مما أنتجه الفقر باليمن.. مهور الصغيرات لمواجهة العوز

> «الأيام» خيوط:

> أدّت سنوات الصراع والحرب والمعاناة الإنسانية المستمرة إلى خسائر فادحة وأثر واضح في الصحة النفسية للنساء والفتيات. تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 1 من بين كل 5 أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية، في ظل ندرة الرعاية الصحية النفسية في اليمن والعدد المحدود من الأطباء النفسيين.
مما يزيد الوضع سوءًا هو الاعتقاد الخاطئ بوصمة العار فيما يتعلق بالمرض النفسي للمرأة في المجتمع اليمني.

وتعرضت الكثير من النساء اليمنيات لصدمات نفسية يصعب التعافي منها، نتيجة حالات الخوف والرعب والترويع التي يعشنها مع كل عملية قصف للأحياء، أو مداهمة مسلحة للمنازل، أو تطويق للقرى والأحياء بحثًا عن مطلوبين أو مناوئين لهذا الطرف أو ذاك، فضلًا عن تلقيهن أنباء وفاة أو اختطاف أبنائهن وأزواجهن وآبائهن، الذين في الخطوط الأمامية لجبهات القتال أو المتنقلين من محافظة لأخرى بحثًا عن لقمة العيش.

يتمثل أحد التحديات الرئيسة في تلبية الاحتياجات النفسية والاجتماعية في محدودية عدد العاملين في مجال الصحة النفسية في اليمن.

في عام 2011، كان هناك 44 طبيبًا نفسيًّا فقط في البلاد وأربعة مستشفيات متخصصة (عدن وصنعاء والحديدة وتعز)، أدارت إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية خطًّا ساخنًا للصحة العقلية، وقالت إن عدد المتصلين الراغبين بالانتحار قد تضاعف تقريبًا في عام 2019، وأن 92 % من المتصلين كانوا من النساء. كما أن هناك حاجة ماسة لتقديم أنشطة وخدمات الصحة النفسية للنساء في المناطق شديدة الخطورة ومواقع النازحات، وإنشاء آليات للوقاية والاستجابة على مستوى المجتمع المحلي.

عواقب الزواج المبكر
من المشاكل التي تواجهها النساء أيضًا، وتسبب لهن اضطرابات ومشاكل صحية، هو الزواج في سن مبكر (زواج الصغيرات)، والذي يمثل وسيلة لطلب الحماية من المجتمعات المضيفة ولتخفيف الأعباء المالية.
ورصدت "خيوط" تناميًا ملحوظًا للظاهرة، مصحوبًا بجدل واسع حول أسبابها ودوافع تناميها في ظل ما أوجدته الحرب من تبعات رافقتها منذ سبع سنوات، وتركت معظم سكان البلاد على حافة الفقر والعوز والجوع.

ويقول الخبير المختص في علم الاجتماع أنيس الشرجبي، في حديثه لـ"خيوط"، إن بعض الظواهر مثل زواج الصغيرات موجودة في اليمن منذ ما قبل الحرب، وتستمد عملية نموها من ثقافة وعادات وتقاليد المجتمع التي توارثها أو التي اعتاد عليها.
ويرى أن الحرب وفقدان مصادر الدخل وتزايد الأعباء المعيشية في ظل تكاثر سكاني كبير، جعل كثيرًا من الأسر تفكر كثيرًا في بقائها وتماسكها ومواجهة الأعباء الثقيلة التي يجب التعامل معها؛ لذا تجد هناك البعض من يقبل بأول طارق لبابه طالبًا الزواج بابنته حتى لو كانت قاصرة أو قد تعدت سن الخامسة عشرة.

وتلعب العواقب الصحية والاقتصادية ونقص التعليم لزواج الصغيرات، دورًا رئيسًا في نشوء العنف القائم على النوع الاجتماعي في البلاد. ولا يزال هذا مصدر قلق، كونه آلية تكيف سلبية يتم تطبيعها من قبل المجتمعات.

تشير تقديرات إلى أن 1 من كل 10 فتيات متزوجات قد فقدن طفلهن، في حين تظهر دراسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان حول استكشاف تأثير الأوضاع الإنسانية على زواج الصغيرات، اطلعت "خيوط" عليها، أن حوالي 1 من كل 5 فتيات نازحات واللائي تتراوح أعمارهن بين 10 و19 عامًا متزوجات، مقارنة بفتاة واحدة من كل 8 فتيات في المجتمعات المضيفة، حيث يمثل متوسط سن الزواج 16 عامًا.

تصاعد مستمر
تشير تقارير رسمية إلى أن استمرار الصراع والحرب، أدى إلى زيادة في معدلات زواج الصغيرات؛ حيث تسعى العائلات إلى الاستفادة من المهر لمواجهة الصعوبات المرتبطة بالحرب وحماية بناتهن من التحرش والعَوَز.
وتؤكد العديد من الدراسات والبحوث التي اطلعت عليها "خيوط"، على تصاعد معدلات زواج الأطفال إلى نسبة تقدر بنحو 66 %، كما أن أكثر من 65 % من الفتيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة، مقارنة بـ50 % قبل الحرب، وهذا يعني أن الصراع والحرب الدائرة أدّت إلى ارتفاع عادة الزواج المبكر، نتيجة للفقر وانعدام الأمن الاجتماعي.

وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن 32 % من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا في جميع أنحاء اليمن تزوجن لأول مرة أو كن متزوجات، منذ سن 18 أو أقل.
وترى هدى السماوي الاختصاصية في علم النفس، في حديث لـ"خيوط"، أن الحرب كانت تأثيراتها النفسية كبيرة عل النساء في اليمن، إذ يعتبرن من أكثر الفئات المجتمعية تأثرًا بتبعات الحرب والصراع الدائر والأزمات الاقتصادية المتواصلة.

وتوضح أن بعض النساء اللاتي تزوجن في سن مبكرة تظل ترافقهن صدمات نفسية مع تقدمهن بالعمر، لكن يجدن صعوبة كبيرة في طلب المساعدة من الأسرة أو المجتمع المحيط بهن أو أي من المراكز الصحية المتخصصة بالطب النفسي، وهذا ما يضاعف معاناتهن بشكل كبير.
ويترتب على تزويج الأطفال، في السياقات غير المستقرة والإنسانية، نتائج سلبية متعددة للفتيات والنساء؛ من أبرزها أنه يقوّض صحتهن - بما في ذلك الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية - ويزيد من خطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وبالتالي ارتفاع معدلات وفيات الأمهات، والوفيات لدى الأطفال دون الخامسة من العمر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى