20 % من أجمالي الموارد العامة للمحافظات.. ومع ذلك هناك تحايل!

> د. يوسف سعيد أحمد

> تكتسب الموارد العامة الضريبية والجمركية، إضافة إلى موارد النفط والغاز وغيرها، أهمية كبيرة في سياق إيجاد موازنة عامة، لا نقول متوازنة، ولكن على الأقل لضمان قدرة الدولة على الأنفاق على مؤسساتها التشغيلية وصرف رواتب موظفيها، إذا ما استثنينا الاستثمار في البنية التحتية في هذه الظروف الاستثنائية أصلا، وبالتالي يمكن للدولة تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ولو نسبيا. وقبل كل شيء ما يتصل باستقرار الأسعار، وفي ذلك سعر الصرف.

والواقع أنه مع بدء الحرب، وهذا شيء معروف، قد نشأ فراغ كبير بين السلطة المحلية والسلطات المركزية، مع عدم تمثل القوانين المنظمة للحياة الإدارية والمالية والاقتصادية، الذي ترتب عن غياب الدولة. لذلك منذ بدء الحرب في عام 2015 امتنعت المحافظات جميعها تقريبا التي تقع تحت سيطرة الشرعية عن توريد حصيلة الضرائب والجمارك السيادية المتحصلة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي باستثناء بقاء موارد ميناء عدن تغذي حساب الحكومة، وإن لم تكن بحجمها الكامل.

وفي الوقت ذاته لم تنضبط قيادات المحافظات بتحصيل الموارد الضريبة والجمركية بموجب القوانين المنظمة ذات العلاقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقانون الجمركي، فقد اتبعت كل محافظة أسلوبا خاصا بها لتحصيل الموارد العامة، ولكن بصورة تقديرية وعشوائية بعيدا عن القانون. ومع ذلك، وأيا كان حجم الموارد عبر هذا الأسلوب من الجباية، لكن يمكن القول إن المحافظات استحوذت على موارد الدولة السيادية كاملة خلال الفترة الماضية، التي كان يتم إنفاقها دون أي رقابة محلية أو مركزية.

لكن مع استمرار تردي الأحوال الاقتصادية وعجز الدولة تماما عن تمويل الإنفاق على موظفيها، ولجوئها للاقتراض على المكشوف من البنك المركزي عن طريق الإصدار التضخمي (طبع العملة) الذي كان له آثار اقتصادية واجتماعية مدمرة، لا زالت قائمة حتى اليوم، فقد كان لا بد من البحث عن مخارج لهذا الوضع.

في سبتمبر 2021 تم دعوة المحافظين إلى الرياض، وعقد اجتماع معهم برئاسة رئيس الجمهورية، حضره وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، وفي محصلة اللقاء، تم التوجيه من قبل الرئيس بأن تمنح المحافظات 20 % من إجمالي حجم الموارد العامة، فيما تم الإبقاء على الموارد العامة المحلية التي يعطيها القانون للمحافظات كما هي دون تغيير.

ومنذ ذلك التاريخ، بدأ تنفيذ توجيه رئيس الجمهورية، وصارت الموارد العامة تتدفق إلى حساب الحكومة في البنك المركزي وفروعه، لكن رغم ذلك، لوحظ وجود عدد من المغالطات، وتم اكتشاف كثير من الحيل عند تسليم الـ80 % من الموارد العامة للدولة بعد أخذ نصيب المحافظات المتفق عليها، وهو الأمر الذي إذا استمر فقد ينتقص من جهود الدولة لتجاوز حالة التردي الاقتصادي، ويحد من إمكانيتها، ويقلل قدرتها على الإنفاق على رواتب موظفيها اعتمادا على الموارد العامة المتاحة باعتبار الأخير الطريق الاقتصادي الصحيح الذي يوفر حلا صائبا ومصدرا مستداما للإنفاق العام، وبديلا موضوعيا يجنب البلاد والعباد الحلول السهلة المعتمدة على الإصدار التضخمي، أو استمرار طلب الدعم من الخارج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى