آثار اليمن للبيع فى مزادات أوروبا

> القاهرة «الأيام» إبراهيم العشماوي* :

> مرارة وألم يجتاحان الأوساط الثقافية والشعبية اليمنية، فيما تتابع بحسرة مزادات فى عواصم أوروبية، تعرض قطعًا أثرية أصلية جرى نهبها من قبل عصابات منظمة أو عناصر ذات نفوذ على مدار أعوام الحرب الثمانية، بل وقبلها بعقود، فتصبح حضارة «سبأ» و«حمير» و"معين» و«الأحقاف» ومدينة سام بن نوح، فى مهب أطماع سماسرة ولصوص التراث.

ففجر ذلك محاولات للتصدي من جانب المهتمين بحضارة وتاريخ اليمن داخل البلاد وخارجها. لتلقى تفاعلًا واسعًا من آلاف المتابعين حول العالم، وتدفع وزارة الخارجية اليمنية للدخول على خط الاهتمام.

التمثال اليمني المراد إنقاذه قبل 12 يوليو
التمثال اليمني المراد إنقاذه قبل 12 يوليو

كشف الروائي اليمني المقيم فى باريس، علي المقري، أن أحد دور المزادات فى ألمانيا عرضت قطعة أثرية يمنية للبيع فى مزاد مقرر له يوم 12 يوليو المقبل. والقطعة عبارة عن تجسيد لامرأة جميلة من قوم «سبأ»، مصنوعة من المرمر، وتعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ودعا المقري المهتمين بالتاريخ اليمني لأن يسارعوا للتدخل واستعادة القطعة المميزة.

يؤكد المقري أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى تعرض فيها آثار يمنية فى المزادات الأوروبية، والتى يتم تهريبها من اليمن، مشيرًا إلى أن العملية تحتاج لجهد ضخم يشمل مؤسسات يمنية ودولية تتابع مصادر ومسارات التهريب والسرقة للآثار لتكون هناك مساءلة قانونية.

وطالب المقري، الحائز على وسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب بمرتبة فارس من الدرجة الأولى، بمتابعة ما يتم عرضه فى المزادات العالمية والعمل على استرداد ما يمكن استرداده سواء بإثبات الملكية أو من خلال تتبع مصير القطع المباعة، لما لها من أهمية علمية ورمزية تاريخية عظيمة.


ويؤكد عبد الله محسن، مؤلف وباحث يمني مهتم بتتبع آثار اليمن المنهوبة، لـ «الأهرام» أن الكارثة الحقيقية هى عدم وجود إحصاءات رسمية لعدد القطع المهربة، لكنه يقدر عدد القطع المعروضة فى المزادات والمنصات المتعددة خلال فترة الحرب بما يزيد على 10 آلاف قطعة أثرية، ولعل الحرب ساهمت فى ضياعها، حيث تمت عمليات نهب وتهريب منظمة وواسعة لكميات ضخمة من القطع الأثرية.

ويضرب محسن مثلًا بواقعة التقاضي الـ «قبلي»، التي تتم وفقًا لأعراف القبيلة وبعيدًا عن نظام المحاكم، بين ورثة أحد كبار مالكي الآثار فى اليمن حول القطع التى كان يمتلكها، وهى بالآلاف ليتم توزيعها بينهم بحسب قواعد الميراث الشرعى. ويرجح محسن أن يكون مصير هذه القطع هو مغادرة أراضي اليمن والبيع فى الخارج، إذا لما تبادر الدولة بمصادرتها.

ويرصد الباحث اليمني أحوال المزادات الجارية فى أوروبا وغيرها، والتى تشهد انتعاشة بعد فترة إقفال تسببت بها الجائحة، ففى نهاية ديسمبر الماضي، بيعت 24 قطعة أثرية يمنية فى مزاد «دار سوذبي» بأكثر من 2٫5 مليون دولار وكلها من مقتنيات ورثة أنتونى بيس، وهو رجل أعمال فرنسى المولد أقام فى عدن كعامل فى شركة لتصدير البن. ويوم الجمعة الماضي، بيعت عدة قطع فى مزاد «سيتدارت»، وهى آثار غادرت البلاد خلال فترة الحرب، وهناك عمليات تتم فى جلسات بيع مغلقة، وغالبًا تصبح القطع المباعة ملكًا لأسر ثرية تعرض فى قصورها، ثم تصل للمزادات بعد سنوات عديدة إذا كتب لها ذلك.

واجهة قبر يمني في معرض بإسبانيا
واجهة قبر يمني في معرض بإسبانيا

وفى تصريحات لرئيس الهيئة اليمنية العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات السابق مهند السياني، فإن الأجهزة الأمنية ووحدة مكافحة تهريب الآثار ضبطت 1500 قطعة أثرية بمطار صنعاء الدولي كانت فى طريقها إلى خارج البلاد، ومنها قطع تاريخية نادرة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى عملات أثرية متنوعة تعود لفترتي ما قبل الإسلام وما بعد الإسلام، ومعهم مجموعات خشبية مزخرفة قديمة، وحلي ومشغولات فضية ومعدنية تعود إلى نمط الصناعة البوسانية.

وكانت هيئة الآثار التابعة لجماعة الحوثيين بصنعاء قد أعدت قوائم بأكثر من 120 قطعة أثرية قالت إنه تم نهبها وتهريبها خارج اليمن وإن كثيرًا منها يعرض فى مزادات عالمية منها قطع أثرية سرقت من خمسة متاحف جنوبية عام 1994 أثناء حرب الانفصال، وفى الوقت نفسه تتهم الحكومة اليمنية الشرعية جماعة الحوثى بتدمير كثير من المواقع التاريخية التى تقع تحت سيطرتها والتورط فى تهريب كثير من القطع الأثرية لتمويل مشاريعها، فيوضح أمين العاصمة صنعاء فى الحكومة الشرعية، عبد الغني جميل أن الحوثيين هربوا وأخفوا ما يزيد على 14 ألف مخطوطة يمنية نادرة ومئات القطع الأثرية.

وعلى خلفية هذه الدعاوى والمخاوف بشأن مصير آثار الحضارة اليمنية، أصدرت وزارة الخارجية اليمنية بيانًا طالبت فيه دولًا أوروبية بمنع بيع آثار يمنية فى مزاداتها، وطالبت وزارة الخارجية بتسليم القطع الأثرية المنهوبة إلى سلطاتها المختصة.

* عن الأهرام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى