أم حسن.. فلسطينية يمنية ومزارعة سبعينية وناشطة اجتماعية ورئيسة مجلسين

> بيت لحم «الأيام» فادي العصا:

> لم تدق الساعة الثامنة صباحا بعد. أنهت الفلسطينية السبعينية فاطمة بريجية تطوعها الذي استمر قرابة 3 ساعات مع سيدات من قريتها المعصرة (جنوب شرق بيت لحم) جنوب الضفة الغربية المحتلة، لتجهيز وجبات إفطار لطلبة مدارس القرية.
منذ 20 عاما تقريبا، تبدأ بريجية (أم حسن) يومها بهذا العمل التطوعي، حتى يأكل الطلبة طعاما صحيا بدلا من الأطعمة المصنعة -كما تقول- وتساعد النساء في قريتها على تلقي بدل أجر لعملهن مقابل بيع الطعام بسعر زهيد للطلبة، الذين تصفهم بأن معظمهم فقراء.
أم حسن بريجية تعلق على الجدار صورا مع مسؤولين بارزين منهم الملكة رانيا العبد الله، ملكة الأردن الجزيرة
أم حسن بريجية تعلق على الجدار صورا مع مسؤولين بارزين منهم الملكة رانيا العبد الله، ملكة الأردن الجزيرة

رئيسة مجلس
تعود أم حسن إلى منزلها القريب من المدرسة، وتبدل ملابسها بلباس فلسطيني رسمي -ثوب وحقيبة مطرزين- وتتجه إلى المجلس القروي الذي ترأسه، والذي تبرعت بقطعة الأرض المقام عليها.
تم انتخابها بالإجماع مؤخرا رئيسة لمجلس الخدمات المشترك، الذي يضم 9 قرى وبلدات في المنطقة الجنوبية لبيت لحم، ويقدم خدمات البنى التحتية وتجهيز المخططات لشوارع داخلية وخارجية وتنفيذ مشاريع مشتركة.
فاطمة بريجية أم لشهيد كان متخصصا في علم الفيزياء، قضى برصاص الاحتلال عام 1999، وأحد أبنائها أمضى قرابة 15 عاما متواصلة في الأسر، وأبناؤها الآخرون تعرضوا للاعتقال من الاحتلال الإسرائيلي عدة مرات.

جدار واستيطان
شاركت أم حسن لـ 12 عاما متواصلة في مسيرات ووقفات ضد الجدار والاستيطان المحاصر لقريتها من كل جانب، وترجع ذلك إلى الوعي السياسي والاجتماعي الذي يعيشه أهالي القرية. أوقفت المسيرات عام 2015، بعد أن قدمت القرية الشهداء والجرحى والأسرى، وحقق أهالي القرية وقف بناء الجدار إذ استبدل بسياج سلكي. وما زال الفلسطينيون هنا يسعون لإزالته، وإعادة فتح قريتهم على أراضيهم التي سُلبت منهم لصالح المستوطنات التي توسعت على حسابها.
أم حسن وهي تقوم بالعمل التطوعي مع مجموعة من النساء لإعداد طعام تصفه بـ لصحي لطلبة المدارس، الذي يسهم في مساعدة النساء اقتصاديا الجزيرة
أم حسن وهي تقوم بالعمل التطوعي مع مجموعة من النساء لإعداد طعام تصفه بـ لصحي لطلبة المدارس، الذي يسهم في مساعدة النساء اقتصاديا الجزيرة

"الجزيرة نت" زارت أم حسن في منزلها، وكانت تعلق على الجدران صورا لأبنائها، الشهيد، والأسير، وصورا لفلسطينيين شهداء تعرفهم جيدا، وتعلق بعض الأوسمة التكريمية التي حصلت عليها، وصورا مع مسؤولين بارزين منهم الملكة رانيا العبد الله، ملكة الأردن.
تقول أم حسن إنها لا تشعر بوجود مشاكل كونها سيدة فلسطينية تعمل في التطوع ورئيسة لمجلسين، بل على العكس إنها تشعر بالمتعة الشديدة، وتنظم وقتها، رغم أنه يظهر وكأنه ضيق جدا لكثرة ما هي ملتزمة به.

كانت تستعد، بعد نهاية لقائنا، للسفر إلى مدينة رام الله لمقابلة رئيس الوزراء الفلسطيني وعدد من المسؤولين، لبحث مشاكل قريتها والقرى المجاورة، وطلبت من حفيدها فتح جوانب البيت البلاستيكي الذي تزرعه بالطماطم.

تقول عن ذلك إنها تعمل مزارعة أيضا منذ صغرها، فعملها في الأرض يبدأ بعد الرابعة عصرا، فهي تعتني بأرضها وتزرعها بمختلف المزروعات، وتبيع ما تقوم بجنيه من محصولها مرتين أسبوعيا. وهي تطلب من النساء دائما أن يساعدن أنفسهن، ويمكّن وضعهن الاقتصادي، ولا يجوز للمرأة أن يبقى لها وقت فراغ، ويجب التنسيق بين ما تقوم به، على حد تعبيرها.
صور من منزل أم حسن بريجية وفيها أوسمة تكريم من جهات مختلفة، وصور لها ولابنها الأسير المحرر وابنها الشهيد (الجزيرة)
صور من منزل أم حسن بريجية وفيها أوسمة تكريم من جهات مختلفة، وصور لها ولابنها الأسير المحرر وابنها الشهيد (الجزيرة)

أصل يمني
قبل أن تنهي اللقاء، ابتسمت وقالت إنها فلسطينية تعتز بفلسطينيتها، ولكن والدها يمني من محافظة عمران، وينحدر من عيال سريح، وقَدِم إلى فلسطين عام 1936 للجهاد ضد الانتداب البريطاني، وبقي عالقا فيها بعد احتلاها، وتزوج من والدتها الفلسطينية، وظلت تعيش مع أخوالها، بعد أن توفي والدها، وتزوجت من قرية المعصرة وحملت اسم عائلة بريجية الفلسطينية.

تعتبر أم حسن نفسها فلسطينية، ولكنها تعتز بجذورها اليمنية، وتقول إنها تواصلت مع أبناء عمومتها في اليمن، وتعرفت عليهم وقامت بزيارتهم، وتصف ذلك قائلة "من لم يعش في فلسطين، فإن فلسطين تسكن داخله".
تصف أم حسن ما تقوم به بأنه عبادة، وتشعر بالبركة في وقتها وصحتها رغم سنوات عمرها السبعين، وترى أنها تستطيع أن تنجز المزيد وتساعد الناس، وتنهي حديثها بالآية القرآنية الكريمة "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".

*"الجزيرة نت"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى