دولة الجنوب ودولة اليمن

> تتداخل القضايا ويغيب ترتيب الأولويات أو يجري ترتيبها ليس بحسب أولوياتها، وتبنى على ذلك الأساس السياسيات التي تذهب في أحيان كثيرة إلى معالجة الأمور ليس بحسب أولوياتها وتقود إلى الفشل.
السؤال الهام اليوم هو هل نعود إلي استعادة الدولة اليمنية الفاشلة التي كانت الحرب بسبب فشلها هذا، ثم بعد ذلك نستعيد دولة الجنوب التي كانت كهدف سبب في تحقيق الانتصارات على مختطفي الدولة؟ سؤال يطرح نفسه وعلى ضوء الإجابة عليه نعرف إن كنا ماضين بالأمور بحسب أولوياتها أم عكس ذلك.

أطلعت على أفكار تتبنى منهجية حل القضية الجنوبية ضمن حل الأزمة اليمنية وهي منهجية أكثر قبولًا لدى العالم، لأنها تراعي الكل ويعتبرونها منهجية لا تولد عنصرية، ومثل هذه الفكرة كانت قد تداولت في مؤتمر حوار صنعاء، وهناك أفكار أخرى تمضي في نفس المنهاجية وجميعها تحت سقف أعاد إنتاج الوحدة اليمنية التي تعثرت وفشلت وأصبحت ضمًا وإلحاقًا.

إن الجديد في هذه المنهجية التي وصلتنا اليوم إعادة ترتيب الأولويات والخروج من دوامتها، فبالوقت الذي فيه جميع المبادرات السابقة بما فيها مخرجات حوار صنعاء تتبنى إعادة الدولة اليمنية أولا ثم حل قضية الجنوب، تبرز أمامنا اليوم فكرة إعادة دولة الجنوب لتكون منطلقًا لاستعادة دولة الجمهورية العربية اليمنية، ومن ثم تقع على الأجيال القادمة إعادة إنتاج الوحدة اليمنية.

إن منهاجية استعادة دولة الضم والإلحاق للجنوب العربي باليمن أولا أي قبل استعادة دولة الجنوب، يبررها البعض بالمرحلة الانتقالية، ومثل تلك الأفكار ظهرت في مؤتمر الحوار وفي اتفاق الرياض مع بعض الاختلاف، ففي مؤتمر حوار صنعاء يتبنى إعادة بناء الدولة الفاشلة بشكل جديد لدولة هي الأقاليم، ويعتبرون أن قضية الجنوب قد حلت من خلال الأقاليم مع إشارة هامشية إلى أن من حق أي إقليمين الاتحاد وتحديد مكانتهما السياسية والاقتصادية التي أسقطت فيما بعد من الدستور المقترح، وهذا ما يعتبره البعض استكمالًا لحل قضية الجنوب، أما في اتفاق الرياض فقد تمت العودة إلى الحكومة اليمنية حكومة الضم والإلحاق من خلال ما سمي بحكومة المناصفة بين الشمال والجنوب واعتبارها مرحلة انتقالية للوصول إلى العملية السياسية التي يرى الجنوبيون أن تحل فيها القضية الجنوبية أولًا باعتبارها المفتاح لكل الحلول الأخرى، بينما يرى الآخرون أن العملية السياسية ستهتم بالعودة لدولة اليمنية الفاشلة دولة الضم وإلحاق الجنوب إلى اليمن والاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات كاملة، ومن ثم تنظر الدولة وحكومتها الشرعية الجديدة في قضية الجنوب.

لقد تمعنت كثيرًا في الأفكار التي وصلتني وبغض النظري عن ملاحظاتي حولها لكنني استحسنت منهجيتها في استعادة دولة الجنوب المحرر أولا، والانطلاق من أرض الجنوب لاستعادة ج ع ي وفتح آفاق أمام الأجيال القادمة لإعادة إنتاج وحدة ما، لكن ملاحظتي هنا أن تلك الرؤية لم تعطِ اهتمامًا بثنائية الهوية بين هوية الجنوب العربي والهوية اليمنية، ولهذا تظل ناقصة وغير دقيقة، وندعو الجنوبيين إلى التمعن في الأمر قبل الاندفاع إلى الولوج في المجهول.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى