المبادرة الخليجية تعرقل اتفاق الرياض

> تابعنا في حرب اجتياح الجنوب في 2015م كيف انتصرت المقاومة الجنوبية، وهمشت حين عادت أحزاب صنعاء، وانضمت لشرعية الرئيس هادي، وتشكلت حكومات كان كل هدفها إعادة احتلال الجنوب والتنكيل بشعبه وإشعال حرب الخدمات في محافظاته ونهب ثرواته، ولا زالت.
وشاهدنا أيضا حين سهلت وسلمت جيوش هذه الحكومات محافظات الشمال لأخيهم الحوثي وآخرها سلمت مديريات بيحان في شبوة الجنوبية له.

وتابعنا هذه الأيام كيف حررت هذه المديريات ألوية العمالقة الجنوبية، وكيف نسبت الانتصارات للجيش الوطني وللمؤتمر الشعبي العام، وتم تعليق صور الهالك عفاش من جديد في مقراته.
لذا أدركنا أن التناوب على سرقة انتصارات الجنوب بين أحزاب صنعاء يسير وفق تفاهمات كبيرة وسرية بينهم في صنعاء. وحسب المبادرة الخليجية التي تعطيهم الحق للاستمرار بحكم الجنوب واحتلاله عن طريق أحزابهم السياسية.

فمنذ تحرير الجنوب في 2015م لحزب الإصلاح والأحزاب المتحالفة معه. والآن 2022م للمؤتمر والأحزاب المتحالفة معه.
لغرض الاستمرار في مصادرة صوت الجنوب وممثله المجلس الانتقالي الجنوبي. وعدم تنفيذ اتفاق الرياض للاستمرار في احتلاله.

الأحزاب والمكونات الحالية الرئيسة ذات المنشأ الشمالي كالإصلاح والمؤتمر لم تكن يوما تمارس نشاطها كمؤسسات تنظيمية، بل هي دكاكين يملكها نفس المركز الحاكم في صنعاء، الذي انقسم إلى طرفين بسبب الصراع على السلطة وعلى الثروة في الجنوب.
الأول مسمى المشترك والعصمة والمفتاح بيد شخص واحد أو اثنين، والدكان الثاني يسمى التحالف، وعادة المفتاح والعصمة بيد شخص واحد، وفي كلا الدكانين لا أحد يجرؤ على الكلام خارج رغبة أصحاب العصمة.

وأنتجت هذه المكونات من بوتقة واحدة، هي جهاز الأمن الوطني في الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة، وشكلت، من بعض ضباط وأفراد هذا الجهاز وبعض مشايخ القبائل ومشايخ الدين، الهيئات العليا لهذه المكونات في الشمال تمهيدا للانقلاب على دولة الوحدة.
أكثر أبناء الجنوب لا يريدون هذه الأحزاب، ويطالبون الرئيس هادي بحل وحظر نشاط أحزاب صنعاء في الجنوب، للأسباب التالية:

1 - إن هذه الأحزاب تمتلك القرار في المؤسسات العسكرية والأمنية.

2 - إن هذه التنظيمات السياسية هي الواجهة السلمية والديمقراطية الكاذبة أمام العالم فقط، لكنها تمتلك مليشيات إرهابية تظهر وقت الطلب، وقادتها أفتوا بتكفير وإبادة شعب الجنوب لرفضه استمرار الوحدة.

3 - إنه حسب قانون الأحزاب تعتبر محظورة ومليشيا إرهابية. وهذه الأحزاب عندما تحط الحرب أوزارها سنجد أعضائها هم من يمثلون الجنوب ويتكلمون باسمه في الحوار والمبادرة، التي أكد مجلس الأمن على أن إكمالها هو الطريق الوحيد فقط.

4 - صنف الصراع على أساس حرب احتلال من جيوش الشمال على الجنوب في 2015م وفي الشمال عل أساس صراع حزبي بين حزبي السلطة وحلفائهم.

ونتيجة لهزائم جيوش الشمال في الجنوب واندحارها، وخوفا من الانفصال، ليس لديهم وسيله للعودة للجنوب إلا عبر أحزابهم بالمبادرة الخليجية وتصوير الحرب على أنها صراع حزبي في كل اليمن، ولا يحل إلا بالعودة لإكمال ما تبقى من الحوار.
لذا، إن استقالة ما تبقى من أبناء الجنوب من أحزاب صنعاء أو إعلانهم فك ارتباطهم عنها حتى لا يصادرون قراراتهم نيابة عنهم بسبب البناء التنظيمي واجب وطني.

ليحافظوا على رصيدهم السياسي والتنظيمي وعلى مكوناتهم وقواعدها، خصوصا أن من ساعدهم على ذلك استمرار النضال السلمي للحراك وانتصارات مقاومة شعب الجنوب.
وعليهم أن يتفاعلوا مع إيقاع الشارع الجنوبي المنظم؛ لأنه الرصيد الأكيد المستقبلي لهم، وعليهم أن يواكبوا رغبة شعب الجنوب ومجلسه الانتقالي في استعادة دولته، وألا يكونوا معرقلين؛ لأنهم بغير ذلك سيخسرون قواعدهم في الجنوب.

ففي أي لحظة إذا امتثل الحوثي وقادة المؤتمر الشعبي للقرار الأممي سيوافقون كأحزاب على استكمال الحوار والمبادرة، وسيهمل اتفاق الرياض لصعوبة تنفيذه.
ولن يكون حوار ندي بين شمال وجنوب، بل سيصبح المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية خارج الحوار، ومن يمثل الجنوب هم أعضاء هذه الأحزاب.

وسيجلس على المقاعد، نيابة عن أبناء الجنوب، حزبا الحرب عليه وإبادته وتكفير أبنائه (الإصلاح- والمؤتمر وحلفاؤهما)، وسيكملون اتفاقاتهم بانتخابات رئاسية مبكرة، وسيخرج هادي من المشهد لتعود عجلة الزمن إلى الوراء بسرعة ورعب، وسيأتي أعوان الرئيس السابق والحوثي وعلي محسن للاحتفال بعدن بانتهاء الحوار وتأسيس لخارطة طريق جديدة لاحتلال والبقاء في الجنوب وإبادة شعبة.

وما لم يستطيعوا أخذه بالحرب من الجنوب سيحصلون عليه بالمبادرة الخليجية التي فصلت أسفا وغباء لإعادة اللحمة لطرفي المركز الحاكم في صنعاء فقط.
أغلب أعضاء وقيادات المؤتمر الشعبي العام في الجنوب حزموا أمورهم وقاتلوا، وهم من حمل السلاح مع المقاومة الجنوبية، ولم يكونوا عقائديين، بل رموا الحزبية جانبا حين ناداهم الوطن، وانشقاقهم يخدم الجنوب أكثر أمام استحقاق المبادرة القادم، التي لم تعر قضيتنا أي اهتمام.

وأتمنى على باقي الأحزاب مثل الإصلاح أن يجمع قادته في مؤتمر عام ليقرر فك ارتباطه بالمركز، وأنه مع خيارات أبناء الجنوب قبل العودة لمؤتمر الحوار والمبادرة؛ لأن ارتباطه بالمركز وقادته في صنعاء أو الرياض يعني الذهاب بالجنوب مرة أخرى إلى باب اليمن، وهذا فيه تفريط بدماء الشهداء ونضالات الشعب.

صحيح أنه تم شق المؤتمر الشعبي العام وفصل قياداته وقواعده عن الارتباط بالشمال قبل الحرب الأخيرة على الجنوب، وكان للأخ أحمد الميسري عضو اللجنة العامة الدور الأكبر في ذلك، وسمعنا تصريحه القوي في صنعاء وعدن والرياض، سنستعيد دولتنا ونفك الارتباط شاء من شاء وأبى من أبى، وأضاف الميسري: أعلنا أننا جزء من الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية، ونؤيد كل ما يتم في الجنوب لاستعادة وطن مسلوب وكرامة مستباحة.

ولكن كان ذلك ليس كافيا؛ لأن قادة أحزاب صنعاء تداركوا الخطر، وأججوا الصراع والتنافر بين قيادات الجنوب في المجلس الانتقالي الجنوبي وفي حكومة الشرعية؛ لأن المبادرة الخليجية والقرارات الدولية أعطتهم حرية وشرعية الحركة والقرار في الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى