دوحة القرآن.. سورة الضحى

> بتَ في الصحيحينِ عن جُنْدُبِ بنِ عبد الله البجلي، قال: دَمِيَتْ أصبعُ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، فاشتكى، فلم يَقُمْ ليلتين أو ثلاثاً، فجاءت امرأةٌ ـ وهي أمُّ جميل بنت حرب، زوج أبي لهب ـ، فقالت: يا محمدُ، إني لأَرجو أن يكونَ شَيْطانك قد تركَك، لم أرَهُ قَرَبَك منذ ليلتين أو ثلاثٍ، فأنزل الله: ((وَالضُّحَى *وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى *مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى))، وحُكِي غير هذا السبب، وكلُّها في تأخُّر نزولِ الوحي عنه صلّى الله عليه وسلّم، وادعاءِ المشركينَ أنَّ ربَّه قد تركَه وقَلاَه.

1 - 2 - قولُه تعالى: ((وَالضُّحَى *وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)): يقسِمُ ربُّنا بأوَّلِ ساعاتِ النهار، وهو الضُّحى، وبالليلِ إذا أقبلَ بظلامِه وسَكَن.

3 - قولُه تعالى: ((مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)): هذا جوابُ القَسَمِ، والمعنى: ما تركَكَ ربُّكَ يا محمد صلّى الله عليه وسلّم وما أبغضَك.

4 - قولُه تعالى: ((وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى)): يقسِمُ ربُّنا لنبيِّه صلّى الله عليه وسلّم أنَّ الدارَ الآخِرةَ بما أعدَّه الله له فيها خيرٌ له من الدنيا وما فيها، وهذه بشارةٌ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فيها تأكيدُ عَدمِ تركِ الله وبغضِه له، فلا يحزنُ مما يقعُ له.

5 - قولُه تعالى: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)): ويقسِمُ له مؤكِّداً بأنه سيعطيه ويُنْعِمُ عليه كلَّ ما يرجوه من خيرٍ له ولأمَّتِه حتى يرضى بهذا العطاء.

6 - 8 - قولُه تعالى: ((أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى *وَوَجَدَكَ ضالا فَهَدَى *وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى)): يَمْتَنُّ اللَّهُ على نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم معدِّداً عليه شيئاً من نِعَمِه، وهي أنه كان يتيماً قد فَقَدَ أباهُ في الصِّغر، فجعلَ له مكاناً يرجِعُ إليه ويسكنُ فيه، وكان ذلك برعاية جَدِّهِ وعَمِّهِ له. وَوَجَدَكَ ضالًّا عن مَعْرِفَةِ الدِّين، فهداكَ إليه؛ كما قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ)) [الشورى: 52]. ووجدَكَ فقيراً فأغناك.

9 - 11 - قولُه تعالى: ((فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ *وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ *وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)): يقولُ تعالى لنبيِّه صلّى الله عليه وسلّم: فإذا علِمْتَ نِعمتي عليكَ في هذا فاشكُرها بأن لا تغلِبَ من فَقَدَ أباه، وهو دون سنِّ البلوغ، ولا تُذِلَّه بأي نوع من أنواعِ الإذلال، فتظلِمَه بذلك. وألا تزجُرَ الذي يسألُ عن دينه، أو يسألُكَ النَفَقَةَ من الفقراء. وأن تُخبِرَ الناسَ على سبيل الشكر لله بما أنعمَ عليك من نِعَمِه؛ كنِعْمَةِ القرآن، أو النبوَّة، أو غيرها، والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى