حرب أوكرانيا تجبر الشرق الأوسط على تأجيل مواجهة خلافات كبيرة

> "الأيام" العرب

> ​مع تصاعد المعارك في أوكرانيا تتزايد التكهنات إزاء التفاعلات المحتملة للغزو الروسي للبلاد، حيث تسعى دول الشرق الأوسط للنأي بنفسها عن طرفي الصراع في خطوة قد تأتي بنتائج عكسية.

وفي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة انفراجة اعتبرت هشة بعد عدة اضطرابات دبلوماسية وأمنية عرفتها في السنوات الأخيرة، سعت دول الشرق الأوسط خاصة تلك المتنافسة (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وتركيا، وإيران، وإسرائيل) إلى التحوط من خلال تنويع علاقاتها مع الدول الكبرى على غرار الولايات المتحدة والصين وروسيا، لكن هذه القدرة على التحوط باتت مهددة الآن.

يقول جيمس دورسي الخبير في قضايا الشرق الأوسط والأدنى “إن الخصوم في الشرق الأوسط يكتشفون على نحو متزايد أن الصراع في أوكرانيا يهدد بتضييق قدرتهم على التحوّط. وأدى الصراع نفسه، بغض النظر عن نتيجة الحرب، إلى تقليص منافسة القوى الكبرى إلى سباق بين طرفين بدلا من عدّة أطراف، كما فتح الباب لعلاقات دولية على غرار الحرب الباردة تستند إلى مبدأ ‘أنت إمّا معنا وإما ضدنا'”.

ولا يمكن التفكير في الغزو الروسي لأوكرانيا بمعزل عن المحادثات الجارية في فيينا بين إيران والقوى العالمية في محاولة لإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي أفضى طلب روسي لوقفها مؤقتا لفترة غير محددة ما يهدد بانهيارها.

وقد ترحب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بشكل خاص بالتخريب الروسي المحتمل للمفاوضات في فيينا نظرا إلى أنها تعتبرها معيبة. وقد تجد دول الشرق الأوسط أن التخريب هو واحد من آخر أنهج موسكو حيث تتعرض لعقوبات غربية قاسية وتدخل في ما يُرجح أن يكون مستنقعا يستنزفها.

ومع تنامي المخاوف من وجود تخريب روسي، دافع المرشد الإيراني علي خامنئي عن دعم إيران للميليشيات في مختلف الدول العربية، بما في ذلك الحوثيون في اليمن الذين يطلقون الصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية والإمارات. وهاجمت طائرة مسيرة تابعة للحوثيين الخميس، مصفاة لتكرير النفط في الرياض، مما تسبب في اندلاع حريق صغير. وقال خامنئي لمجلس الخبراء الإيراني الذي يضم أقوى رجال الدين في البلاد “إن وجودنا في القضايا الإقليمية هو عمقنا الاستراتيجي… إنه وسيلة قوة”.

وتمكنت تركيا وإسرائيل من التحوط من خلال استغلال علاقاتهما الوثيقة مع كل من روسيا وأوكرانيا للعب دور الوسيط رغم أن فرص نجاح وساطتهما في هذه المرحلة ضئيلة.

وفي المقابل، لا تزال السعودية والإمارات تناوران في خطوة دفعتها إليها الولايات المتحدة بسبب سياساتها التي يعتبرها مراقبون خاطئة تجاه الرياض وأبوظبي منذ وصول جو بايدن إلى الرئاسة، فيما تجد إيران وحليفها اللبناني حزب الله في موقف صعب. وقد سعت إيران أيضا إلى البقاء على هامش الصراع في أوكرانيا مثل دول الخليج.

ويهدد الصراع الجاري بين كييف وموسكو بتقويض الانفراجة الهشة في المنطقة حيث قال دورسي إن “الأهم من كل هذا أن الصراع يمكن أن يزعزع بيت الورق الذي يقوم عليه الانفراج في الشرق الأوسط. ويتمثل المبدأ الدافع لهذا الانفراج في تأجيل مواجهة خلافات كبيرة حول قضايا تشمل الإسلام السياسي وفلسطين لصالح تقارب اقتصادي، والمزيد من التعاون الأمني بين دول المنطقة”.

الغزو الروسي لأوكرانيا لا يمكن التفكير فيه بمعزل عن المحادثات الجارية في فيينا بين إيران والقوى العالمية في محاولة لإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015

وأفادت تقارير صدرت خلال هذا الأسبوع أن قائد الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ناقش التعاون العسكري مع نظيره القطري، سالم بن حمد بن محمد بن عقيل النابت، خلال زيارة رسمية للبحرين. ورفضت قطر إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها غير الرسمية مع إسرائيل طالما لا توجد تسوية للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لكن يوجد تنسيق بين الدوحة وتل أبيب.

وكان التوتر بين السعودية والإمارات من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى قد خرج إلى العلن مؤخرا عندما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن البيت الأبيض فشل في محاولة إجراء اتصال هاتفي بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.

وتحدث بايدن في نهاية المطاف إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز. وتحاول الولايات المتحدة التواصل مع السعودية والإمارات بهدف دعم موقفها ضد روسيا، أي أنها تغاضت عن مصالح البلدين في السابق وتريد منهما الاصطفاف وراءها لتحقيق أجندتها في فرض العقوبات على روسيا، أو نقض اتفاق تحالف أوبك+.

وتشبثت أبوظبي والرياض باتفاق أوبك+ حيث أشار سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، في بيان لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية “نحن نفضل زيادة الإنتاج وسنشجع أوبك على النظر في مستويات إنتاج أعلى”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى