> «الأيام» العرب
كشفت التحركات الدبلوماسية المكثفة لقطر على خط الأزمة الأوكرانية وتفاعلاتها، عن المغزى من تصنيف الولايات المتحدة الدوحة حليفا رئيسًا، وتقول أوساط سياسية خليجية إن واشنطن تراهن على دور لقطر كوسيط في تفكيك العقد التي نجمت عن التدخل الروسي في أوكرانيا، والتي تبدو إدارة جو بايدن عاجزة حتى الآن عن معالجتها أو التعامل معها.
وتعيش الإدارة الأميركية مأزقًا متعدد الأبعاد، في علاقة بالصراع الروسي – الأوكراني وما تفرع عنه من إشكاليات لا تنحصر فقط في أزمة الطاقة وما خلفته من خلافات داخل المحور الغربي، بل طالت شظاياها أيضًا المفاوضات حول ملف إيران النووي، والتي كانت على أعتاب بلوغ "نهاية سعيدة" بالنسبة للمفاوضين، قبل أن ترتطم في اللحظات الأخيرة بشروط روسية، ما أدى إلى توقفها.
وتوضح الأوساط الخليجية أن الإدارة الأميركية المأزومة ترى أن الدوحة قادرة على لعب دور الوسيط مع موسكو، لاسيّما بعد أن نجحت قطر في أداء الدور الموكول إليها في الملف الأفغاني، كما أنها أظهرت براغماتية شديدة في التعاطي مع تدخل روسيا في أوكرانيا، حيث حرصت الدوحة على إبراز نوع من التناغم مع واشنطن في موقفها من الصراع، دون أن يكون لذلك أثر سلبي على علاقتها بموسكو.
وبدأ وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأحد زيارة لموسكو، وقالت مصادر مطلعة إن الزيارة تهدف إلى إجراء مشاورات بشأن المحادثات النووية الإيرانية والعملية الروسية في أوكرانيا.
واستبق المسؤول القطري الزيارة بإجراء اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، حثه فيه على "وجوب ضبط النفس وعدم اتخاذ ما من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من التصعيد"، في دعوة تستهدف تعبيد الطريق لمفاوضات صعبة وشاقة تنتظره في موسكو، خصوصًا في علاقة بشروط الكرملين المستجدة بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وقال أحد المصادر إن الشيخ محمد بن عبدالرحمن سيجتمع خلال زيارته لموسكو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف وعدد من كبار المسؤولين، ويرجح أن يحمل المسؤول القطري معه رسائل أميركية للكرملين.
ويستبعد مراقبون أن تنجح الوساطة القطرية في تحقيق أي اختراق في هذا الملف، حيث إن روسيا تسعى إلى استخدام مفاوضات النووي الإيراني كورقة مساومة مع القوى الغربية للتوصل إلى اتفاق بشأن أزمة أوكرانيا.
وتتعرض روسيا لضغوط غربية متصاعدة وغير مسبوقة، بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا، ويقول المراقبون إن طلبها الحصول على ضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي، لا يخلو من حسابات سياسية ترمي من خلالها موسكو إلى إحراج الأطراف المقابلة.
ويقول المراقبون إن قطر لا تملك في واقع الأمر القدرة على التأثير على القرار الروسي، وأن أي تغير في موقف موسكو سيكون بالأساس رهين المفاوضات الجارية، والتي يرعاها أكثر من طرف بين موسكو وكييف، ومدى امتثال القوى الغربية للمطالب الروسية.