ولي العهد السعودي يزيد من جرعة التقارب مع الصين للرد على بايدن والكونغرس

> الرياض "الأيام" العرب اللندنية

> ​عكس الاتصال الذي جرى الجمعة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغبة من القيادة السعودية في زيادة جرعة التقارب مع الصين، وذلك ردا على محاولات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للضغط على الرياض كي تتراجع عن خططها لتوسيع دائرة التعاون مع بكين.

ووصف ولي العهد السعودي الصين بأنها شريك استراتيجي شامل ومهم بالنسبة إلى بلاده، وأنها “تولي أهمية كبيرة لوضع الصين وتطوير علاقاتها مع الصين، وملتزمة بشدة بمبدأ صين واحدة”.

وأضاف، وفق ما نقلت وكالة شينخوا الصينية، أن السعودية مستعدة للعمل مع الصين لتعزيز التبادلات رفيعة المستوى، وتوقيع اتفاقيات لتضافر رؤية السعودية 2030 مع مبادرة الحزام والطريق، وتعميق التعاون في مجالات، من بينها الاقتصاد والتجارة والنقل والبنية الأساسية والطاقة.

وقال متابعون للشأن الخليجي إن الاتصال -الذي جاء بعد ساعات من حث أعضاء في الكونغرس البيت الأبيض على أن يكون أكثر تشددا تجاه السعودية بسبب اعتزامها تسعير جزء من مبيعاتها النفطية باليوان الصيني- رسالة واضحة من المملكة مفادها أنها لا تتأثر بالتهديدات، وأن ما يحكم مواقفها هو مصالح السعودية دون سواها.

وأشار المتابعون إلى أن ما ورد على لسان الأمير محمد بن سلمان بشأن “تعزيز الاتصال والتنسيق مع الصين في الشؤون الدولية والإقليمية” يحمل ردا مباشرا على واشنطن التي تريد من الرياض أن تكون في صفها ضد روسيا، لافتين إلى أن سياسة ولي العهد السعودي الحالية تقوم على ترك الأميركيين يتصرفون وفق ما يريدون مقابل أن تنفذ السعودية ما تريده هي وفق ما تراه مناسبا لها، وهو ما يفسر تمسكها بتحالف أوبك+ ودفاعها عنه.

ويرى هؤلاء أن سياسة واشنطن السلبية تجاه الرياض، حليفتها الخليجية الأولى، قادت إلى توسيع الهوة بينهما خاصة بعد سحب منظومات دفاعية أميركية من المنطقة بزعم نقلها إلى شرق آسيا في وقت تواجه فيه السعودية مخاطر متعددة بسبب هجمات الحوثيين الصاروخية بدعم من إيران.

وأكد الرئيس الصيني أن الصين تدعم مسار السعودية “في حماية السيادة الوطنية والأمن والاستقرار، وفي استكشاف مسار التنمية المناسب لظروفها الوطنية بشكل مستقل”، في خطوة تظهر أن الصين مستعدة لملء الفراغ الدفاعي الذي تركه الأميركيون بعد سحب منظوماتهم الدفاعية من الخليج.

ويقول مراقبون إن الاستراتيجية المرتبكة لإدارة بايدن توفر فرصة لا تقدر بثمن للصين كي تكون لاعبا رئيسيا في منطقة حيوية من العالم وتقدّم الدعم الدفاعي اللازم الذي تبحث عنه دول مثل السعودية.

ونشرت وسائل إعلام غربية في السنوات الأخيرة تقارير عن دور صيني في تطوير القدرات السعودية لإنتاج وتطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى. وذكرت شبكة “سي أن أن” الأميركية أن الرياض “اشترت تكنولوجيا من الصين لتعزيز ترسانتها من السلاح في إطار سعيها لموازنة القوة مع إيران”.

وأشارت تقارير أخرى إلى أن السعوديين لجأوا إلى الصين للشروع في بناء البنية التحتية التي تقدر بمليارات الدولارات اللازمة لإنتاج الوقود النووي.

ويأخذ الأميركيون على محمل الجد التحديات التي يمكن أن تخلقها الأسلحة الصينية إذا وجدت الطريق مفتوحا أمامها في الشرق الأوسط، وخاصة المُسيّرات ذات الفاعلية العالية، والتي توصف بأنها “درون قاتلة تحلّق مثل أسراب النحل بشكل متناسق” وأنها لا تترك أحدا على قيد الحياة.

وأثار الإعلان عن زيارة مرتقبة من المزمع أن يقوم بها الرئيس الصيني إلى الرياض في مايو القادم جدلا داخل الولايات المتحدة لكونها تؤشّر على حدوث تغييرات جذرية لدى أهم شركاء واشنطن في الخليج.

وطلب نحو 30 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب من إدارة بايدن أن تكون أكثر تشددا تجاه السعودية، باعتبار أنها ليست شريكا استراتيجيا جيدا بعد رفضها المساعدة على تخفيف أزمة إمدادات النفط.

وأشار هؤلاء إلى أن السعودية لا تفعل شيئا لمساعدة الغرب على عزل روسيا بسبب حربها في أوكرانيا. كما حذّروا مما يروّج من تقارير تفيد بأن السعوديين يتباحثون مع الصين بشأن تسعير جزء من مبيعاتهم النفطية باليوان الصيني، وهي خطوة قد تضعف الدولار الأميركي.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية قد أوردت في عدد سابق أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل دعوة لزيارة المملكة، وأن السعودية تعتزم استقباله استقبالا حارا شبيها بذاك الذي حُظي به الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2017، عندما زار المملكة في أول رحلة خارجية له كرئيس.

ونقل تقرير الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله “ولي العهد وشي صديقان حميمان وكلاهما يدرك أن هناك إمكانات هائلة لتعزيز العلاقات. ليس الأمر مجرد أنهم يشترون منا النفط ونحن نشتري منهم أسلحة”.

وتعتبر الصين أكبر شريك تجاري للسعودية حاليا، وأكبر مستورد للنفط السعودي، وهذا في حد ذاته مؤشر على التطور الكبير الذي عرفته العلاقات بين البلدين، وتحديدا منذ عام 2000، حتى أن التجارة الثنائية قفزت من 3 مليارات دولار إلى 41.6 مليار دولار في عقد واحد، وفي عام 2017 بلغ حجمها 45 مليار دولار (حوالي 38 في المئة من إجمالي تجارة الصين مع دول الخليج).

وفي العام نفسه وقّع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال زيارته إلى الصين اتفاقية تعاون في مجال أبحاث الفضاء بين البلدين، حيث قرر السعوديون إنشاء بنية تحتية للبحث والتطوير وإنتاج الأقمار الصناعية بمساعدة صينية من أجل الحصول على الاستقلال في هذا المجال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى