آثار الحرب في اليمن تقود النساء إلى طلب الطلاق

> «الأيام» يمن فويس:

> تفاصيل مثيرة لنماذج اكتوت بالمعاناة
لم تكن المرأة اليمنية "إيمان المجيدي" لتذهب إلى قاضي المحكمة الخاضعة لسيطرة الحوثي في الحوبان بمحافظة تعز، وترفع قضية خلع زوجها وفسخ عقد الزواج إلا لتقصير زوجها معها ومع أبنائها الخمسة وعدم وفائه بنفقتهم من الطعام والشراب والملبس وإيجار المنزل الذي يقطنون فيه.
تقول إيمان المجيدي، في حديث لـ "يمن فويس"، إن زوجها لم يُعد قادرًا على إعالتها وإعالة أولادها ناهيك عن المشاكل الأسرية التي تحدث يومياً والناجمة عن هذه الأوضاع الاقتصادية والنفسية المتردية.

محمد نجل إيمان الأكبر يخبرنا بأن والده يعجز عن تلبية متطلبات الأسرة الضرورية، وأنه يغيب بشكل متكرر من المنزل ربما هروباً من مسؤولياته والمتطلبات التي نقذفها إليه واحدة تلو الاخرى، بينما تتحمل والدته الأعباء المعيشية.
تعتبر إيمان المجيدي نموذجاً واحداً من بين آلاف النساء الآتي ضاقت بهن الأرض نتيجة تحملهن أعباء أسرية تفوق قدراتهن الطبيعية والممكنة، وربما هذا من أهم وأكثر أسباب ارتفاع معدل الطلاق وتفكك الأسر اليمنية تحت جحيم الحرب.

تردي الأوضاع الاقتصادية أدى إلى تدهور الحالات النفسية إلى الأسوأ، والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاع حالات الطلاق في أوساط المجتمع اليمني إلى أرقام وصفت "بالقياسية" في الآونة الأخيرة خصوصاً في المناطق المحاصرة من قِبل مليشيات الحوثي.

وفي نموذج آخر، تقول فتحية الحميدي، إنها طالبت بالطلاق من زوجها للحصول على الطلاق للمرة الثالثة لوضع حدٍ نهائي لهذه العلاقة الزوجية العليلة، حيث إنه طلقها زوجها مرتين من قبل ويقوم بإرجاعها إلى ذمته بحجة الحفاظ على أطفالهما من فقدان العواطف الأسرية المستقرة التي قد تؤثر سلباً على حياتهم وشخصيتهم.

وتقول أيضاً فتحية لم تُعد تهتم بشيء من هذا القبيل سوى وضع فاصل نهائي لهذه العلاقة الزوجية، وخصوصاً أن زوجها مُصاب بحالة نفسية مرضية تجعلها تتعرض هى وأطفالها إلى الضرب المبرح الذي يُوشك أن يؤدي بهما إلى الموت عندما تعاوده نوبات حالته المرضية.

وأردفت إحدى بنات فتحية: نتعرض أنا وأمي وإخواني الصغار للضرب الجسدي والعنف اللفظي والحبس في المنزل من قِبل والدي فور حدوث مشكلة صغيرة ليس لنا علاقة بها إطلاقاً، وخصوصاً عند عودته من العمل حيث يعمل سائق باص يبدو أنه عندما لا يحصل على المال الكافي يقوم بضربنا كتنفيس عن غضبه وحالته النفسية غير المستقرة، ولولا تدخل الجيران في فك النزاع بيننا لوصل الأمر إلى وفاة أحدنا بلا شك.

تزداد الحالات النفسية يوماً بعد يوم في اليمن بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية مما يعود سلباً على الأسر الاجتماعية كونها الوحيدة التي تتحمل نتائج هذه الحرب والضحية الأولى لتدهور الأوضاع بكافة نواحيها.
وعلى هذا الحال لا تزال المحاكم اليمنية تكتظ بالنساء الآتي قدمن طلبات الطلاق والانفصال عن أزواجهن ناهيك عن مئات أوراق الطلاق التي يقدمهن الرجال لإنهاء الزواج وتنتظر ختم المحاكم كخطوة أخيرة ورسمية.

الأرقام المرصودة في رفوف محاكم الطلاق
ارتفعت نسبة الطلاق في عام 2019 إلى أكثر من 61 ألف حالة طلاق في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين حسب ما كشفته المصادر القضائية.
وتقول المصادر أيضا، إن العاصمة صنعاء تصدرت المرتبة الأولى في نسبة الطلاق، حيث سجلت في عام واحد 14 ألف حالة، ثم تتلوها محافظة إب بواقع 10 آلاف حالة طلاق، وعمران وذمار 6 آلاف حالة طلاق، و16 ألفاً على بقايا المناطق سيطرة جماعة الحوثي.

أما في اليمن بشكل عام فقد ارتفعت نسبة الطلاق بعام 2019 إلى 52 ألف و465 حالة، حيث ارتفعت حالات الطلاق بشكل مثير للقلق مقارنة نسبتها في عقب أعوام الصراع السياسي والحربي الذي يبلغ 5 آلاف و 4500 حالة طلاق فقط، أي أنها ارتفعت بنسبة 80 %، وتوضح المصادر أن 20 % منها بطلاق طبيعي، و70 % منها بطلب طلاق من الزوجة.

أسباب انتشار حالات الطلاق
أكدت دراسات المختصين والباحثين أن السبب الأول والرئيسي للطلاق والخلع هو تردي الأوضاع الاقتصادية ونهب رواتب الموظفين والبطالة والفقر بشكل عام، وأكد الأستاذ عبدالله "محامٍ يمني" أن الفقر يسبب الطلاق بنسبة 90 %، والأسباب الأخرى من الخلافات الأسرية والخصومات والإرث والزواج المبكر تشكل نسبة 10 %.

الزواج عن طريق الحب المسبقة وعلاقته بنسبة ارتفاع الطلاق
تتضمن العادات والتقاليد في اليمن أن تتزوج المرأة برجل دون أن يرى أياً منها الآخر، وربما اختلف الوضع في السنوات الأخيرة إلى حد ما، لكن تظل الطريقة الأولى هي العرف السائد، إلا أن بعض الخبراء النفسيين يفيدون أن الزواج عن طريق الحب قد يكون أحد أهم أسباب الطلاق المبكر بعد الزواج بأشهر أو سنوات قليلة، ويعللون ذلك بأن الزوجين في حالة قبل الزواج يكونان في حالة غميان وحب أعمى، وكل طرف يتوقع من الآخر شيئاً يفوق المتوقع، وبعد الزواج والعيش المقرب تبدأ حقيقة وعيوب الأطراف بالظهور تدريجياً، مما قد تتبين لكل طرف سذاجة ما توقع، ويبدأ باتهام الطرف الآخر بالتغيير ونقض الوعود الوردية والخديعة، ويبدأ عدم تقبل الأطراف الزوجية لبعضها، مما يؤدي إلى مشاكل ومفاقمات قد تؤدي إلى الطلاق السريع، وذلك حسب ما تصدر في كتب علم النفس.

يعد الطلاق أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ، فهو لم يقتصر على أرواح أزهقت أو بطون نال الجوع منها، أو أجساد فقدت أطرافها، أو منازل متواضعة تحولت إلى ركام أو سجون مكتظة بأبناء وطن أبرياء، أو أطفال أقيدوا إلى حبل المشنقة بعد أن نالوا التعذيب بأبشع الصور، بل وصل الأمر إلى التفكيك الأسري والمجتمعي، وأدى إلى القضاء على الروابط الاجتماعية في أفراد القبلية الواحدة، وإن لم تتم مداركة الأمر ومعالجة جذور المسببة لهذه المشكلة سيؤدي إلى عواقب يصعب علاجها حتى بعد انتهاء الحرب نفسها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى