"رهيب" 7 سنوات على فراش الموت.. عظامه تتآكل ووجع يكوي والديه

> تعز «الأيام» معاذ البعيدي

> رهيب عبدالله.. مهمش قزمته رصاصة قناص بتعز
> تنام المدن اليمنية على أصوات القذائف، وتصحو على ذات الصوت المتعارف عليه باسم الموسيقى اللعينة الناتجة عن ترانيم آلات الحرب التي لم تدع مواطنًا يعيش بسلامة متنقلًا بين الحب والبحث عن قوت يومه إلا وأعطته لحنًا موسيقيًا حزينًا تمثل بقتل عزيز عليه أو بتر عضو منه أو نزوح أو تعطيل عن العمل.

ولعل الأسوأ من كل ذلك أن يبتر من جسده عضو أو أعضاء تشل حركته، وتجعله "عودًا" دون وتر في مسرح هذه الحياة، وتعتبر كل هذه الألآم  الناتج الوحيد والمؤلم عن الحرب في اليمن، حيث مثلت بالنسبة لإنسان كان يعيش حياته الطبيعية كفرد في المجتمع غصصًا ومرارات، فكيف بالنسبة لمن كان مهمشًا و "ناقصًا" (في نظر المجتمع) قبلها؟.

دائمًا ما كان يسكن الوجع والقهر واللا اهتمام مخيمات المهمشين بمدينة تعز قبل اندلاع الحرب اليمنية أي قبل حوالي 8 سنوات، وبحكم أن الأوضاع كانت مستقرة كان المهمشون يعيشون حياتهم الكفاحية ساعين لتوفير قوتهم اليومي غير آبهين بنبذ وتذمر المجتمع منهم باعتبارهم ذوي بشرة سمراء "ناقصة عن المجتمع".

 تعتبر حكاية الطفل المهمش رهيب عبدالله أحمد من أكثر الحكايات إيلامًا والمتأثرة بالحرب في محافظة تعز، إذ تصف بوضوح مدى الألم الذي عاشه المهمشون- خصوصًا الأطفال -ويعيشونه في الأوضاع الراهنة، باعتبارهم أول المتضررين من طول مدة هذه اللعنة المسماة بالحرب.

رهيب عبدالله أحمد الحاشدي طفل مهمش جسده طريح الفراش وعيناه حبيستا خشب كوخهم المتهالك والكائن في النسيرية بمحافظة تعز، قزمته الحرب بحجم الألم الذي يعيشه فكأنه إذا نظرت ببراءة سمرة وجهه في العاشرة من الحلم، لكن يفاجئك والده بأن عمره 17 سنة، وأن جسده أصبح صغيرًا إثر تعرضه لطلقة قناص حوثي.

كان رهيب ببراءة الأطفال - كما تحكي والدته - في بداية الحرب يجلب بعض احتياجات المنزل المهمش، حين ارتأت عين القناص الحوثي عبوره في معبر الدحي تلك العين التي لا تعرف معنى الوداعة والتي أطلقت رصاصتها بكل تلذذ على طفل مهمش صغير بعمر العاشرة، ولو لم يحدث القدر المحتوم أن يموت رهيب فقد كانت لا إنسانية القناص أن تفقده الحركة لأن الرصاصة أسكنت غضبه في عمود رهيب الفقري وحرمته لذة المشي بإعاقة كلية.

سبع سنوات ورهيب طريح فراشه، سبع كانت كافية لتأكل عظمه، بوجع وألم يحكي والده القصة قائلا: "سبع سنوات وابني طريح الفراش إلى أن بدأ وركه يتآكل قبل عدة أشهر بسبب تقرّحات حول الورك"، وكما لم تسمح الحالة بتوفير متطلبات عملية رهيب من قبل والده أراد الله ليد خفية أن تمد له يد العون لإجراء عمليتين لتدارك العظم، كما يضيف والده: "تم إجراء عمليتين له وتكفل بها فاعل خير، لكنه لا يزال طريح الفراش".

في حين يحكي معنى الوجع الحقيقي بكل هشاشة الوالدين وهم يرون أنفسهم عاجزين عن تلبية حاجات أبنائهم :"إلى الآن نعجز عن شراء كل المتطلبات والحفاضات له إلا ما يأتي به فاعلو الخير، وأنا أعمل خراز وأسكن أنا وزوجتي وأطفالي الثمانية في عُشة واحدة صغيرة، ولا أملك شيئًا".

أما عن الحياة التي تعيشها عائلة رهيب فليست بأحسن حال من حالته، المسكن كوخ صغير جدًا مبني من مخلفات المباني ككل أكواخ المهمشين، والأسوأ من ذلك ضيقه الذي لا يعلم المتفرج كيف يتسع لثمانية أطفال ووالدين إذا ما جاء الليل، في حين أن المطبخ لا يوجد أصلا غرفة مخصصة له؛ بل تقوم والدة الطفل بطبخ الطعام أمامه وتترك كل حاجيات المطبخ هناك لأن الكوخ لا يتسع لهم.

ومع انهيار قيمة الريال اليمني وارتفاع أسعار المواد الغذائية ازدادت معاناة المهمشين بشكل عام ومنها عائلة الطفل رهيب بشكل خاص، فهم يقفون عاجزين عن فعل شيء أمام كل هذه التراكمات المتمثلة في علاج رهيب وشراء حاجاتهم اليومية والأساسية، باعتبارهم مهمشين أولًا وباعتبارهم معتمدين على مهنة والده ثانيًا، إضافة للكثير من الاحتياجات التي تنقصهم من أجل العيش كعائلة متوسطة الدخل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى