عودة الحكومة دون ضمان الرواتب المتأخرة كارثة

> كتب/ المراقب السياسي

>
  • الرئيس هادي يجب أن يعيد هيكلة الحكومة وتقليص موظفي الحكومة والخارجية
  • المواطن هو الحكم الأول والأخير ولا صوت يعلو فوق صوته
  • الرباعية تدعي الفساد عندما تريد وقف المساعدات ولا تكافحه
> يوم أمس الأول الخميس صدر بيان "باهت" عن دول الرباعية المسؤولة عن ملف اليمن.
المظاهرات التي عصفت بعدن في الأسبوع الماضي جاءت نتيجة تراكمات فساد المنظومة الإدارية الحاكمة في البلاد، وهو الأمر الذي تتحاشى دول الرباعية الحديث عنه على الدوام، فلم نجد طوال السنوات السبع الأخيرة أي مؤشرات على عمل جاد لمكافحة الفساد في البلاد لا من الشرعية ولا من دول الرباعية المكلفة بملف اليمن والمسؤولة عما يجري بموجب البند السابع للأمم المتحدة.

حتى ما جرى في أفغانستان لم يكن عبرة على ما يبدو لما سيجري في اليمن، وستكون النتيجة مطابقة لأفغانستان.
من العجيب أن الفاسدين معروفون لهؤلاء الدبلوماسيين الأجانب، ويعرفون تماما ما يحصل من عبث بأموال الدولة. ولا زال أولئك الديبلوماسيون ودولهم يتعاملون مع الفاسدين، ويفتحون الأبواب لهم، ويتحفونا بشكواهم عن الفساد المستشري في اليمن والحاجة لتوقيف المساعدات بسب بالفساد.

عندما تريد تلك الدول وقف المساعدات يقومون باستخدام الفساد كحجة، لكنهم لن يقوموا بأي تحرك لوقف الفساد في اليمن، فذلك ليس في صالحهم.
وكان مسؤولون سعوديون قد أبلغوا هذه الصحيفة في 23 يناير الماضي أن "هناك اتهامات جدية بأن الأموال تم التلاعب بها بتواطؤ من البنك المركزي اليمني"، وأن "حكومة المملكة ترفض مناقشة موضوع صرف وديعة جديدة للبنك المركزي قبل خضوع المسؤولين للتحقيقات".

أين هي نتيجة تلك التحقيقات؟ ومن هم المسؤولون الذين تم معاقبتهم أو إعفائهم على الأقل من مناصبهم؟ لم يتم شيء من ذلك، أيْ إن أيَّ وديعة جديدة سيتلقفها الفاسدون أنفسهم، وسيقومون بامتصاصها مثلما فعلوا بالوديعتين السابقتين.

أما الحكومة اليمنية فلا تكف عن تحميل الآخرين مسؤولية ما يجري داخل البلاد، ولم نرَ أي حكومة من الحكومات اليمنية السابقة تعلن مسؤوليتها عن أي شيء، فلماذا إذن هي الحكومة الشرعية للبلاد؟ وكيف للمواطنين أن يقوموا بمحاسبتها وهي بأمان في فنادق الرياض؟
وصول شحنة المشتقات السعودية المخصصة لمحطات الكهرباء هذا الأسبوع إلى عدن لن يحل الأزمة الاقتصادية الأساسية، وهي من الفساد المستشري في جميع أذرع الحكومة من أعلى الهرم حتى أسفله.

لم يتم إصلاح مصفاة عدن، وهي ستقوم بتوفير مئات ملايين الدولارات التي تلزم الحكومة لاستيراد المشتقات طيلة سبع السنوات الماضية، وكان المستفيد من ذلك تاجر النفط المعروف أحمد العيسي، ثم تلاه تجار آخرون. الفارق أن فوائد المشتقات كانت تذهب للعيسي في البداية، ثم أصبح أخرون هم المستفيدون... الثابت الوحيد هو عدم تشغيل مصفاة عدن لضمان تدفق الأموال لجيوب الأفراد المتاجرين بالنفط وشركائهم من المسؤولين الحكوميين.

والأمر نفسه ينطبق على كهرباء عدن... توقفت صيانة محطات التوليد لضمان تدهور الإنتاج، ورفع حصة شركات الطاقة المستأجرة المملوكة لأفراد معينين مرتبطين بالنظام الحاكم.
أكثر من 4000 موظف في مؤسسة الكهرباء ينتجون أقل من 80 ميجاوات كهرباء، بالمقابل أقل من 300 ينتجون كل ما يخرج من شركات الطاقة المشتراة وهو أضعاف مضاعفة.
لن يحصل أي فرق في كهرباء عدن دون إصلاح المصفاة أولا، والقيام بأعمال صيانة لرفع التوليد خلال الشتاء القادم بعد شهرين من الآن.

هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة والتخلص من الكم الهائل من الموظفين بداية من دواوين الرئاسة و وزارات الدولة السيادية، الذين أصبحوا موظفي دولة مقيمين بشكل دائم في القاهرة والرياض، ولا ينتجون شيئا.
وزارة الدفاع أصبحت دبّة عسل الفساد، تم مقاومة وإفشال جميع القرارات السابقة منذ 2008م لتسليم رواتب العسكريين بالبصمة لضمان شفط مئات آلاف الرواتب لجنود وهميين، حتى وصل الرقم إلى 463 ألف عسكري قبل أربع سنوات، بينما لا تستطيع الوزارة تحضير 20 ألف جندي للدفاع عن مأرب.

وحتى وزارة الخارجية اليمنية من الأفضل أغلاقها بشكل كامل، وتسريح جيش الديبلوماسيين الذين أصبحوا عالة على الدولة وإيراداتها، ويكفي وزير الخارجية الذي يقضي وقته بالسفر هنا وهناك، وتحويله إلى عمل مكتبي في رئاسة الدولة في منصبة الحالي فكل الديبلوماسيين الأجانب والمبعوثين يأتون إلى الرياض، ولا حاجة للسفريات والسفارات التي أصبحت عبئا ماليا ضخما على الدولة.

في النهاية يتحمل المواطن جزء من المسؤولية عن كل ما يحصل، فهو من قبل بهذا الفساد وسكت وتغاضى عنه حتى وصل إلى حافة المجاعة. وما انخفاض أسعار البترول في المحطات من 15,500 ريال للدبة إلى 11,400 ريال، واجتماع الرباعية في الرياض لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه إلا مثال بسيط لما يصنعه الاحتجاج على الظلم الحاصل.

لا يمكن أن يحصل فرق أويتم إنقاذ البلاد عبر وديعة سعودية جديدة أو شحنة مشتقات فهناك حاجة ملحة وعاجلة لأن يقوم الرئيس عبدربه منصور هادي بواجباته الدستورية التي أقسم اليمين عليها بالحفاظ على مصالح البلاد، وأن يقوم بإصلاح كبير وعميق يطال الجميع في حكومته.
وبالنسبة لبيان الرباعية فعلى المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم ألا يقبل بعودة الحكومة دون شروط محددة اولها دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين كاملة بأثر رجعي وضمان استمرار الخدمات مستقبلاً ضمن إطار ضابط لإيقاع عمل الحكومة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى