إيقاف الحرب بالحرب

> بعد مرور سبع سنوات من الحرب التي لم تحسم فيها النتائج التي كانت مأمولة حينها ومخططًا لبلوغها في زمن قصير عند انطلاق عاصفة الحزم، التي أعلن أن هدفها هو عودة الشرعية وإنهاء الانقلاب في صنعاء، وإجبار الحوثة على إيقاف حربهم العبثية المدمرة؛ والقبول بالحلول والمبادرات السلمية ولكن دون جدوى ولم يحصل ذلك.

والسبب الرئيسي في ذلك كما يعرفه كل المتابعين والمراقبين لتحركات المشهد العسكري، يعود لتراخي الطرف الآخر والمفترض بأنه يواجه حربهم بحرب أخرى أكثر ضراوة وحسمًا وجدية، ويجعلهم يستسلمون أو يقبلون بما يطرح عليهم من حلول ممكنة لإحلال السلام وتجنب ويلات ومآسي الحرب البشعة.

على أن تراخي أو (ضعف) الطرف الآخر الذي نقصده، وهو هنا الشرعية المعترف بها دوليًا لم تكن ضعيفة أصلا، ولم ترغب بعض أطرافها ومكوناتها الفاعلة في خوض حرب حقيقية ضد الانقلاب وحسمها سريعًا؛ لأن ذلك يتعارض مع قناعاتها ورغبتها بإطالة أمد الحرب التي تتكسب وتثري من ورائها، ناهيك عن موقفها المساند غير المعلن للانقلابيين بأكثر من صورة وبطرق وأشكال متعددة، ووصل الأمر حد تسليم معسكرات ومناطق ومحافظات بكاملها للحوثيين، وكان آخرها تسليم مديريات بيحان الثلاث بشبوة دون قتال، وقبل ذلك جعلت هذه القوى والأطراف من الجنوب عدوًا لها وسعت مرارًا لجعل الجنوب ساحة لحربها ومن عدن هدفًا مشروعًا لتحريرها من محرريها.

بعد أن استشعر التحالف العربي الذي تقوده السعودية بخطورة الأوضاع وارتدادها سلبا عليه، وبعد أن دفع فاتورة باهظة جدًا كانت نتاج سياسة استنزاف ممنهجة من قبل الحوثيين ومن خلفهم ومعهم إيران وبقية الداعمين لهم في الإقليم، وأطراف وقوى نافذة داخل الشرعية وعلى رأسها حزب الإخوان المسلمين وممثليه داخل مؤسسة الرئاسة والحكومة وأجهزتها المختلفة، تغيرت لديه المعادلات وأعيدت الحسابات وترتيب الأولويات والتحالفات كذلك.

ولهذا يبدو منطقيًا اقتناع التحالف الذي نأمل أن يكون اقتناعه صادقًا مع الجنوب، وبعيدًا عن أي حسابات تكتيكية مؤقته وإن كان موقفه هذا قد أتى متأخرًا بعد أن تجرع كل الخيبات والخذلان والخسائر المهولة التي دفعها خلال سنوات سبع من عمر الحرب من قبل القوى والأطراف إياها؛ اقتنع أو أقنع بأن الجنوب فعلًا بما قدمه من أدوار وتضحيات في مختلف جبهات المواجهة مع المليشيات الحوثية، هو الشريك الحقيقي والفاعل في هذه الحرب معهم ومع شركائهم من إخوان اليمن والمنظمات الإرهابية الأخرى؛ وأنه قد آن الأوان للاعتماد على القوات المسلحة الجنوبية لخوض غمار الحرب الحاسمة معهم على ساحة الجنوب أولًا، وبما قد يشكله ذلك من تأثير إيجابي وتداعيات على جبهات القتال المختلفة مع الحوثيين ومن دعم ومساندة يمكن أن تقدمها جبهات الجنوب المتقدمة على الحدود مع محافظات الشمال المقاتلة ضدهم حقا وفعلا.

ومن هذا المنطلق نستطيع القول بثقة إن المجلس الانتقالي الجنوبي قد ضمن للجنوب مقعده على طاولة المفاوضات والتسويات القادمة بصفته ممثلًا رئيسيًا لقضيته الوطنية ومعبرًا عنها بصدق ووضوح، وأن المهمة المنتظرة منه هي الوصول سريعًا لنتائج مثمرة للحوار الجنوبي الداخلي والتوافق على آلية العمل الوطني المشترك الذي به وعبره يتم تجاوز التحديات والتقليل من المخاطر ويتم تأمين طرق الوصول إلى نيل الاستحقاقات الوطنية الكبرى للجنوب وفي أقرب وقت قد تتيحه الظروف القائمة بأقل الخسائر الممكنة إذا ما أحسنا التصرف وأجادت القيادات المعنية التعامل مع الأمور والمتغيرات بذكاء ومهارة سياسية، بعيدًا عن الرغبات والثقة من غير ضمانات أو التعامل بالنوايا الحسنة التي تقود أصحابها إلى جهنم كما يقال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى