الجنوب حاضر في المفاوضات

> لقد فرضت الشريعة الإسلامية (السلام) أسلوباً للحياة بين بني الانسان، ولذلك تبنى الإسلام (العلاقات) مع بعضهم على أسس الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء، يقول ويعبّر الشيخ أبو زهرة عن العدالة بالقول: "العدالة حتى للأعداء كما هي للأولياء" وقد جاء في القرآن الكريم ((وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعْدِلُواْ ۚ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)) صدق الله العظيم (التعامل المفضل) كمبدأ لقد نحى الرسول الكريم صلى الله علية وسلم ذلك المنحى وأبلغ دليل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم بدأ حملة التعاون والتفاهم بالكتب وأرسل الذين أوفدهم إلى قيصر الروم وكسرى فارس ونجاشي الحبشة وعظيم مصر، وكذلك سار على هديه خلفائه بعده.

ومن هذا ظهرت وسيلة التعاهد وأصله، فقد وقع المسلمون معاهدات كثيرة من أهل الكتاب والمشركين مثل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصارى في جزيرة العرب وصلح الحديبية مع المشركين وعهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل بيت المقدس، وعهد خالد بن الوليد لأهل دمشق وعهد عمرو بن العاص لبطريك الروم.

وإذا كانت هذه هي (الثوابت) تنبع من مبادئ الإسلام وقيمه، فإن العالم كان يسير على قانون الغابة في علاقات الدول والقبائل بعضها مع البعض، فكل دولة تبغي على الأخرى ولا مانع يمنعها إلا أن تكون ضعيفة ولا تقوى على الاعتداء أو كان ثمة ميثاق يحترم، ما بقيت القوتان متعادلتين فإذا أحست إحداها بضعف الأخرى تنتهزها فرصة سانحة وانقضت عليها.

إن شعورنا بوحدة المصير العربي يشدّنا للتحالف من أجل محاربة التطرف والإرهاب والاستبداد، هذا ما تؤكد عليه النصوص الإسلامية بأن الحرب ضرورة لدفع العدوان وقمع الفتنة التي هي أعظم ضرر من القتال، فما بالكم ونحن في الجنوب وكممثلين لشعبنا لم نكن طرفا في هذه الحرب لولا أن أرض الجنوب تمتلك من الثروة النفطية ما يؤهلها إلى هذا الاهتمام والاحتلال لأراضيه ومعاقبتنا، لأننا أردنا الاستقرار وحكم ذاتنا وأنفسنا ودافعنا عن أهلنا وعرضنا من وقت تخاذلت من كانت أطراف في الدولة اليمنية بعد الوحدة عام 1994م وما بعدها حتى عام 2015م من الالتزام والوفاء بأي تعهدات أو اتفاقات وتستأسر بكل عنجهية لنهب هذه الثروة واحتلال الأرض وتوسع نفوذها بما لا تملك أصلا في الجنوب.

لقد بدأنا في الجنوب حركة نضالية توجت بتوحيد هذه الجهود من أبناء شعبنا في تشكيل وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل سياسي معبّر عن تلك القضية وتتحمل فيها أشد المهالك وما زالت تحاك ضدها من دعاة اليمننة والاستنساخ، إن العرب في الظروف العادية مسؤولية جماعية لا فردية وهو ما يعبر عنه بغرض الكفاية الذي يسقط عن البعض اذا قام به البعض الاخر والحرب في الفكر الاسلامي عمل مشروع تلجأ إليه الدولة لدفع الاعتداءات الواقعة عليها ومقاومة الاحتلال ، (واسترداد الحقوق المغتصبة) منها، فهي اذن ضرورة عملية ولا يمكن القول بعدم مشروعيتها فلكل دولة الحق في اللجوء الى الحرب كلما وجدت في ذلك تحقيقا لأغراضها المشروعة من عدم الاخلال بمعاهداتها السابقة والقواعد الدولية على العموم

لذلك كله، فقد أخل الجنوب في حربين متتاليتين خلال (30) عاماً رغما عنه وهو يدافع عن بقائه وحريته وكرامة شعبة التي استحوذ عليها أولئك الذين يدعون شرعية وهم لا يعملون بها بل يستخدمونها لنفض غبار الانقلاب عبر الجنوب لا غير، تلك الأهداف السياسية والقانونية اضطرتنا للقيام بواجب الدفاع عن أرضنا المسلوبة والمعرضة للنصب والإرهاب والتطرف والاستقواء وحرب لا تقل عنها في الجسامة هي حرب الخدمات التي طالت مقدرات شعبنا وأرضنا ونمائه، إننا اليوم وبالأمس متمسكون بحقنا في تقرير المصير وأننا على استعداد للمشاركة جنوبيا في مفاوضات سلمية أمام قوى الشمال في اليمن دون انتقاص لحقوقنا الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية لذلك، فالمركز القانوني لجنوب حاضر وبقوة ويحافظ عليه، لأن الطرف الآخر أخل بقواعده وانتهكها، وعلى القوى اليمنية أن تدرك أن التفوق لطرف دون الآخر أو جنس من الأجناس أو سلالة من السلالات هو بمثابة توجه عنصري يناهض كل الأعراض والمواثيق وينتهكها وعلى المجتمع الدولي استشعار ذلك إقليمياً ودولياً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى