حتى لا نُضخّم الفقاعة

> تصاعد صخب الصراخ من تبعات الأحداث الأمنية العابرة بالأمس في عدن، وربما فاقم من حِدّته الاشتباكات التي رافقتها، والأنين الذي ظل مكتوماً (من بعض) نقاط الجباية لمجلسنا الانتقالي بالأمس، اليوم استحال إلى عويل مجلجل، وتجاوبت معه من كبريات الصحف التي ظلت إلى جانب جنوبنا وقضيته دائماً، وهي نشرت عن هذا العويل بالبنط العريض في صفحاتها الأولى، وكل هذا له خلفياته وأسبابه الوجيهة ولا شك.

عندما يظل كل الناس -خصوصا النخبة- يقدمون لك النصح وأنت تدير ظهرك، أو ترى كيانك فوق كل نقد، أو وفق منظارك فإنك لا تريد أن لا ترى كل الناس إلا حاملين لمباخر ودفوف ويتغنّون بالإنجازات وحسب، أو بحسب قراءاتك أنه ليس الآن أوان الحديث عن أي أخطاء، وربما تصنف من يتحدث بذلك كخصم.. إلخ، هنا سيكون الجلد على الظهر قاسياً عندما تتكرر الأخطاء، وكما حدث الآن تحديداً.

هناك أمور وقضايا بالضرورة أن توضع في خانة حداثة التجربة وقِصر أمدها بالنسبة لمجلسنا الانتقالي ولا شك، ولا نسقط الأحداث والمستجدات المتسارعة التي تسلق وتطوي المرحلة طياً، وهذه بالضرورة مراعاتها، لكن ثمة قضايا صارخة مجلجلة من العبث والخطورة لها إدارة الظهر، مثلاً:

كم تحدث الناس والنخب عن (بعض) القيادات العسكرية الجنوبية النّاهبة للأراضي؟ أو التي تساعد في عمليات النهب، أو التي تخرقُ قواعد وأدبيات السلوك العسكري بصلف؟ بالقطع كثيرون ولا شك، ناهيك عن الصراخ المستمر من المنظر المشين والمزري لعساكرنا في أسواق القات وبأسلحتهم أيضاً، وهذا منظر يعكس صورة مليشيات مهترئة غير منضبطة التكوين والقيادة وما إلى ذلك.

وكم تحدث الناس والكتاب عن ضرورة الارتقاء بالأداء الإعلامي للانتقالي وأجهزته، وكذلك الخروج من دائرة النفخ والتطبيل، أو اقتصار تناولاته فقط على الإنجازات وتضخيمها، وأيضاً الابتعاد عن الأداء بعقلية إعلام حقبة الديكتاتوريات المطلقة ونهجها، إذ كم من الشخصيات الجنوبية السامقة لها حضورها الطّاغي في الإعلام الآخر أمثال: د. عبدالله صالح عبيد، والأستاذ عبدالقوي الأشول، والأستاذ قاسم عبدالرب العفيف، والأستاذ ماجد الداعري، والأستاذ صلاح السقلدي، والأستاذ أحمد سعيد كرامة وغيرهم، وهؤلاء لا يقترب منهم غالباً إعلامنا في الانتقالي، ولهم كتاباتهم المستنيرة ورؤاهم الغنية والناضجة فعلاً، ولكن لطروحاتهم التي لا تتناسب مع أهواء القائمين على إعلامنا، وكذلك لانتقاداتهم الصريحة والنافعة فعلًا لا ينشر لهم، وهذا غيض من فيض ولا شك.

لا أُدلّسُ على أحد ولا أخفي حقيقة هنا، لكن هناك فضائح مثل هذه الأحداث المؤسفة محسوبة على مجلسنا الانتقالي، فهي تضعنا في خانة لا نُحسد عليها، بل هي بمتوالية هندسية تسحب من رصيدنا البشري إلى خانات وخيارات أخرى، وقُلنا هذا وكررناه مراراً، حتى وإن كنا في الانتقالي المُعبّرين الأكثر ذودًا واستماتة وصدقية لاستعادة جنوبنا مقارنة بالآخرين، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى