​إصلاح القضاء

>
لقد أثار القاضي أحمد عمر بامطرف، نائب رئيس المحكمة العليا فيما نشره في صحيفة "الأيام"، بمناسبة مرور43 سنة على تجربة الإصلاح القضائي، في الشطر الجنوبي من الوطن تحت عنوان القضاء في الجنوب بين ماضيه المشرف وحاضره المتردي، جدلًا ولا يخفى أن جهابذة الفكر القانوني قد لعبوا دورًا مشرفًا، في استقرار حال القضاء ولا تثريب على ما قدموه آنذاك. ثم وضع القاضي أحمد عمر بامطرف، مقارنة مع ما يدور حاليًا من عدم استقرار القضاء بسبب سوء سلوك جهابذة الفساد داخل السلطة القضائية حاليًا.

إن عملية الإصلاح القضائي، مرت في الشطر الجنوبي بمخاضٍ صعب، للوصول إلى ما وصلت إليه. وشارك في ذلك ما يسمى بأجهزة حماية الشرعية، قضاة وادعاء عام ومحامون، وأجهزة أمن جميعهم ساهم بإيجابية بتقديم كل رؤيته لتنظيم العلاقة، بعضها ببعض. ووضعوا الحلول والقواعد الملزمة لذلك.
ولم يكن للجميع انتماءات حزبية، على اعتبار تنفيذ السياسات الخاصة بالدولة تقع على عاتق كل مواطن يمنى وكان الهدف استقلال القضاء والقضاة، فعقدت الندوات القانونية، التي نتج عنها خططًا وبرامج الإصلاح القضائي. وحسب علمي عقدت عدة ندوات قانونية، في السنوات77،80،84،88م في عدن، حضرموت، شبوة، أبين فوضعت الخطط والبرامج لإصلاح القضاء وأجهزة حماية الشرعية، المرتبطة بالقضاء باعتبار القانون تدبير سياسي، بل هو السياسة نفسها. فألغيت القوانين الخاصة، بمحاكم الشعب، وقانون الثأر فأصبح قانون العقوبات رقم3 لسنة1976م ولائحة إجراءات جزائية ساريي المفعول يطبقان في البلد. وبموجبهما يقدم المخالف للمحاكمة كما تم العمل بمشروع القانون المدني للدولة، اعتبارًا من أغسطس1978م والإجراءات المدنية.

إن المتطلع لثورات العالم سيجد الكثير من السلبيات التي رافقتها فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، والثابت من قراءة نصوص قانون العقوبات الشطري عند قراءتها سيجدها أخذت فيما بعد من القوانين الإنسانية. (المبادئ) لتجاوز الانتهاكات خارج القانون. ونصت على معاقبة المخالف.
وعنى المقنن حينها بكل ما يتعلق بحياة المواطن المادية والروحية، فأصدر قانون التجارة والتموين، وقانون صندوق موازنة الأسعار، وقوانين أخرى تهدف إلى مكافحة الفساد في الدولة.

إن ما نكتبه، ليس الهدف منه رغبة في تولي منصب ما. وإنما بقصد التنوير والتذكير ليس إلا وقد تقدمنا في العمر في ظل اضطراب قانوني يتسبب فيه آخرين بسوء نية.
لم يكن البناؤون الأوائل للقضاء والادعاء العام حزبيون، كالمغفور لهما حميدة زكريا وراقية حميدان، ولم يكن المغفور لهما القاضيين علي عوض أحمد وعلي زين عيدروس، كذلك، ولم يكن المغفور لهما عبدالقوي محمد عمر وإبراهيم شيخ الكاف تربطهما علاقة حزبية، تعلمنا منهم الكثير في حياتنا العملية والمسلكية وكان هم الجميع، خدمة الوطن، فنقف إجلالا واحتراماً لتلك الهامات التي جعلت للقضاء هيبةً ووقاراً وهم يطبقون القانون ولم يجرؤ أحد المساس بتلك الهيبة، وهم يدافعون عن الشرعية الدستورية والقوانين. وكانت السلطة العليا تفهم مطالب القضاء واحتياجاته، وفارقوا الدنيا دون أن نكرمهم لكننا نعتز بما تم من إنجازات في مجال السلطة القضائية، آنذاك، كماً ونوعاً من خلال إسهاماتهم الرائعة.

فلا يفهم ما نكتبه بهذه الحساسية، فنحن زملاء في المهنة، وشركاء في المحنة، ونتوق إلى تثبيت دعائم السلطة القضائية، وعلى شباب المستقبل، أن يقدموا الأفضل، ونحن معهم في السراء والضراء. ومكافحة الفساد أياً كان ضاربًا. فلابد من مبادرة يتبناها الجميع، وليكن
شعارنا لا للفساد مع التطبيق الأمثل للدستور والقوانين عند تعيين القضاة.

والله من وراء القصد.
*عضو المحكمة العليا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى