ماذا بعد لقاء الرياض؟

> بيان الرئيس بشأن تشكيلة المجلس الرئاسي لم يشر "لتابو" المرجعيات حتى إشارة، وخارج دستور الوحدة الذي لم يخول للرئيس التنازل عن صلاحياته وسلطاته لأي طرف إلا بموجب شروط منصوص عليها في الدستور ولا تنطبق على المجلس.

فالإعلان سيكون على طريقة غوار الطوشي "كلين ايده له" فتشكيلته ليست من بنيان الجمهورية اليمنية، بل تشكيلة قوى أمر واقع للخروج من تداعيات الحرب.

الاستقلال سيظل موجودا بقوة لأن له على الأرض قوة موجودة ولن يتحقق دمج القوات، فالكل سيظل محتفظًا بـ "عصاه" لحاجته إليها.

لجنوب السودان كانت ثورة وطنية ودخلت في العمل السياسي وشاركت ضمن الدستور السوداني وأقسمت عليه ولها قوة على الأرض وفرضت الانفصال ولم تلزمها المشاركة بالتنازل، ومع ذلك فالجنوبيون الحريصون الذين يقولون إن مخرجات لقاء الرياض أنهت مشروع الاستقلال لهم حيثيات موضوعية انطلق منها حرصهم على الجنوب من الضياع في دهاليز السياسة، لكن في المقابل إذا لم يكن "جنوب" فلن يكون يمن حتى بحدود الإمام يحيى، أما أقاليم ويمن موحد بعد حكومة الأمر الواقع الحوثية ولقاء الرياض ومخرجاته التي تجاوزت دستوره والمرجعيات فإنه في حكم التاريخ.

يبدو أن التحالف في ما وراء المخرجات الظاهرة من لقاء الرياض وصل إلى استحالة اليمن الواحد، لكنه يريد أن يحاصر الحوثي بحزام سني أو هكذا يأمل، إذ يعلمون جيدًا أن الحوثي لن يذعن للسلام إطلاقا، أو إن أذعن فإنه لن يفي بعهوده وفي كل الأحوال لا يريدون تكرار تجربة حزب الله في لبنان.

لم يأتِ اختيار "العليمي" صدفة أو لكفاءته القانونية والأمنية، بل في هذا الاتجاه فازحة العصبوي الزيدي علي محسن وعدم وضع شخص عصبوي على رأس التشكيلة في حجمه ووزنه يؤكد أن التحالف بصدد تغيير تحالفاته بعد أن يئس من أن تهزم العصبوية الزيدية أو تلجم على الأقل طائفيتها، وهو لم يخرجها من التشكيلة لكنها ليست رأسها.

هذا السيناريو هو الأشد خطرا على الجنوب من الحوثي ومن طارق عفاش.. إلخ، فـ "لوبي تعز" ذو ملمس ناعم وسمّ قاتل وقد جرّبه الجنوب طيلة الحقبة الاشتراكية، أما طارق عفاش فمهما أكثروا حوله الضجيج فسيتحول إلى قوة تأتمر بأمر العليمي و "لوبي تعز" فقوته في جذوره، وجذوره في الهضبة وليست في المخا.

"لوبي تعز" يرى أنها فرصته ألا "يكون شاقيا لمراكز نفوذ الهضبة" فهو يملك المال ولديه منظمات عمل مدني ومثقفون واعلاميون وحزبيون وكفاءات في كل المجالات.. إلخ ولم يبق عليه إلا القوة العسكرية وهي موجودة وما نقص منها سيوفره طارق حتى حين.

هذا السيناريو أخطر الاحتمالات على هيمنة العصبوية وعلى الجنوب فالتحالف سيلقي بكل ثقله في هذا الاتجاه املا في طوق سني يحاصر الحوثي رغم انه لن يحقق خطة الطوق التي يتمناها التحالف لحصره فمن الصعب جمع التناقضات السنية في اليمن عدا الجنوب تحت امرة لوبي تعز الذي لن تقبله حتى "إب".

شراكة الانتقالي في إدارة السلطة في هذه المرحلة هي شراكة الضرورة وهي شراكة مع يمنيين لا تحكمها شراكة الدستور اليمني ولا المرجعيات ووجودهم ضرورة إفشال المخططات من داخل المجلس فلا يعني أن الخطر على الجنوب من علي محسن فقط.

ليس مطلوبًا من القيادة السياسية أن تقول: لا، وهذا لا يعنينا فقط، في ظل تشابكات إقليمية ودولية بقضيتها وحرب تدور رحاها تعنيها وتظل متقوقعة، فالمرحلة توجب العمل بواقعية سياسية، فواقع الحرب فرض ويفرض التعامل مع كل طيف الأعداء ومع التحالف ومصالحه، بل إن اتفاق الرياض الذي عقده الانتقالي مع الشرعية وجاء على خلفية غزوة "خيبر" كان لتوحيد بندقية الجميع ضد الانقلاب وجاء بدمج القوات وانسحابات القوات اليمنية من الجنوب، ورغم ذلك ظل الحال كما هو وأي دمج سيظل مربوطًا بذلك الاتفاق.

لقاء الرياض الأخير جاء والتحالف العربي وصل إلى استبعاد الخيار العسكري وأنه بصدد خيار سلمي للحرب في اليمن وكان لزاما إعادة هيكلة الشرعية، وأيضا لا بد من إشراك الجنوب بصفته معنيًا بالحرب فكانت مشاركة الانتقالي وتمخض عن اللقاء إشهار المجلس.

إن ما جرى في اللقاء هو تفكيك أكبر خصم للقضية وهو علي محسن وحلفائه وإذا كانت من شراكة باقية لهم فهي "لا تأوي إلى ركن شديد" بعد الإطاحة به فوجوده إلى جانب قوته كان من لب الدستور بعكس التعيينات الأخيرة للمجلس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى