولار من المفترض أن تقدمها الدولة!

* يحدثك عمال في المصفاة، أنّ عملية تدميرها قد جاء بقرارٍ من رأس هرم السلطة، والهدف لغاياتٍ سياسية ولمصلحتهم الشخصية أيضًا، لكن شدّ انتباهي خلال تجوالي في أروقة إدارتها وورشها، أنّ ثمة وجوه بعض أتباع هؤلاء من الكهول الطّاعنين في السن الذين تمّ الإبقاء عليهم على الرغم من تقاعدهم منذ سنوات طويلة، وهم أسهموا في إيصال المصفاة إلى هذه الحال، ومن البديهيات أنه من لعب دور معول هدم لن يكون وسيلة بناء مطلقًا، أعني هنا عندما يدور اليوم الحديث الجدي عن النية الصادقة لإعادة تشغيل المصفاة فعلًا.

* هنا أشعرُ أنه ستنتصب أمام القيادة الحالية للمصفاة (المدير التنفيذي المكلف د. سعيد سليمان الشماسي ومدير المصفاة المهندس سعيد محمد) مهاما جسامًا لتسوية الملعب، ولتنفيذ تطلعات إعادة المصفاة إلى الحياة فعلًا، وبالفعل هم يبذلون جهودًا جبارة كما حدثني النقابيون في المصفاة وقيادات فنية وإدارية أخرى، ولكن المخلفات والتركة ثقيلة أصلًا، ثم إن ضمان استخلاص المبلغ الذي من المفترض أن تقدمه الدولة لإعادة الحياة إلى المصفاة هو الآخر في علم الغيب، ولا ننسى أن الحيتان التي تضرّرت مما يجري في المصفاة لها ثقلها وأذرعها وأنيابها أيضًا، وكل هذه عوائق ثقيلة ولاشك، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى