​صفحات رمضانية

> تدريب الأطفال على الصيام

من شروط وجوب الصيام البلوغ، لأن الصغير غير مكلَّف، فهو ممن سقط عنه التكليف، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبيّ حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق". رواه أحمد.

ويكون بالغا إذا أتم خمسة عشر عاما، أو احتلم، أو أنبت الشعر، وتزيد الأنثى بالحيض، وإذا كان الصيام لا يحب على الصغير حتى يبلغ فإنه ينبغي للوالدين الحرص على تدريبهم عليه، وتعويدهم على الإمساك عن الطعام والشراب في نهار رمضان، وليكن ذلك بشكل تدريجي، فمثلا في أول يوم يُبْدَأُ فيه بتعويده على الصيام، يؤخر إفطاره إلى وقت الضحى، وفي اليوم الثاني إلى الظهر، وفي الثالث لا يعطى من الطعام شيئا حتى يؤذن العصر، وهكذا حتى يتمرن على الصيام شيئا فشيئا، ولا يبدأ. بمنعه عن تناول المفطرات من أول مرة مدة يوم كامل، فإن ذلك يكون شاقا عليه، وقد لا تحصل الفائدة المرجوة التي يهدف الوالدان إلى تحقيقها.

وليس ما ذكر من هذه الطريقة صياما شرعيا، لكنه تعويد عليه حتى يحبَّه، ويألف هذه العبادة، فإذا ما وصل سن البلوغ لم يجد صعوبة في الصيام، لأنه عُوِّدَ عليه منذ صغره.

وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون مع أبنائهم، فقد كانوا يعلمونهم الصيام ويدربونهم عليه من صغرهم، ففي صحيح البخاري، عن الرُّبيع بنت معوذ رضي الله عنها أنها قالت: "كنا نُصَوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، أي الصوف، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يأتي موعد الإفطار".

ومما يدل على أنهم كانوا يصومون أبناءهم، ما ورد "أن عمر رضي الله عنه أتي برجل شرب الخمر في رمضان، فوبخه، وقال له: كيف تفطر وصبياننا صيام، ثم أمر به وجلده ثمانين سوطا".

إن تعويد الأطفال على الصيام، ربط، لهم بالشعائر الدينية منذ الصغر، حتى إذا وجبت عليهم ألفوها ولم يستنكروها، وتكون قلوبهم قريبة من أجواء العبادة، على مسمع منها، يحسون بروحانيتها، فالأطفال قد ولدوا على الفطرة، وآباؤهم هم الذين يغرسون في أفئدتهم الغَضَّة حب الخير، وحب الطاعة والعبادة، من خلال تصرفاتهم أمامهم، وتوجيهاتهم لهم، فإن الطفل كالجهاز اللاقط، يقلد كل ما يفعل أمامه، ويثبت في فكره وخياله، فهو يحاكي أباه في أفعاله فتراه يتوضأ مثل أبيه، ويصلي مثله، ويعمل كعمله، وإن كان لا يدرك الهدف من ذلك، والعكس تماما فهو إذا لم يتعود على رؤية شيء من العبادات أمامه فإنه ينشأ خاليَ الوفاض، فالوالدان ينبغي أن يكونا قدوة للأبناء في السلوك والتعامل، وقبل ذلك في العبادة، فينبغي ربطهم بكتاب الله تعالى، وبالشعائر الدينية، والأخلاق الفاضلة، وتوجيههم إلى كل ما يؤدي إلى ربطهم وبالدين والتعلق بمعالي الأمور، وحميد الأخلاق، وعظيم الفضائل، والبعد عن سفاسف الأمور،

وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ماكان عوَّده أبوه

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى