رمضان كريم

> كل شيء تغيّر مع دخول أول ليلة في رمضان، إنه مبارك في ليله ونهاره، أتى فرفع عن الناس بؤس الحال وأهداهم فرح الاستقبال فانشرحت له صدورهم.

أتى بالخير والسلام فهدأت الأعصاب وثَابَ الرُّشد واستقر اليقين.

أقبل وكأن شيئاً لم يُصب الناس من قبل، نسي الناس المشقة وعذابات 11 شهرا من غلاء وسوء معيشة واضطرابات أمنية وحروب وأزمات.

أتى رمضان يمسح كل الأحزان ويبلسم كل الجراح ويقول للناس، "لا تيأسوا من روح الله.

عادت الناس مجدداً إلى المساجد وتلاوة القرآن والذكر والاستغفار، فانقشعت الغيمة السوداء وفُتحت المغاليق، وذهبت الكُربة، وتنفس الناس الصعداء، وتيسّر العسير، "ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا".

أليس في الرجوع إلى الله حل لكل مشاكل الناس ورفع البلاء عنهم؟

رأينا رمضان خلال ليال قليلة، كيف قلب الحال، وكأن الناس ما عرفت لهيب الأسعار ولا طغيان الدولار.

لقد طابت النفوس بالصوم والصلاة فطابت معيشتهم، وصبروا على جور الغلاء وانهيار الريال وقهر الرجال.

ازدحمت المولات والأسواق الشعبية وامتلأت الشوارع بحركة دائبة، وخطوط المواصلات غصّت بالزحام.. هناك أرتال من السيارات والبوابير والأضواء والزينات والفوانيس والأناشيد والابتهالات.

كأن الغلاء قد ولّى والحرب وضعت أوزارها والأزمة تلاشت، كم أنت مبارك يا رمضان.

لو عشنا بقية الأشهر كما نعيش أيام وليالي رمضان بهذا المنسوب المرتفع من الإيمان، هل سيبقى في بلدنا حروب وأزمات وفتن؟

لو استمرت هذه الروح الخاشعة بالتدفق في بقية الشهور، هل يستطيع أحد أن يعكّر صفو حياتنا وينغِّص علينا معيشتنا؟

هل سيقدرون على الإيقاع بيننا بزرع الفتن ودس المكائد فنتصارع ونتحارب ونتقاتل ونفترق ونتمزق وتذهب ريحنا؟

يا قومنا أرأيتم كيف كنا سبباً رئيساً فيما حصل لنا من نكبات، بسبب الذنوب والبعد عن الله، ولما رجعنا في رمضان إلى ربنا انكشفت الغمّة؟

أرأيتم كيف الإقبال الآن على الصلاة في المساجد وكل قد نشر مصحفه وتسابق الناس في التلاوة والصدقة وإطعام المساكين وفعل الخيرات؟

أرأيتم يا قومنا كيف تسيرون الآن في ظلال الأمان وتنعمون ببرد السلام؟

انظروا إلى موائد الإفطار في المساجد والأسواق والبيوت، ومن ليس له مائدة فموائد الخير الرمضانية مفتوحة أمامه.

هذا الشعب كريم ونفسه طيبة ومتوكل على ربه، فالله لن يضيعه.

أرأيتم في زمن الجائحة كيف لطف ربنا بهذا الشعب، فكان أقل نسبة وفيات في العالم في هذه البلاد، رغم عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية.

ورأينا دول متطورة وناهضة اقتصاديا التزمت كل الإجراءات فحصد فيها كورونا مئات الآلاف بين إصابات ووفيات، فالله الحمد والمنّة.

أيها المتشاورون في الرياض لو تملكون بعض من نية هذا المواطن البسيط الذي يخرج في الصباح طلباً للعيش على باب الله، لرزقكم الله الفلاح وخلصتم إلى نتيجة مرضية ولعم السلام كل الديار، ولن يبقى أمام الرافضين للسلام إلاّ الالتحاق بركبكم، فإنما الأعمال بالنيات، أليس رمضان كريم؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى